الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ العَبَّاسِ (خت، 4) ج
 
هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ قِرَاءةً، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ سَهْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
وَأَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ بِبَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الكَاتِبَةُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ (ح). (10/65)
وَأَخْبَرَنَا سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ ثَابِتٍ بنِ بُنْدَارَ البَقَّالُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ دُوْسْتٍ العَلاَّفُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَزَّازِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (المُتَبَايعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخيَارِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلاَّ بَيْعَ الخِيَارِ).
وَبِهِ إِلَى القَعْنَبِيِّ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا وَجْهٌ مَعْرُوْفٌ، وَلاَ أَمرٌ مَعْمُوْلٌ.
قُلْتُ: قَدْ عَمِلَ جُمْهُوْرُ الأَئِمَّةِ بِمُقْتَضَاهُ، أَوَّلُهُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَاوِي الحَدِيْثِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
(19/49)

أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيُّ بِقِرَاءتِي عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلِيْلٍ القَيْسِيُّ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّوْرِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ ابْنُ صَصْرَى، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنِ عَلِيٍّ الثَّعْلَبِيُّ.
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيُّ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَغَيْرُهُم، قَالُوا: أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الشَّافِعِيُّ. (10/66)
وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَوْهَرِيِّ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ يُوْسُفَ الوَاعِظَةُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُكْرَمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الصَّقْرِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَوَّاسِ، وَابْنُ عَمِّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَالتَّقِيُّ بنُ مُؤْمِنٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الخلاَّلِ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأُرْمَوِيُّ، وَسِتُّ الفَخْرِ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا:
حَدَّثَتْنَا أُمُّ الفَضْلِ كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، قَالُوا ثَلاَثتُهُم:
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى بنُ الحُبُوبِيِّ، قَالَ هُوَ وَابْنُ خَلِيْلٍ وَالأَسَدِيُّ:
(19/50)

أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بنِ أَبِي العُلاَ المَصِّيْصِيُّ قِرَاءةً عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ بنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ، سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَامِعٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ، سَمِعَا أَبَا وَائِلٍ يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِيْنٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ).
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَإِنْ كَانَ شَيْئاً يَسِيْراً؟
قَالَ: (وَإِنْ كَانَ سِواكاً مِنْ أرَاكٍ). (10/67)
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ بِقِرَاءتِي، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ المَالِكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ الجَنَدِيِّ، عَنِ أبَانَ بنِ صَالِحٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ أَنَسٍ:
(19/51)

عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلاَّ شِدَّةً، وَلاَ الدُّنْيَا إِلاَّ إِدْبَاراً، وَلاَ النَّاسُ إِلاَّ شُحّاً، وَلاَ تَقُوْمُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلاَ مَهْدِيَّ إِلاَّ عِيْسَى ابْنَ مَرْيَمَ).
أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ يُوْنُسَ، فَوَافَقْنَاهُ، وَهُوَ خَبَرٌ مُنْكَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدَفِيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ، وَلَكِنَّهُ مَا أَحْسِبُهُ سَمِعَهُ مِنَ الشَّافِعِيِّ، بَلْ أَخْبَرَهُ بِهِ مُخْبِرٌ مَجْهُوْلٌ، لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الثَّابتَةِ عَنْ يُوْنُسَ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، فَذَكَرَهُ. (10/68)
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ القلاَنسِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ القَرَّابُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنِ أَبِيْهِ، قَالَ: إِذَا أَغْفَلَ العَالِمُ (لاَ أَدْرِي) أُصِيْبَتْ مَقَاتِلُهُ.
فَغَالِبُ هَذَا الإِسْنَادِ مُسَلْسَلٌ بِالحُفَّاظِ، مِنْ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ إِلَى عَجْلاَنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
(19/52)

