يَزِيْدُ بنُ مَزْيَدِ بنِ زَائِدَةَ أَبُو خَالِدٍ الشَّيْبَانِيُّ
 
أَمِيْرُ العَرَبِ، أَبُو خَالِدٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَحَدُ الأَبْطَالِ وَالأَجْوَادِ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي الأَمِيْر مَعْنِ بنِ زَائِدَةَ.
وَلِيَ اليَمِنَ، ثُمَّ وَلِيَ أَذْرَبِيْجَانَ وَأَرْمِيْنِيَةَ لِلرَّشِيْدِ، وَقَتَلَ رَأْسَ الخَوَارِجِ الوَلِيْدَ بنَ طَرِيْفٍ.
وَكَانَ يَزِيْدُ مَعَ فَرطِ شَجَاعَتِهِ وَكَرَمِهِ مِنْ دُهَاةِ العَرَبِ، وَتَمَّتْ لَهُ حُرُوْبٌ مَعَ الوَلِيْدِ، حَتَّى إِنَّهُ بَارَزَهُ بِنَفْسِهِ، فَتَصَاوَلاَ نَحْوَ سَاعَتَيْنِ، وَتَعَجَّبَ مِنْهُمَا الجَمْعَانِ، ثُمَّ ضَرَبَ رِجْلَ الوَلِيْدَ، فَسَقَطَ، وَكِلاَهُمَا مِنْ بَنِي شَيْبَانَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الرَّشِيْدَ قَالَ لَهُ: يَا يَزِيْدُ! مَا أَكْثَرَ أُمَرَاءَ المُؤْمِنِيْنَ فِي قَوْمِكَ!
قَالَ: نَعَمْ، إِلاَ أَنَّ مَنَابِرَهُمُ الجُذُوْعُ. (9/72)
وَقِيْلَ: إِنَّ الرَّشِيْدَ أَعْطَاهُ لَمَّا بَعَثَهُ لِحَربِ الوَلِيْدِ ذُوْ الفَقَارِ، وَقَالَ: سَتُنْصَرُ بِهِ.
فَقَالَ مُسْلِمُ بنُ الوَلِيْدِ:
أَذَكَرْتَ سَيْفَ رَسُوْلِ اللهِ سُنَّتَه * وَبَأْسَ أَوَّلِ مَنْ صَلَّى وَمَنْ صَامَا
يَعْنِي: عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ الرَّشِيْدَ مُتَقَلِّداً سَيْفاً، فَقَالَ: أَلاَ أُرِيْكَ ذُو الفَقَارِ؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: اسْتَلَّ سَيْفِي.
فَاسْتَلَلْتُهُ، فَرَأَيْتُ فِيْهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ فَقَارَةً.
وَلِمَنْصُوْرِ بنِ الوَلِيْدِ:
لَوْ لَمْ يَكُنْ لِبَنِي شَيْبَانَ مِنْ حَسَبٍ * سِوَى يَزِيْدَ، لَفَاتُوا النَّاسَ بِالحَسَبِ
قِيْلَ: نَظَرَ يَزِيْدُ إِلَى لِحْيَةٍ عَظِيْمَةٍ مَخضُوبَةٍ، فَقَالَ لِصَاحِبِهَا: أَنْتَ مِنْ لِحْيَتِكِ فِي مُؤنَةٍ.
قَالَ: أَجَلْ، وَلِذَلِكَ أَقُوْلُ:
لَهَا دِرْهَمٌ لِلطِّيْبِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ * وَآخَرُ لِلْحِنَّاءِ يَبْتَدِرَانِ
وَلَوْلاَ نَوَالٌ مَنْ يَزِيْدَ بنِ مَزْيَدٍ * لَصَوَّتَ فِي حَافَاتِهَا الجَلَمَانِ
وَبَلَغَنَا أَنَّ يَزِيْدَ بنَ مَزْيَدٍ أُهْدِيَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَاقْتَضَّهَا، فَمَاتَ عَلَى صَدْرِهَا بِبَرْذَعَةَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وَخَلَّفَ ابْنَيْهِ الأَمِيْرَيْنِ: خَالِداً، وَمُحَمَّداً.
وَلِمُسْلِمٍ فِيْهِ مَدَائِحُ بَدِيْعَةٌ. (9/73)
(17/70)