سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ مَيْمُوْنٍ الهِلاَلِيُّ (ع) ب
 
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ جَالَسْتُ عَبْدُ الكَرِيْمِ أَبُو أُمَيَّةَ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ: وَقَرَأْتُ القُرْآنَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً يَخْتَبِرُ الحَدِيْثَ إِلاَّ وَيُخْطِئُ، إِلاَّ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ حَمَّادٍ الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
قَالَ حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ -: إِذَا قَالَ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، بَانَتْ بِالأُوْلَى، وَبَطَلَتِ الثِّنْتَانِ.
قَالَ سُفْيَانُ: رَأَيْتُ حَمَّاداً قَدْ جَاءَ إِلَى طَبِيْبٍ عَلَى فَرَسٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: إِمَامٌ، ثِقَةٌ، كَانَ أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ مِنْ شُعْبَةَ.
قَالَ: وَأَثْبَتُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ هُوَ وَمَالِكٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيْتُ بَعْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ مِثْلَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي حُسْنِ المَنْطِقِ.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ. (8/465)
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: الوَرَعُ طَلَبُ العِلْمِ الَّذِي بِهِ يُعْرَفُ الوَرَعُ.
رَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ ثَمَانِيْنَ مَوْقِفاً.
وَيُرْوَى: أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَقُوْلُ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ: اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ العَهدِ مِنْكَ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، لَمْ يَقُلْ شَيْئاً، وَقَالَ: قَدِ اسْتَحْيَيتُ مِنَ اللهِ -تَعَالَى-.
(15/489)

وَقَدْ كَانَ لِسُفْيَانَ عِدَّةُ إِخْوَةٍ، مِنْهُم: عِمْرَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَآدَمُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُيَيْنَةَ، فَهَؤُلاَءِ قَدْ رَوَوُا الحَدِيْثَ.
وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ مَشْهُوْراً بِالتَّدْلِيسِ، عَمَدَ إِلَى أَحَادِيْثَ رُفِعَتْ إِلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، فَيَحذِفُ اسْمَ مَنْ حَدَّثَهُ وَيُدَلِّسُهَا، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُدَلِّسُ إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ عِنْدَهُ.
فَأَمَّا مَا بَلَغَنَا عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، أَنَّهُ قَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ اخْتُلِطَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، فَهَذَا مُنْكَرٌ مِنَ القَوْلِ، وَلاَ يَصِحُّ، وَلاَ هُوَ بِمُسْتقِيْمٍ، فَإِنَّ يَحْيَى القَطَّانَ مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، مَعَ قُدُوْمِ الوَفْدِ مِنَ الحَجِّ، فَمَنِ الَّذِي أَخْبَرَهُ باخْتِلاَطِ سُفْيَانَ، وَمتَى لَحِقَ أَنْ يَقُوْلَ هَذَا القَوْلَ، وَقَدْ بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ؟ (8/466)
وَسُفْيَانُ: حُجَّةٌ مُطْلَقاً، وَحَدِيْثُهُ فِي جَمِيْعِ دَوَاِينِ الإِسْلاَمِ، وَوَقَعَ لِي كَثِيْرٌ مِنْ عَوَالِيْهِ، بَلْ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِبْطِ الحَافِظِ السِّلَفِيِّ مِنْ عَوَالِيْهِ جُمْلَةٌ صَالِحَةٌ، مِنْهَا (جُزءُ ابْنِ عُيَيْنَةَ)، رِوَايَةَ المَرْوَزِيِّ عَنْهُ، وَفِي (جُزْءِ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ)، رِوَايَةَ العَبَّادَانِ، وَجُزْآنِ لِعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، رِوَايَةَ نَافِلَتِهِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عُمَرَ الطَّائِيِّ، وَفِي (الثَّقَفِيَّاتِ)، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَدْ جَمَعَ عَوَالِي ابْنِ عُيَيْنَةَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَبَعْدَهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ.
(15/490)