وَبِهِ إِلَى أَبِي إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ - وَكَانَ مِنَ الإِسْلاَمِ بِمَكَانٍ - قَالَ: رَأَيْتُ الشَّافِعِيَّ بِمَكَّةَ يُفْتِي النَّاسَ، وَرَأَيْتُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ حَاضِرَيْنِ.
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيْلٌ مِنْ دَارٍ؟).
فَقَالَ إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، عَنِ الحَسَنِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّهُمَا لَمْ يَكُوْنَا يَرَيَانِهِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُوْسٌ، لَمْ يَكُوْنَا يَرَيَانِهِ.
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ هَذَا؟
قِيْلَ: إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَنْظَلِيُّ ابْنُ رَاهْوَيْه.
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنْتَ الَّذِي يَزْعُمُ أَهْلُ خُرَاسَانَ أَنَّكَ فَقِيْهُهُمْ، مَا أَحْوَجَنِي أَنْ يَكُوْنَ غَيرُكَ فِي مَوْضِعِكَ، فَكُنْتُ آمُرُ بِعَرْكِ أُذُنَيْهِ أَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْتَ تَقُوْلُ: عَطَاءٌ، وَطَاوُوْسٌ، وَمَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، وَالحَسَنِ، وَهَلْ لأَحَدٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُجَّةً؟! (10/69)
(19/53)

وَبِهِ: إِلَى أَبِي إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الفَقِيْهُ إِملاَءً، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ فَرَاشَةَ الفَقِيْهَ بِمَرْوَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيَّ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُغِيْرَةِ، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ السَّاوِيُّ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، سَمِعْتُ البُوَيْطِيَّ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: إِذَا رَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَكَأَنِّيْ رَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
زَادَ البُوَيْطِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: جَزَاهُمُ اللهُ خَيْراً، فَهُم حَفِظُوا لَنَا الأَصْلَ، فَلَهُمْ عَلَينَا فَضْلٌ. (10/70)
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ القَرَّابُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ، عَنِ البُوَيْطِيِّ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: عَلَيْكُمْ بِأَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَإِنَّهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ صَوَاباً.
وَيُرْوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ: لَوْلاَ المَحَابرُ لَخَطَبَتِ الزَّنَادقَةُ عَلَى المَنَابرِ.
(19/54)

الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: المُحْدَثَاتُ مِنَ الأُمُورِ ضَرْبَانِ: مَا أُحْدِثَ يُخَالِفُ كِتَاباً، أَوْ سُنَّةً، أَوِ أَثَراً، أَوِ إِجْمَاعاً، فَهَذِهِ البِدْعَةُ ضَلاَلَةٌ، وَمَا أُحْدِثَ مِنَ الخَيْرِ لاَ خِلاَفَ فِيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْ هَذَا، فَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ، قَدْ قَالَ عُمَرُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ: نِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ، يَعْنِي: أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ لَمْ تَكُنْ، وَإِذْ كَانَتْ فَلَيْسَ فِيْهَا رَدٌّ لِمَا مَضَى.
رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، عَنِ الصَّدَفِيِّ، عَنِ الأصمِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ: تَزَوَّجَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه بِامْرَأَةِ رَجُلٍ - كَانَ عِنْدَهُ كُتُبُ الشَّافِعِيِّ - مَاتَ، لَمْ يَتَزَوَّجْ بِهَا إِلاَّ لِلْكُتُبِ.
قَالَ: فَوَضَعَ (جَامِعَ الكَبِيْرِ) عَلَى كِتَابِ الشَّافِعِيِّ، وَوَضَعَ (جَامِعَ الصَّغِيْرِ) عَلَى (جَامِعِ سُفْيَانَ) فَقَدِمَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ نَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ عِنْدَهُ كُتُبُ الشَّافِعِيِّ عَنِ البُوَيْطِيِّ، فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: لاَ تُحَدِّثْ بكُتُبِ الشَّافِعِيِّ مَا دُمتُ هُنَا، فَأَجَابَهُ.
قَالَ دَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ ابْنَ رَاهْوَيْه يَقُوْلُ: مَا كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ فِي هَذَا المَحَلِّ، وَلَوْ عَلِمْتُ لَمْ أُفَارقْهُ. (10/71)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: قَالَ إِسْحَاقُ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: مَا حَالُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عِنْدَكُمْ؟
فَقَالَ: ثِقَةٌ، كَتَبْنَا عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى عَنْهُ أَرْبَعَ مائَةِ حَدِيْثٍ.
(19/55)

