الأَصْمَعِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ قُرَيْبٍ (د، ت)
 
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، حُجَّةُ الأَدَبِ، لِسَانُ العَرَبِ، أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ قُرَيْبِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَصْمَعَ بنِ مُظَهِّرِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ أَعْيَا بنِ سَعْدِ بنِ عَبْدِ بنِ غَنْمِ بنِ قُتَيْبَةَ بنِ مَعْنِ بنِ مَالِكِ بنِ أَعْصُرَ بنِ سَعْدِ بنِ قَيْسِ عَيْلاَنَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ الأَصْمَعِيُّ، البَصْرِيُّ، اللُّغَوِيُّ، الأَخْبَارِيُّ، أَحَدُ الأعلاَمِ.
يُقَالُ: اسْمُ أَبِيْهِ: عَاصِمٌ، وَلَقَبُهُ: قُرَيْبٌ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ العَلاَءِ، وَقُرَّةَ بنِ خَالِدٍ، وَمِسْعَرِ بنِ كِدَامٍ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَشُعْبَةَ، وَنَافِعِ بنِ أَبِي نُعَيْمٍ - وَتَلاَ عَلَيْهِ - وَبَكَّارِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَسَلَمَةَ بنِ بِلاَلٍ، وَشَبِيْبِ بنِ شَيْبَةَ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ، لَكِنَّهُ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ لِلْمُسْنَدَاتِ.
(19/156)

حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيُّ، وَسَلَمَةُ بنُ عَاصِمٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى المِنْقَرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ شَبَّةَ، وَأَبُو الفَضْلِ الرِّيَاشِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ أَخِيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصْمَعِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ أَبُو عَصِيْدَةَ، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى، وَالكُدَيْمِيُّ، وَأَبُو العَيْنَاءِ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، قَالَ: سَمِعَ مِنِّي مَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
وَقَدِ أَثْنَى أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَلَى الأَصْمَعِيِّ فِي السُّنَّةِ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: لَوْ تَفَرَّغْتَ، لَجِئْتُكَ. (10/177)
قَالَ إِسْحَاقُ المَوْصِلِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى الأَصْمَعِيِّ أَعُودُهُ، فَإِذَا قِمَطْرٌ.
فَقُلْتُ: هَذَا عِلْمُكَ كُلُّهُ؟
فَقَالَ: إِنَّ هَذَا مِنْ حَقٍّ لَكَثِيْرٌ.
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قِيْلَ لِلأَصْمَعِيِّ: كَيْفَ حَفِظْتَ وَنَسُوا؟
قَالَ: دَرَسْتُ، وَتَرَكُوا.
قَالَ عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُوْلُ: أَحْفَظُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفِ أُرْجُوزَةٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الأَعْرَابِيِّ: شَهِدْتُ الأَصْمَعِيَّ وَقَدْ أَنْشَدَ نَحْواً مِنْ مَائَتَي بَيْتٍ، مَا فِيْهَا بَيْتٌ عَرَفْنَاهُ.
قَالَ الرَّبِيْعُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ:
مَا عَبَّرَ أَحَدٌ عَنِ العَرَبِ بِأَحْسَنَ مِنْ عِبَارَةِ الأَصْمَعِيِّ.
وَعَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: كَانَ الأَصْمَعِيُّ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ فِي فَنِّهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: صَدُوْقٌ. (10/178)
(19/157)

قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُوْلُ:
إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى طَالِبِ العِلْمِ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
وَقَالَ نَصْرٌ الجَهْضَمِيُّ: كَانَ الأَصْمَعِيُّ يَتَّقِي أَنْ يُفَسِّرَ الحَدِيْثَ كَمَا يَتَّقِي أَنْ يُفَسِّرَ القُرْآنَ.
قَالَ المُبَرِّدُ: كَانَ الأَصْمَعِيُّ بَحْراً فِي اللُّغَةِ، لاَ نَعْرِفُ مِثْلَهُ فِيْهَا، وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ أَنْحَى مِنْهُ.
قِيْلَ لأَبِي نُوَاسٍ: قَدْ أُشْخِصَ الأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى الرَّشِيْد.
فَقَالَ: أَمَّا أَبُو عُبَيْدَةَ، فَإِنْ مَكَّنُوهُ مِنْ سِفْرِهِ، قَرَأَ عَلَيْهِم عِلْمَ أَخْبَارِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِيْنَ، وَأَمَّا الأَصْمَعِيُّ فَبُلْبُلٌ يُطْرِبُهُم بِنَغَمَاتِهِ. (10/179)
قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ:
دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى الفَضْلِ بنِ الرَّبِيْعِ، فَقَالَ: يَا أَصْمَعِيُّ! كَمْ كِتَابُكَ فِي الخَيْلِ؟
قُلْتُ: جِلْدٌ.
فَسَأَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: خَمْسُوْنَ جِلْداً.
فَأَمَرَ بِإِحْضَارِ الكِتَابَيْنِ، وَأَحْضَرَ فَرَساً، فَقَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اقرَأْ كِتَابَكَ حَرْفاً حَرْفاً، وضَعْ يَدَكَ عَلَى مَوْضِعٍ مَوْضِعٍ.
قَالَ: لَسْتُ بِبِيْطَارٍ، إِنَّمَا هَذَا شَيْءٌ أَخَذْتُهُ مِنَ العَرَبِ.
فَقَالَ لِي: قُمْ، فَضَعْ يَدَكَ.
(19/158)

