عَبْدُ المَلِكِ بنُ صَالِحِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ
 
الأَمِيْرُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَبَّاسِيُّ.
وَلِيَ المَدِيْنَةَ، وَغَزْوَ الصَّوَائِفِ لِلرَّشِيْدِ، ثُمَّ وَلِيَ الشَّامَ وَالجَزِيْرَةَ لِلأَمِيْنِ.
قِيْلَ: بَلَغَ الرَّشِيْدَ أَنَّ هَذَا فِي عَزْمِ الوُثُوبِ عَلَى الخِلاَفَةِ، فَقَلِقَ، ثُمَّ حَبَسَهُ، ثُمَّ لاَحَ لَهُ بَرَاءتُهُ، فَأَنْعَمَ عَلَيْهِ.
وَكَانَ فَصِيْحاً، بَلِيْغاً، شَرِيْفَ الأَخْلاَقِ، مَهِيْباً، شُجَاعاً، سَائِساً.
قِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى البَرْمَكِيَّ قَالَ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ حَقُودٌ.
قَالَ: إِنْ كَانَ الحِقدُ بَقَاءَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ، إِنَّهُمَا لَبَاقِيَانِ فِي قَلْبِي.
فَقَالَ الرَّشِيْدُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً احْتَجَّ لِلْحقدِ بِأَحْسَنَ مِنْ هَذَا.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: كَانَ أَفصَحَ النَّاسِ وَأَخطَبَهُم، لَمْ يَكُنْ فِي دَهْرِهِ مِثْلُهُ فِي فَصَاحْتِهِ، وَصِيَانَتِهِ، وَجَلاَلتِهِ، وَلَهُ شِعرٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ المَلِكِ أَرَادَ أَنْ يَغْتَالَ مَلِكَ الرُّوْمِ بِمَكِيدَةٍ، وَكَانَ مِنْ دُهَاةِ بَنِي هَاشِمٍ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ نَسِيجَ وَحدِهِ أَدَباً، وَلِسَاناً، وُشِيَ بِهِ، وَتَتَابَعَتْ فِيْهِ الأَخْبَارُ، وَكَثُرَ حَاسِدُوْهُ، وَبَلَغَ الرَّشِيْدَ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَى عَزْمِ الخُرُوْجِ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَا حَبَسَهُ إِلاَّ لَمَّا رَآهُ لَهُ نَظِيْراً فِي السُّؤْدُدِ.
مَاتَ: بِالرَّقَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَقَدْ مَرَّ مِنْ سِيْرَتِهِ فِي تَرْجَمَةِ البَرْمَكِيِّ.
وَهُوَ أَخُو الأَمِيْرِ أَبِي العَبَّاسِ الفَضْلِ بنِ صَالِحٍ، نَائِبِ دِمَشْقَ ثُمَّ مِصْرَ لِلْمَهْدِيِّ، وَهُوَ الَّذِي عَمِلَ أَبْوَابَ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَقُبَّةَ المَالِ بِالجَامِعِ، فَكَانَ الأَكْبَرَ.
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، عَنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ أَخُوْهُمَا نَائِبُ مِصْرَ، ثُمَّ نَائِبُ حَلَبَ، فِي حُدُوْدِ سَنَةِ تِسْعِيْنَ، وَهُوَ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ صَالِحٍ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِحَلبَ.
وَكَانَ أَدِيْباً، شَاعِراً، مُتَفَلْسِفاً، عَوَّاداً، ذَا كَرَمٍ، وَشَجَاعَةٍ.
وَأَخُوْهُم عَبْدُ اللهِ، أَمِيْرُ الثُّغُوْرِ. (9/223)
(17/230)