قَالَ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَلاَ أَسْكَتَ عَنِ الفُتْيَا مِنْهُ.
رَوَى أَبُو الشَّيْخِ الحَافِظُ، وَغَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمَّا دَخَلَ مِصْرَ أتَاهُ جِلَّةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأقبلُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَنْ رَأَوهُ يُخَالِفُ مَالِكاً، وَيَنْقُضُ عَلَيْهِ، جَفَوهُ، وَتَنَكَّرُوا لَهُ، فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
أَأَنْثُرُ دُرّاً بَيْنَ سَارِحَةِ النَّعَمْ * وَأَنْظِمُ مَنْثُوراً لِرَاعِيَةِ الغَنَمْ
لَعَمْرِي لَئِنْ ضُيِّعْتُ فِي شَرِّ بَلْدَةٍ * فلَسْتُ مُضِيعاً بَينَهُمْ غُرَرَ الحِكَمْ
فَإِنْ فَرَّجَ اللهُ اللَّطِيْفُ بِلُطْفِهِ * وَصَادَفْتُ أَهْلاً لِلْعُلُومِ وَلِلحِكَمْ
بَثَثْتُ مُفِيداً وَاسْتفَدْتُ وِدَادَهُم * وَإِلاَّ فَمَخْزُونٌ لَدَيَّ وَمُكْتَتَمْ
وَمَنْ مَنَحَ الجُهَّالَ عِلْماً أَضَاعَهُ * وَمَنْ مَنَعَ المُسْتَوْجِبِينَ فَقَدْ ظَلَمْ
وَكَاتِمُ عِلْمِ الدِّيْنِ عَمَّنْ يُرِيْدُهُ * يَبُوءُ بِإِثْمٍ زَادَ وَآثِمٍ إِذَا كَتَمْ (10/72)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَهْ: حُدِّثْتُ عَنِ الرَّبِيْعِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَشْهَبَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ سَاجداً يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِهِ: اللَّهُمَّ أَمِتِ الشَّافِعِيَّ، لاَ يَذْهَبُ عِلْمُ مَالِكٍ، فَبَلَغَ الشَّافِعِيَّ، فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ وَإِنْ أَمُتْ * فَتِلْكَ سَبِيْلٌ لَسْتُ فِيْهَا بِأَوْحَدِ
فَقُلْ لِلَّذِي يَبْغِي خِلاَفَ الَّذِي مَضَى * تَهَيَّأْ لأُخْرَى مِثْلِهَا فَكَأَن قَدِ
وَقَدْ عَلِمُوا لَوْ يَنْفَعُ العِلْمُ عِنْدَهُمْ * لَئِنْ مِتُّ مَا الدَّاعِي عَلَيَّ بِمُخْلَدِ
(19/56)

قَالَ المُبَرَّدُ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ أَبِي حَنِيْفَةَ لَفُصَحَاءٌ، فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
فلَوْلاَ الشِّعْرُ بِالعُلَمَاءِ يُزْرِي * لكُنْتُ اليَوْمَ أَشْعَرَ مِنْ لَبِيدِ
وَأَشجَعَ فِي الوَغَى مِنْ كُلِّ لَيْثٍ * وَآلِ مُهَلَّبٍ وَأَبِي يَزِيْدِ
وَلَوْلاَ خَشْيَةُ الرَّحْمَنِ رَبِّي * حَسِبْتُ النَّاسَ كُلَّهُمُ عَبِيْدِي (10/73)
وَلأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيِّ فِي الشَّافِعِيِّ:
وَمِنْ شُعَبِ الإِيْمَانِ حُبُّ ابْنُ شَافِعٍ * وَفَرْضٌ أَكِيدٌ حُبُّهُ لاَ تَطَوُّعُ
وَإِنِّيْ حَيَاتِي شَافِعِيٌّ فَإِنْ أَمُتْ * فَتَوْصِيَتِي بَعْدِي بِأَنْ يَتَشَفَّعُوا
قَالَ الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غَانِمٍ فِي كِتَابِ (مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ) لَهُ، وَهُوَ مُجَلَّدٌ: جَمَعْتُ دِيْوَانَ شِعْرِ الشَّافِعِيِّ كِتَاباً عَلَى حِدَةٍ.
ثُمَّ إِنَّهُ سَاقَ بِإِسْنَادٍ لَهُ إِلَى ثَعْلَبٍ، قَالَ: الشَّافِعِيُّ إِمَامٌ فِي اللُّغَةِ. (10/74)
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ مرَاراً يَقُوْلُ: لَوْ رَأَيْتَ الشَّافِعِيَّ وَحُسْنَ بَيَانِهِ، وَفصَاحتِهِ، لَعَجِبْتَ، وَلَوْ أَنَّهُ أَلَّفَ هَذِهِ الكُتُبَ عَلَى عَرَبِيَّتِهِ الَّتِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهَا مَعَنَا فِي المُنَاظَرَةِ، لَمْ نَقْدِرْ عَلَى قِرَاءةِ كُتُبِهِ لِفَصَاحتِهِ وَغَرَائِبِ أَلفَاظِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ فِي تَأْلِيفِهِ يُوَضِحُ لِلْعَوَامِّ.
حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: مَا جَهِلَ النَّاسُ وَلاَ اخْتَلَفُوا، إِلاَّ لِتَرْكِهِم لِسَانَ العَرَبِ، وَمِيلِهِمْ إِلَى لِسَانِ أَرْسطَاطَالِيْسَ.
(19/57)

