مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ الأُمَوِيُّ المَرْوَانِيُّ
 
صَاحِبُ الأَنْدَلُس، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِيُّ.
كَانَ مُحِبّاً لِلْعِلْمِ، مُؤْثِراً لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ، مُكْرِماً لَهُم، حَسَنَ السِّيْرَةِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَر بَقِيَّ بنَ مَخْلَدٍ الحَافِظَ عَلَى أَهْلِ الرَّأْيِ.
قَالَ بَقِيٌّ: مَا كَلَّمتُ أَحَداً مِنَ المُلُوْكِ أَكْمَلَ عَقْلاً، وَلاَ أَبلَغَ لَفْظاً مِنَ الأَمِيْرِ مُحَمَّدٍ، وَلَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً فِي مَجْلِسِ خِلاَفَتِهِ، فَافْتَتَحَ الكَلاَمَ بِحَمْدِ اللهِ، وَالصَّلاَةِ عَلَى نَبِيِّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الخُلَفَاءَ، فَحَلَّى كُلَّ وَاحِدٍ بِحِلْيَتِهِ وَصِفَتِهِ، وَذَكَرَ مَآثِرَهُ بِأَفْصَحِ لِسَانٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى نَفْسِهِ، فَحَمِدَ اللهَ عَلَى مَا قَدَّرَهُ، ثُمَّ سَكَتَ.
قُلْتُ: رَأَى مُصَنَّفَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، إِذْ نَازَعَ أَهْلُ الرَّأْيِ بَقِيَّ بنَ مَخْلَدٍ، فَأَمَرَ بِنَسْخِهِ، وَقَالَ: لاَ تَسْتَغْنِي خِزَانَتُنَا عَنْ هَذَا. (8/263)
وَكَانَ ذَا رَأْيٍ، وَحَزْمٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَإِقدَامٍ.
بُوْيِعَ عِنْدَ مَوْتِ وَالِدِه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَهُ إِحْدَى وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً، وَذَلِكَ بِعَهْدٍ مِنْ وَالِدِهِ.
وَأُمُّهُ: أُمُّ وَلَدٍ.
وَامْتَدَّتْ دَوْلَتُهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَتَوَغَّلُ فِي بِلاَدِ الرُّوْمِ، وَيَبْقَى فِي الغَزْوِ السَّنَةَ وَأَكْثَرَ.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ بنُ الجَوْزِيِّ: هُوَ صَاحِبُ وَقْعَةِ سَلِيْطٍ.
وَهِي مَلْحَمَةٌ مَشْهُوْرَةٌ لَمْ يُعْهَدْ قَبْلَهَا بِالأَنْدَلُسِ مِثْلُهَا.
يُقَالُ: قُتِلَ فِيْهَا ثَلاَثُ مائَةِ أَلْفِ كَافِرٍ.
وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ نَسْمَعْ بِمِثْلِهِ.
قَالَ: وَللشُّعَرَاءِ فِيْهِ مَدَائِحُ كَثِيْرَةٌ.
قَالَ اليَسَعُ بنُ حَزْمٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يُسَمَّى: بِالأَمِيْنِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي آخِرِ صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمَائَتَيْنِ، عَنْ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-. (8/264)
(15/266)