وَكَانَ سُفْيَانُ -رَحِمَهُ اللهُ- صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ.
قَالَ الحَافِظُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الجَوَّازُ، قَالَ:
رَأَيْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ سَأَلَهُ رَجُلٌ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟
قَالَ: كَلاَمُ اللهِ، مِنْهُ خَرَجَ، وَإِلَيْهِ يَعُوْدُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ: حَدَّثَنَا لُوَيْنُ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ عُيَيْنَةَ: هَذِهِ الأَحَادِيْثُ الَّتِي تُرْوَى فِي الرُّؤْيَةِ؟
قَالَ: حَقٌّ عَلَى مَا سَمِعْنَاهَا مِمَّنْ نَثِقُ بِهِ وَنَرْضَاهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، وَجَعَلتُ أُلِحُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: دَعْنِي أَتَنَفَّسُ.
فَقُلْتُ: كَيْفَ حَدِيْثُ عَبْدِ اللهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ اللهَ يَحْمِلُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ)؟
وَحَدِيْثُ: (إِنَّ قُلُوْبَ العِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابعِ الرَّحْمَنِ).
وَحَدِيْثُ: (إِنَّ اللهَ يَعْجَبُ - أَوْ يَضْحَكُ - مِمَّنْ يَذْكُرُهُ فِي الأَسْوَاقِ).
فَقَالَ سُفْيَانُ: هِيَ كَمَا جَاءتْ، نُقِرُّ بِهَا، وَنُحَدِّثُ بِهَا بِلاَ كَيْفٍ. (8/467)
أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بنُ جنَّادٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، وَسَأَلُوْهُ أَنْ يُحَدِّثَ، فَقَالَ:
مَا أَرَاكُم لِلْحَدِيْثِ مَوْضِعاً، وَلاَ أُرَانِي أَنْ يُؤْخَذَ عَنِّي أَهْلاً، وَمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُم إِلاَّ مَا قَالَ الأُوَلُ: افْتَضَحُوا، فَاصْطَلَحُوا.
(15/491)

قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الأَشْعَثِ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ، كُفِيَ مَا لَمْ يَعْلَمْ. (8/468)
وَعَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: مَنْ رَأَى أَنَّهُ خُيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَقَدِ اسْتَكْبَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ إِبْلِيْسَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ: مَا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا؟
قَالَ: إِذَا أُنْعِمَ عَلَيْهِ، فَشَكَرَ، وَإِذَا ابْتُلِيَ بِبَلِيَّةٍ، فَصَبَرَ، فَذَلِكَ الزُّهْدُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، يَقُوْلُ: لاَ أُحْسِنُ.
فَنَقُوْل: مَنْ نَسْأَلُ؟
فَيَقُوْلُ: سَلِ العُلَمَاءَ، وَسَلِ اللهَ التَّوفِيْقَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ.
الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قِيْلَ لِسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ:
إِنَّ بِشْراً المَرِيْسِيَّ يَقُوْلُ: إِنَّ اللهَ لاَ يُرَى يَوْمَ القِيَامَةِ.
فَقَالَ: قَاتَلَ اللهُ الدُّوَيْبَّةَ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَلاَّ إِنَّهُم عَنْ رَبِّهِم يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُوْنَ} [المُطَفِّفِيْنَ: 15]، فَإِذَا احْتَجَبَ عَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالأَعْدَاءِ، فَأَيُّ فَضْلٍ لِلأَوْلِيَاءِ عَلَى الأَعْدَاءِ.
(15/492)

وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ فِي (تَارِيْخِهِ): حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَفَّانَ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ فِي السَّنَةِ الَّتِي أَخَذُوا فِيْهَا بِشْراً المَرِيْسِيَّ بِمِنَىً، فَقَامَ سُفْيَانُ فِي المَجْلِسِ مُغْضَباً، فَقَالَ: لَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي القَدَرِ وَالاعْتِزَالِ، وَأُمِرْنَا بِاجْتِنَابِ القَوْمِ، رَأَيْنَا عُلَمَاءنَا، هَذَا عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَهَذَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ - حَتَّى ذَكَرَ أَيُّوْبَ بنَ مُوْسَى وَالأَعْمَشَ وَمِسْعَراً - مَا يَعْرِفُوْنَهُ إِلاَّ كَلاَمَ اللهِ، وَلاَ نَعْرِفُهُ إِلاَ كَلاَمَ اللهِ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ مَرَّتَيْنِ، فَمَا أَشْبَهَ هَذَا بِكَلاَمِ النَّصَارَى، فَلاَ تُجَالِسُوهُم. (8/469)
قَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: سُئِلَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْدِ، قَالَ:
الزُّهْدُ فِيْمَا حَرَّمَ اللهُ، فَأَمَّا مَا أَحَلَّ اللهُ، فَقَدْ أَبَاحَكَهُ اللهُ، فَإِنَّ النَّبِيِّيْنَ قَدْ نَكَحُوا، وَرَكِبُوا، وَلَبِسُوا، وَأَكَلُوا، لَكِنَّ اللهَ نَهَاهُم عَنْ شَيْءٍ، فَانْتَهَوْا عَنْهُ، وَكَانُوا بِهِ زُهَّاداً.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ لاَ يُرِيْدُ النِّسَاءَ، لأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقُ مِنْ نُطْفَةٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِيْمَا نَعْلَمُ، أَشَدَّ تَشَبُّهاً بِعِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ.
وَرَوَى: عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ: {وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ} [النِّسَاءُ: 69]، قَالَ:
الصَّالِحُوْنَ: هُم أَصْحَابُ الحَدِيْثِ.
(15/493)

وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زَيْدِ بنِ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
أَنَا أَحقُّ بِالبُكَاءِ مِنَ الحُطَيْئَةِ، هُوَ يَبْكِي عَلَى الشِّعْرِ، وَأَنَا أَبْكِي عَلَى الحَدِيْثِ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ عَقِيْبَ هَذَا: أُرَاهُ قَالَ هَذَا حِيْنَ حُصِرَ فِي البَيْتِ عَنِ الحَدِيْثِ، لأَنَّهُ اخْتُلِطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا لاَ نُسَلِّمُهُ، فَأَيْنَ إِسْنَادُكَ بِهِ؟ (8/470)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ الحَدَّادُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا مَسْعُوْدٌ الجَمَّالُ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ الثَّقَفِيُّ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ يَقُوْلُ: عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ:
أَتَيْتُ صَفْوَانَ بنَ عَسَّالٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟
قُلْتُ: جِئْتُ ابْتِغَاءَ العِلْمِ.
قَالَ: فَإِنَّ المَلاَئِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالبِ العِلْمِ، رِضَىً بِمَا يَطْلُبُ.
قُلْتُ: حَكَّ فِي نَفْسِي - أَوْ صَدْرِي - مَسْحٌ عَلَى الخُفَّينِ بَعْدَ الغَائِطِ وَالبَوْلِ، فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذَلِكَ شَيْئاً؟
قَالَ: نَعَمْ، كَانَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَراً، أَوْ مُسَافِرِيْنَ، أَنْ لاَ نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيْهِنَّ، إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ نَوْمٍ.
قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ الهَوَى؟
(15/494)

قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَا نَحْنُ مَعَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيْرٍ، إِذْ نَادَاهُ أَعْرَابِيٌّ بصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ!
فَأَجَابَهُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ كَلاَمِهِ: هَاؤُم.
قَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً أَحَبَّ قَوْماً، وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِم؟
قَالَ: (المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ).
ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا: أَنَّ مِنْ قِبَلِ المَغْرِبِ بَاباً يَفْتَحُ اللهُ لِلتَّوْبَةِ مَسِيْرَةَ عَرْضِهِ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً، فَلاَ يَزَالُ مَفْتُوحاً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ قِبَلِهِ، وَذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}، الآيَةَ [الأَنْعَامُ: 158].
وَبِهِ: قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَنَا مَحْرَمٌ لِبَعْضِ النِّسَاءِ، وَمَنْ حَجَّ بَعْدِي لَمْ يَرَهُ، مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ. (8/471)
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ، دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاَهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا.
أَخْرَجَهُ: الشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.
(15/495)

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ المِصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ السُّكَّرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيُّ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَتِيْقٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ الجَوَائِحِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِيْنَ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى. (8/472)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البنَّاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَخَّصَ فِي العَرَايَا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَكَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَجَمَاعَةٌ:
(15/496)

