العَكَوَّكُ عَلِيُّ بنُ جَبَلَةَ بنِ مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ |
فَحْلُ الشُّعَرَاءِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ جَبَلَةَ بنِ مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ.
قَالَ الجَاحِظُ: كَانَ أَحْسَنَ خَلْقِ اللهِ إِنشَاداً، مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ بَدَوِيّاً، وَلاَ حَضَرِيّاً. وَكَانَ مِنَ المَوَالِي، وَقَدْ وُلِدَ أَعْمَى، وَكَانَ أَسْوَدَ، أَبْرَصَ، وَشِعْرُهُ سَائِرٌ، وَهُوَ القَائِلُ فِي أَبِي دُلَفٍ الأَمِيْرِ: ذَادَ وِرْدَ الغِيِّ عَنْ صَدَرِه * فَارْعَوَى وَاللَّهْوُ مِنْ وَطَرِه وَمِنَ المَدِيْحِ: إِنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دُلَفٍ * بَيْنَ مَغْزَاهُ وَمُحْتَضَرِه فَإِذَا وَلَّى أَبُو دُلَفٍ * وَلَّتِ الدُّنْيَا عَلَى أَثَرِه كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ مِنْ عَرَبٍ * بَيْنَ بَادِيْهِ إِلَى حَضَرِه مُسْتَعِيرٌ مِنْكَ مَكْرُمَةً * يَكْتَسِيْهَا يَوْمَ مُفْتَخَرِه وَهِيَ طَوِيْلَةٌ بَدِيْعَةٌ، وَازَنَ بِهَا قَصِيدَةَ أَبِي نُوَاسٍ: أَيُّهَا المُنْتَابُ عَنْ عُفُرِه * لَسْتَ مِنْ لَيلِي وَلاَ سَمَرِهْ (10/193) قَالَ ابْنُ عُنَيْنٍ: مَا يَصْلُحُ أَنْ يُفَاضِلَ بَيْنَ القَصِيدَتَيْنِ إِلاَّ مَنْ يَكُوْنَ فِي دَرَجَةِ هَذَينِ الشَّاعِرَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ المُعْتَزِّ فِي (طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ): لَمَّا بَلَغَ المَأْمُوْنَ خَبَرُ هَذِهِ القَصِيْدَةِ، غَضِبَ، وَقَالَ: اطْلُبُوْهُ. فَطَلَبُوْهُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ؛ لأَنَّهُ كَانَ مُقِيماً بِالجَبَلِ، فَفَرَّ إِلَى الجَزِيْرَةِ، ثُمَّ إِلَى الشَّامَاتِ، فَظَفِرُوا بِهِ، فَحُمِلَ مُقَيَّداً إِلَى المَأْمُوْنِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ! أَنْتَ القَائِلُ: (19/173) كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ مِنْ عَرَبٍ *............. جَعَلْتَنَا نَسْتَعِيرُ مِنْهُ المكَارِمِ؟ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَنْتُم أَهْلُ بَيْتٍ لاَ يُقَاسُ بِكُم. قَالَ: وَاللهِ مَا أَبْقَيْتَ أَحَداً، وَإِنَّمَا أَسْتَحِلُّ دَمَكَ بِكُفْرِكَ حَيْثُ تَقُوْلُ: أَنْتَ الَّذِي تُنْزِلُ الأَيَّامَ مَنْزِلَهَا * وَتَنْقُلُ الدَّهْرَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالِ وَمَا مَدَدْتَ مَدَى طَرْفٍ إِلَى أَحَدٍ * إِلاَّ قَضَيْتَ بِأَرْزَاقٍ وَآجَالِ ذَاكَ هُوَ اللهُ، أَخْرِجُوا لِسَانَهُ مِنْ قَفَاهُ. فَفَعَلُوا بِهِ، فَمَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ كَهْلاً. (10/194) (19/174) |