فَقُمْتُ، فَحَسَرْتُ عَنْ ذِرَاعِي وَسَاقِي، ثُمَّ وَثَبْتُ، فَأَخَذْتُ بِأُذُنِ الفَرَسِ، ثُمَّ وَضَعْتُ يَدِي عَلَى نَاصِيَتِهِ، فَجَعَلْتُ أَقْبِضُ مِنْهُ بِشَيْءٍ شَيْءٍ، وَأَقُوْلُ هَذَا اسْمُهُ كَذَا، وَأُنْشِدُ فِيْهِ، حَتَّى بَلَغْتُ حَافِرَهُ، فَأَمَرَ لِي بِالفَرَسِ، فَكُنْتُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَغِيْظَ أَبَا عُبَيْدَةَ، رَكِبْتُ الفَرَسَ وَأَتَيْتُهُ.
وَعَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ: أَنَّ الأَصْمَعِيَّ كَانَ بَخِيْلاً، وَيَجْمَعُ أَحَادِيْثَ البُخَلاَءِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ: كُنَّا مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ بقُرْبِ دَارِ الأَصْمَعِيِّ، فَسَمِعْنَا مِنْهَا ضَجَّةً، فَبَادَرَ النَّاسُ لِيَعْرِفُوا ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّمَا يَفْعَلُوْنَ هَذَا عِنْدَ الخُبْزِ، كَذَا يَفْعَلُوْنَ إِذَا فَقَدُوا رَغِيفاً.
وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ، قَالَ: نِلْتُ مَا نِلْتُ بِالمُلَحِ. (10/180)
قُلْتُ: كَتَبَ شَيْئاً لاَ يُحْصَى عَنِ العَرَبِ، وَكَانَ ذَا حِفْظٍ، وَذكَاءٍ، وَلُطْفِ عِبارَةٍ، فَسَادَ.
وَرَوَى: ثَعْلَبٌ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ النَّحْوِيِّ، قَالَ:
قَدِمَ الحَسَنُ بنُ سَهْلٍ، فَجَمَعَ أَهْلَ الأَدَبِ، وَحَضَرْتُ، وَوَقَّعَ الحَسَنُ عَلَى خَمْسِيْنَ رُقْعَةٍ، وَجَرَى ذِكْرُ الحُفَّاظِ، فَذَكَرْنَا الزُّهْرِيَّ، وَقَتَادَةَ.
فَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَأَنَا أُعِيدُ مَا وَقَّعَ بِهِ الأَمِيْرُ عَلَى التَّوَالِي، فَأُحْضِرَتِ الرِّقَاعُ.
فَقَالَ: صَاحِبُ الرُّقْعَةِ الأُوْلَى كَذَا وَكَذَا، وَاسْمُهُ كَذَا وَكَذَا، وَوقَّعَ لَهُ بِكَذَا وَكَذَا، وَالرُّقْعَةُ الثَّانِيَةُ كَذَا، وَالثَّالِثَةُ... حَتَّى مَرَّ عَلَى نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ رُقْعَةً.
فَقَالَ نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ: أَيُّهَا المَرْءُ أَبْقِ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ العَينِ.
(19/159)

وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
وَقَالَ: حَسْبُكَ لاَ تُقْتَلْ بِالعَيْنِ.
وَقَالَ: يَا غُلاَمُ! احمِلْ مَعَهُ خَمْسِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ: رَأَيْتُ الأَصْمَعِيَّ وَسِيْبَوَيْه يَتَنَاظرَانِ.
فَقَالَ يُوْنُسَ: الحَقُّ مَعَ سِيْبَوَيْه، وَهَذَا يَغْلِبُهُ بِلِسَانِهِ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَصْمَعِيِّ: أَنَّ الرَّشِيْدَ أَجَازَهُ مَرَّةً بِمائَةِ أَلْفِ. (10/181)
وَتَصَانِيْفُ الأَصْمَعِيِّ وَنَوَادِرُهُ كَثِيْرَةٌ، وَأَكْثَرُ تَوَالِيفِهِ مُخْتَصَرَاتٍ، وَقَدْ فُقِدَ أَكْثَرُهَا.
قَالَ خَلِيْفَةُ، وَأَبُو العَيْنَاءِ: مَاتَ الأَصْمَعِيُّ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمَائَتَيْنِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَالبُخَارِيُّ: سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ.
وَيُقَالُ: عَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-. (10/182)
(19/160)