أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ |
الإِمَامُ، الكَبِيْرُ، زَاهِدُ العَصْرِ، أَبُو سُلَيْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ.
وَقِيْلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَطِيَّةَ. وَقِيْلَ: ابْنُ عَسْكَرٍ العَنْسِيُّ، الدَّارَانِيُّ. وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَرَوَى عَنْ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي الأَشْهَبِ العُطَارِدِيِّ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زَيْدٍ البَصْرِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بنِ سُوَيْدٍ، وَصَالِحِ بنِ عَبْدِ الجَلِيْلِ. رَوَى عَنْهُ: تِلْمِيْذُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَهَاشِمُ بنُ خَالِدٍ، وَحُمَيْدُ بنُ هِشَامٍ العَنْسِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ صَالِحٍ الدَّارَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عُمَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَيُّوْبَ الحَوْرَانِيُّ. أَبُو الجَهْمِ بنُ طَلاَّبٍ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، قَالَ: اسْمُ أَبِي سُلَيْمَانَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَطِيَّةَ العَنْسِيُّ، مِنْ صَلِيْبَةِ العَرَبِ. (10/183) وَرَوَى: أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، عَنْ أَبِي الجَهْمِ أَيْضاً، عَنِ ابْنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ وَاسْمُه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَسْكَرٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ: صَلِّ خَلْفَ كُلِّ مُبْتَدِعٍ، إِلاَّ القَدَرِيَّ، لاَ تُصَلِّ خَلْفَهُ، وَإِنْ كَانَ سُلْطَاناً. وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالعِرَاقِ أَعْمَلُ، وَأَنَا بِالشَّامِ أَعْرَفُ. (19/162) وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَيْسَ لِمَنْ أُلْهِمَ شَيْئاً مِنَ الخَيْرَاتِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ مِنَ الأَثَرِ. الخَلْدِيُّ: عَنِ الجُنَيْدِ، قَالَ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: رُبَّمَا يَقَعُ فِي قَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ القَوْمِ أَيَّاماً، فَلاَ أَقْبَلُ مِنْهُ إِلاَّ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَينِ، الكِتَابُ وَالسُّنَّة. وَعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ: أَفْضَلُ الأَعْمَالِ خِلاَفُ هَوَى النَّفْسِ. وَقَالَ: لِكُلِّ شَيْءٍ عَلَمٌ، وَعَلَمُ الخِذْلاَنِ تَرْكُ البُكَاءِ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ صَدَأٌ، وَصَدَأُ القَلْبِ الشِّبَعُ. (10/184) ابْنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ: أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ الخَوْفُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمِفْتَاحُ الدُّنْيَا الشِّبَعُ، وَمِفْتَاحُ الآخِرَةِ الجُوعُ. أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا الخَلْدِيُّ، حَدَّثَنِي الجُنَيْدُ، سَمِعْتُ السَّرِيَّ السَّقَطِيَّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ: قَدَّمَ إِلَيَّ أَهْلِي مَرَّةً خُبْزاً وَمِلْحاً، فَكَانَ فِي المِلْحِ سُمْسُمَةٌ، فَأَكَلْتُهَا، فَوَجَدْتُ رَانَهَا عَلَى قَلْبِي بَعْدَ سَنَةٍ. أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَنْ رَأَى لِنَفْسِهِ قِيْمَةً، لَمْ يَذُقْ حَلاَوَةَ الخِدْمَةِ. وَعَنْهُ: إِذَا تَكَلَّفَ المُتَعَبِّدُوْنَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالإِعرَابِ، ذَهَبَ الخُشُوْعُ مِنْ قُلُوْبِهِم. وَعَنْهُ: إِنَّ مِنْ خَلْقِ اللهِ خَلْقاً لَوْ زُيِّنَ لَهُمُ الجِنَانُ، مَا اشْتَاقُوا إِلَيْهَا، فَكَيْفَ يُحِبُّوْنَ الدُّنْيَا، وَقَدْ زَهَّدَهُم فِيْهَا. قَالَ أَحْمَدُ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (19/163) لَوْلاَ اللَّيْلُ لَمَا أَحْبَبْتُ البَقَاءَ فِي الدُّنْيَا، وَلَرُبَّمَا رَأَيْتُ القَلْبَ يَضْحَكُ ضَحِكاً. (10/185) قَالَ أَحْمَدُ: وَرَأَيْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ حِيْنَ أَرَادَ أَنْ يُلَبِّيَ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أفَاقَ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ العَبْدَ إِذْ حَجَّ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ، قِيْلَ لَهُ: لاَ لَبَّيْكَ وَلاَ سَعْدَيْكَ، حَتَّى تَطْرَحَ مَا فِي يَدَيْكَ، فَمَا يُؤْمِنَّا أَنْ يُقَالَ لَنَا مِثْلُ هَذَا، ثُمَّ لَبَّى. قَالَ الجُنَيْدُ: شَيْءٌ يُرْوَى عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَنَا أَسْتَحْسِنُهُ كَثِيْراً: مَنِ اشْتَغَلَ بِنَفْسِهِ، شُغِلَ عَنِ النَّاسِ، وَمَنِ اشتَغَلَ بِرَبِّهِ، شُغِلَ عَنْ نَفْسِه وَعَنِ النَّاسِ. ابْنُ بَحْرٍ الأَسَدِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ: مَنْ وَثِقَ بِاللهِ فِي رِزْقِهِ، زَادَ فِي حُسْنِ خُلُقِهِ، وَأَعْقَبَهُ الحِلْمَ، وَسَخَتْ نَفْسُهُ، وَقَلَّتْ وَسَاوِسُهُ فِي صَلاَتِهِ. وَعَنْهُ: الفُتُوَّةُ أَنْ لاَ يَرَاكَ اللهُ حَيْثُ نَهَاكَ، وَلاَ يَفْقِدُكَ حَيْثُ أَمَرَكَ. وَلابْنِ سُلَيْمَانَ مِنْ هَذَا المَعْنَى كَثِيْرٌ فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) وَفِي (الحِلْيَةِ). أَنْبَأَنِي المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ سَهْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الدَّائِمِ الهِلاَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الكِلاَبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقُوْلُ: تَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ فِي المَنَامِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ سَنَةٍ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا مُعَلِّمُ! مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: يَا أَحْمَدُ! دَخَلْتُ مِنْ بَابِ الصَّغِيْرِ، فَلَقِيتُ وَسْقَ شِيْحٍ، فَأَخَذْتُ مِنْهُ عُوداً، فَلاَ أَدْرِي تَخَلَّلْتُ بِهِ أَمْ رَمَيْتُ بِهِ، فَأَنَا فِي حِسَابِهِ مِنْ سَنَةٍ. قَالَ سَعِيْدُ بنُ حَمْدُوْنَ، وَالسُّلَمِيُّ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ: تُوُفِّيَ أَبُو سُلَيْمَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ. (10/186) (19/164) |