هذِهِ حِكَايَةٌ نَافِعَةٌ، لَكِنَّهَا مُنْكَرَةٌ، مَا أَعْتَقِدُ أَنَّ الإِمَامَ تَفَوَّهَ بِهَا، وَلاَ كَانَتْ أَوْضَاعُ أَرِسْطُوطَالِيْسَ عُرِّبَتْ بَعْدُ البَتَّةَ.
رَوَاهَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مَهْدِيِّ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا هُمَيْمُ بنُ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ.
ابْنُ هَارُوْنَ: مَجْهُوْلٌ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِأَيَّامِ النَّاسِ مِنَ الشَّافِعِيِّ.
وَنَقَلَ الإِمَامُ ابْنُ سُرَيْجٍ عَنْ بَعْضِ النَّسَّابِيْنَ، قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالأَنْسَابِ، لَقَدِ اجْتَمَعُوا مَعَهُ لَيْلَةً، فَذَاكَرَهُم بِأَنسَابِ النِّسَاءِ إِلَى الصَّبَاحِ، وَقَالَ: أَنسَابُ الرِّجَالِ يَعْرِفُهَا كُلُّ أَحَدٍ.
الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَدَائِنِيُّ، قَالَ: قَالَ المُزَنِيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ، فَأَتَاهُ ابْنُ هِشَامٍ صَاحِبُ المَغَازِي، فَذَاكَرَهُ أَنسَابَ الرِّجَالِ.
فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: دَعْ عَنْكَ أَنسَابَ الرِّجَالِ، فَإِنَّهَا لاَ تَذْهَبُ عَنَّا وَعَنْكَ، وَحَدِّثْنَا فِي أَنْسَابِ النِّسَاءِ، فَلَمَّا أَخَذُوا فِيْهَا بَقِيَ ابْنُ هِشَامٍ. (10/75)
قَالَ يُوْنُسُ الصَّدَفِيُّ: كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَخَذَ فِي أَيَّامِ النَّاسِ، قُلْتُ: هَذِهِ صِنَاعَتُهُ.
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: مَا أَرَدْتُ بِهَا -يَعْنِي: العَرَبِيَّةَ وَالأَخْبَارَ- إِلاَّ لِلاستِعَانَةِ عَلَى الفِقْهِ.
(19/58)

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً لَقِيَ مِنَ السُّقْمِ مَا لَقِيَ الشَّافِعِيُّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اقرَأْ مَا بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَالمائَةِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، فَقرأْتُ، فَلَمَّا قُمْتُ، قَالَ: لاَ تَغْفَلْ عَنِّي فَإِنِّي مَكْرُوبٌ.
قَالَ يُوْنُسُ: عَنَى بِقِرَاءتِي مَا لَقِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ أَوْ نَحْوَهُ. (10/76)
ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا المُزَنِيُّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟
فَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: أَصْبَحْتُ مِنَ الدُّنْيَا رَاحِلاً، وَلإِخْوَانِي مُفَارِقاً، وَلِسُوءِ عَمَلِي مُلاَقِياً، وَعَلَى اللهِ وَارِداً، مَا أَدْرِي رُوْحِي تَصِيْرُ إِلَى جَنَّةٍ فَأُهَنِّيْهَا، أَوْ إِلَى نَارٍ فَأُعَزِّيْهَا، ثُمَّ بَكَى وَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي * جَعَلْتُ رَجَائِي دُوْنَ عَفْوِكَ سُلَّمَا
تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ * بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا
فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ * تَجُوْدُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّمَا
فَإِنْ تَنْتَقِمْ مِنِّي فَلَسْتُ بِآيِسٍ * وَلَوْ دَخَلَتْ نَفْسِي بِجِرمِي جَهَنَّمَا
وَلولاَكَ لَمْ يُغْوَى بِإِبْلِيْسَ عَابِدٌ * فَكَيْفَ وَقَدْ أَغوَى صَفِيَّكَ آدَمَا
وَإِنِّيْ لآتِي الذّنْبَ أَعْرِفُ قَدْرَهُ * وَأَعلَمُ أَنَّ اللهَ يَعْفُو تَرَحُّمَا
إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مريضٌ، فَسَأَلنِي عَنِ أَصْحَابِنَا.
(19/59)