أَنَّ القَاضِي أَبَا القَاسِمِ عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ، أَخْبَرَهُم فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَسِتِّ مائَةٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ الفَرَضِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مَطَرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {لاَ يُحِبُّ اللهَ الجَهْرَ بِالسُّوْءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ...} [النِّسَاءُ: 148]، قَالَ:
ذَلِكَ فِي الضِّيَافَةِ، إِذَا أَتَيْتَ رَجُلاً، فَلَمْ يُضِفْكَ، فَقَدْ رُخِّصَ لَكَ أَنْ تَقُوْلَ. (8/473)
قَالَ ابْنُ دَاوُدَ فِي كِتَابِ (الشَّرِيْعَةِ): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي بَزَّةَ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
لَوْ صَلَّيْتَ خَلْفَ مَنْ يَقْرَأُ بقِرَاءةِ حَمْزَةَ، لأَعَدْتُ.
وَثَبَتَ مِثْلُ هَذَا عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ نَحْوَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحُوَيْطِبِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: قِرَاءةُ حَمْزَةَ بِدْعَةٌ.
قُلْتُ: مُرَادُهُم بِذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ قَبِيْلِ الأَدَاءِ، كَالسَّكْتِ، وَالاجتِمَاعِ فِي نَحْوِ: شَاءَ، وَجَاءَ، وَتَغْيِيرِ الهَمزِ، لاَ مَا فِي قِرَاءتِهِ مِنَ الحُرُوْفِ، هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ لِي، فَإِنَّ الرَّجُلَ حُجَّةٌ، ثِقَةٌ فِيْمَا يُنْقَلُ.
(15/497)

قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ وَالاَنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بِشْرٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
غَضَبُ اللهِ الدَّاءُ الَّذِي لاَ دوَاءَ لَهُ، وَمَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ، أَحْوَجَ اللهُ إِلَيْهِ النَّاسَ. (8/474)
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَشِيَّةَ السَّبْتِ، نِصْفَ شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ يَقُوْلُ:
كَمُلَ لِي فِي هَذَا اليَوْمِ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وُلِدْتُ لِلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
فِي (فَاصِلِ) الرَّامَهُرْمُزِيِّ، قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الجَرْدَانِيُّ:
قَالَ الخُطَيْمُ فِي ابْنِ عُيَيْنَةَ:
سِيْرِي نَجَاءً وَقَاكِ اللهُ مِنْ عَطَبٍ * حَتَّى تُلاَقِي بَعْدَ البَيْتِ سُفْيَانَا
شَيْخُ الأَنَامِ وَمَنْ حَلَّتْ مَنَاقِبُهُ * لاَقَى الرِّجَالَ وَحَازَ العِلْمَ أَزْمَانَا
حَوَى بَيَاناً وَفَهْماً عَالِياً عَجَباً * إِذَا يَنُصُّ حَدِيْثاً نَصَّ بُرْهَانَا
تَرَى الكُهُولَ جَمِيْعاً عِنْدَ مَشْهَدِهِ * مُسْتَنْصِتِيْنَ وَشِيخَاناً وَشُبَّانَا
يَضُمُّ عَمْراً إِلَى الزُّهْرِيِّ يُسْنِدُهُ * وَبَعْدَ عَمْرٍو إِلَى الزُّهْرِيِّ صَفْوَانَا
وَعَبْدَةً وَعُبَيْدَ اللهِ ضَمَّهُمَا * وَابْنَ السَّبِيْعِيِّ أَيْضاً وَابْنَ جُدْعَانَا
فَعَنْهُمُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ يُوْسِعُنَا * عِلْماً وَحُكْماً وَتَأْوِيلاً وَتِبْيَانَا
وَقَالَ الرِّيَاشِيُّ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ يَرْثِي ابْنَ عُيَيْنَةَ:
لِيَبْكِ سُفْيَانَ بَاغِي سُنَّةٍ دَرَسَتْ * وَمُسْتبِيْنُ أَثَارَاتٍ وَآثَارِ
وَمُبْتَغِي قُرْبَ إِسْنَادٍ وَمَوْعِظَةٍ * وَوَاقِفِيُّوْنَ مِنْ طَارٍ وَمِنْ سَارِي
(15/498)

أَمْسَتْ مَنَازِلُهُ وَحْشاً مُعَطَّلَةً * مِنْ قَاطِنِيْنَ وَحُجَّاجٍ وَعُمَّارِ
مِنَ الحَدِيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ يُسْنِدُهُ * وَلِلأَحَادِيْثِ عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارِ
مَا قَامَ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ قَالَ: حَدَّثَنَا * الزُّهْرِيُّ، فِي أَهْلِ بَدْوٍ أَوْ بِإِحْضَارِ
وَقَدْ أَرَاهُ قَرِيْباً مِنْ ثَلاَثِ مِنَىً * قَدْ خَفَّ مَجْلِسَهُ مِنْ كُلِّ أَقْطَارِ
بَنُو المَحَابِرِ وَالأَقلاَمِ مُرْهَفَةً * وَسمَاسِمَاتٍ فَرَاهَا كُلُّ نَجَّارِ (8/475)