جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ ابْنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ العَبَّاسِيُّ
 
الأَمِيْرُ، سَيِّدُ بَنِي هَاشِمٍ، أَبُو القَاسِمِ العَبَّاسِيُّ، ابْنُ عَمِّ المَنْصُوْرِ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ.
وَعَنْهُ: ابْنَاهُ؛ قَاسِمٌ وَيَعْقُوْبُ، وَعُمَرُ بنُ عَامِرٍ، وَالأَصْمَعِيُّ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ المُلُوْكِ جُوداً وَبَذْلاً، وَشَجَاعَةً وَعِلماً، وَجَلاَلَةً، وَسُؤْدُداً، وَلِيَ المَدِيْنَةَ، ثُمَّ مَكَّةَ مَعَهَا، ثُمَّ عُزِلَ، فَوَلِيَ البَصْرَةَ لِلرَّشِيْدِ.
قَالَ عَبْدُ السَّمِيْعِ بنُ عَلِيٍّ: لاَ نَعْرِفُ فِي بَنِي هَاشِمٍ أَغبَطَ مِنْهُ، حَصَلَ لَهُ الشَّرَفُ وَالإِمْرَةُ وَالمَالُ الجَمُّ، وَالأَوْلاَدُ الزُّهْرُ، وَالعَبِيْدُ.
مَاتَ: عَنْ ثَمَانِيْنَ وَلداً لِصُلبِه، مِنْهُم ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ ذَكَراً.
وَوَلِيَ ابْنُهُ أَيُّوْبُ اليَمَنَ فِي حَيَاتِه.
وَلَهُ: مَآثِرُ كَثِيْرَةٌ، وَوَقْفٌ عَلَى المُنْقَطِعِيْنَ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَكرَمَ أَخْلاَقاً، وَلاَ أَشْرَفَ أَفْعَالاً مِنْهُ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ حَبِيْبُ بنُ شَوْذَبٍ:
يَا أَيُّهَا السَّائِلُ عَنْ هَاشِمٍ * هَلْ لَكَ فِي سَيِّدِهَا جَعْفَرِ؟
هَلْ لَكَ فِي أَشْبَهِهِمْ غُرَّةً * إِذَا بَدَا بِالقَمَرِ الأَزْهَرِ؟
وَلِي المَدِيْنَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، بَعْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ الرَّبِيْعِ الحَارِثِيِّ. (8/240)
(15/238)

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَكِبَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ فِي زِيٍّ عَجِيْبٍ مِنَ التَّجَمُّلِ، وَكَانَ بِالبَصْرَةِ فَقِيْهٌ صَالِحٌ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ، فَخَرَجَ إِلَى طَرِيْقِ جَعْفَرٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا جَعْفَرُ! اُنْظُرْ أَيَّ رَجُلٍ تَكُوْنُ إِذَا خَرَجتَ مِنْ قَبْرِكَ، وَحُمِلْتَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهَذَا الجَمعُ وَالزِّيُّ لاَ يُسَاوِي غَداً حَبَّةً، وَلاَ يُغْنُوْنَ عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً، إِنَّكَ تَمُوتُ وَحدَكَ، وَتَدْخُلُ قَبْرَكَ وَحْدَكَ، وَتَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَحدَكَ، وَتُحَاسَبُ وَحدَكَ، فَانظُرْ لِنَفسِكَ، فَقَدْ نَصَحتُكَ.
ذَكَرَ ابْنُ الفُوْطِيِّ جَعْفَراً، فَلَقَّبَهُ: بِسَيِّدِ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَ: كَانَ لَهُ بِالبَصْرَةِ كُلَّ يَوْمٍ غَلَّةُ ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: غَسَّلتُ جَعْفَرَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَزَرَرْتُ عَلَيْهِ قَمِيْصَه حِيْنَ أَلبَستُهُ الكَفَنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمُّهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بِتِسْعَةِ أَثْوَابٍ لِيُكَفِّنَه فِيْهَا، فَمَا كُفِّنَ إِلاَّ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ عَمَلاً بِالسُّنَّةِ.
وَقَدِ امْتَدَحَه جَمَاعَةٌ، وَأَخَذُوا جَوَائِزَه.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ. (8/241)
(15/239)