فَقُلْتُ: إِنَّهُم يَتَكَلَّمُوْنَ.
فَقَالَ: مَا نَاظَرْتُ أَحَداً قَطُّ عَلَى الغَلَبَةِ، وَبِودِّي أَنَّ جَمِيْعَ الخَلْقِ تَعَلَّمُوا هَذَا الكِتَابَ -يَعْنِي: كُتُبَهُ- عَلَى أَنْ لاَ يُنْسَبَ إِلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ.
قَالَ هَذَا يَوْمَ الأَحَدِ، وَمَاتَ يَوْمَ الخَمِيْسِ، وَانْصَرَفْنَا مِنْ جِنَازَتِهِ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَرَأَيْنَا هِلاَلَ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ السِّجِسْتَانِيُّ نَزِيْلُ مَكَّةَ، حَدَّثَنِي الحَارِثُ بنُ سُرَيْجٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ الشَّافِعِيِّ عَلَى خَادِمِ الرَّشِيْدِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ قَدْ فُرِشَ بِالدِّيْبَاجِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ رَجَعَ.
فَقَالَ لَهُ الخَادِمُ: ادْخُلْ.
قَالَ: لاَ يَحِلُّ افْتِرَاشُ الحُرُمِ.
فَقَامَ الخَادِم مُتَبَسِّماً حَتَّى دَخَلَ بيتاً قَدْ فُرِشَ بِالأَرْمَنِيِّ، فَدَخَلَ الشَّافِعِيُّ، ثُمَّ أَقبلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذَا حَلاَلٌ، وَذَاكَ حَرَامٌ، وَهَذَا أحسنُ مِنْ ذَاكَ، وَأكثرُ ثَمَناً.
فَتَبَسَّمَ الخَادِمُ وَسَكَتَ. (10/77)
وَعَنِ الرَّبِيْعِ لِلشَّافِعِيِّ:
لَقَدِ أصبحَتْ نَفْسِي تَتُوقُ إِلَى مِصْرَ * وَمِنْ دُونِهَا أَرْضُ المَهَامِهِ وَالقَفْرِ
فَوَاللهِ مَا أَدْرِي أَلِلْمَالِ وَالغِنَى * أُسَاقُ إِلَيْهَا أَمْ أُسَاقُ إِلَى قَبْرِي
قَالَ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ القِيَاسِ، فَقَالَ: عِنْد الضَّرُوْرَاتِ.
(19/60)

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ، سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: إِذَا وَجَدْتُم فِي كتَابِي خِلاَفَ سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُوْلُوا بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعُوا مَا قُلْتُ. (10/78)
سَمِعْنَا جُزْءاً فِي رِحْلَةِ الشَّافِعِيِّ، فَلَمْ أَسُقْ مِنْهُ شَيْئاً، لأنَّهُ بَاطِلٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، وَكَذَلِكَ عُزِيَ إِلَيْهِ أقوَالٌ وَأُصُوْلٌ لَمْ تَثْبُتْ عَنْهُ، وَرِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ عَنْهُ فِي مَحَاشِّ النِّسَاءِ مُنْكَرَةٌ، وَنصُوصُهُ فِي تَوَالِيفِهِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ.
وَكَذَا وَصيَّةُ الشَّافِعِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الحُسَيْنِ بنِ هِشَامٍ البَلَدِيِّ غَيْرُ صَحِيْحَةٍ. (10/79)
(19/61)

وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ الهَكَّارِيُّ، فِي كِتَابِ (عَقِيْدَةِ الشَّافِعِيِّ) لَهُ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ عَلْقَمَةَ الأَبْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ صِفَاتِ اللهِ -تَعَالَى- وَمَا يُؤمِنُ بِهِ - فَقَالَ: للهِ أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ، جَاءَ بِهَا كِتَابُهُ، وَأَخْبَرَ بِهَا نَبِيُّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّتَهُ، لاَ يَسَعُ أَحَداً قَامَتْ عَلَيْهِ الحُجَّةُ رَدَّهَا، لأَنَّ القُرْآنَ نَزَلَ بِهَا، وَصَحَّ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القَوْلَ بِهَا، فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الحُجَّةِ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَافِرٌ، فَأَمَّا قَبْلَ ثُبُوْتِ الحُجَّةِ، فَمَعْذُورٌ بِالجَهْلِ، لأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لاَ يُدْرَكُ بِالعَقْلِ، وَلاَ بِالرَّوِيَّةِ وَالفِكْرِ، وَلاَ نُكَفِّرُ بِالجَهْلِ بِهَا أَحَداً، إِلاَّ بَعْدَ انتهَاءِ الخَبَرِ إِلَيْهِ بِهَا، وَنُثْبِتُ هَذِهِ الصَّفَاتِ، وَنَنْفِي عَنْهَا التَّشْبِيْهَ، كَمَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْر} [الشُّوْرَى: 11]. (10/80)
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَسْمُرُ مَعَ أَبِي إِلَى الصَّبَاحِ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَشْعَرِ النَّاسِ، وَآدَبِ النَّاسِ، وَأَعْرَفِهِم بِالقِرَاءَاتِ.
(19/62)

وَمِنْ منَاقبِ هَذَا الإِمَامِ: قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو المُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ).
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ. (10/81)
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مِمَّا نَقَلَهُ البَيْهَقِيُّ فِي (المَدْخَلِ) لَهُ: مَا رَأَيْتُ أعْقَلَ -أَوْ قَالَ: أَفْقَهَ- مِنَ الشَّافِعِيِّ، وَأَنَا أَدْعُو اللهَ لَهُ، أَخُصُّهُ بِهِ).
وَقَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، حَدَّثَنِي العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ بِأُرْسُوفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: الشَّافِعِيُّ فَيْلَسُوْفٌ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءٍ: فِي اللُّغَةِ، وَاختِلاَفِ النَّاسِ، وَالمَعَانِي، وَالفِقْهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ: حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَرَأْيٌ صَحِيْحٌ.
وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَذَكَرَ القِصَّةَ.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدَةَ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَخَذَ فِي التَّفْسِيرِ، كَأَنَّهُ شَهِدَ التَّنْزِيْلَ. (10/82)
قَالَ البَيْهَقِيُّ فِيْمَا أجَازَ لَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَسَاكِرَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ الفُرَاوِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ العُصْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ يَاسِيْنَ الهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ، سَمِعْتُ المَرُّوْذِيُّ يَقُوْلُ:
(19/63)

قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا سُئِلْتُ عَنْ مَسْأَلَةٍ لاَ أَعْرِفُ فِيْهَا خَبَراً، قُلْتُ فِيْهَا بِقَولِ الشَّافِعِيِّ، لأنَّهُ إِمَامٌ قُرَشِيٌّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّهُ، قَالَ: (عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلأُ الأَرْضَ عِلْماً) إِلَى أَنْ قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنِّي لأَدْعُو لِلشَّافِعِيِّ مُنْذُ أَرْبَعينَ سَنَةٍ فِي صَلاَتِي.
رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِسرَائِيلَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الجَارُوْدِ النَّضْرِ بنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الجَارُوْدِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ تَسُبُّوا قُرَيْشاً، فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلأُ الأَرْضَ عِلْماً).
قُلْتُ: النَّضْرُ قَالَ فِيْهِ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ. (10/83)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ يَقُوْلُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ سِتِّيْنَ خَتْمَةً، وَفِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثِيْنَ خَتْمَةً، وَكَانَ يُحَدِّثُ وَطَسْتٌ تَحْتَهُ، فَقَالَ يَوْماً: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لَكَ فِيْهِ رِضَى، فَزِدْ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ إِدْرِيْسُ بنُ يَحْيَى المَعَافِرِيُّ -يَعْنِي: زَاهِدَ مِصْرَ-: لَسْتَ مِنْ رِجَالِ البَلاَءِ، فَسَلِ اللهَ العَافِيَةَ.
(19/64)

الزُّبَيْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ الفِرْيَابِيُّ، قَالَ: قَالَ المُزَنِيُّ، أَوِ الرَّبِيْعُ: كُنَّا يَوْماً عِنْد الشَّافِعِيِّ، إِذْ جَاءَ شَيْخٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ صُوفٌ، وَفِي يَدِهِ عُكَّازَةٌ، فَقَامَ الشَّافِعِيُّ وَسَوَّى عَلَيْهِ ثِيَابَه،