الأَخْفَشُ سَعِيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ البَلْخِيُّ
 
إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو الحَسَنِ سَعِيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ البَلْخِيُّ، ثُمَّ البَصْرِيُّ، مَوْلَى بَنِي مُجَاشِعٍ.
أَخَذَ عَنِ: الخَلِيْلِ بنِ أَحْمَدَ.
وَلَزِمَ سِيْبَوَيْه حَتَّى بَرَعَ، وَكَانَ مِنْ أَسْنَانِ سِيْبَوَيْه، بَلْ أَكْبَرَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: كَانَ الأَخْفَشُ قَدَرِيّاً، رَجُلَ سُوْءٍ، كِتَابُهُ فِي المَعَانِي صُوَيْلِحٍ، وَفِيْهِ أَشْيَاءُ فِي القَدَرِ.
وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ المَازِنِيُّ: كَانَ الأَخْفَشُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالكَلاَمِ، وَأَحْذَقَهُمْ بِالجَدَلِ.
قُلْتُ: أَخَذَ عَنْهُ: المَازِنِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَسَلَمَةُ، وَطَائِفَةٌ.
وَعَنْهُ، قَالَ: جَاءَنَا الكِسَائِيُّ إِلَى البَصْرَةِ، فَسَأَلَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ سِيْبَوَيْه، فَفَعَلْتُ، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.
وَكَانَ الأَخْفَشُ يُعَلِّمُ وَلَدَ الكِسَائِيِّ.
وَكَانَ ثَعْلَبٌ يُفَضِّلُ الأَخْفَشَ، وَيَقُوْلُ: كَانَ أَوْسَعَ النَّاسِ عِلْماً.
وَلهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ فِي: النَّحْوِ، وَالعَرُوضِ، وَمَعَانِي القُرْآنِ.
وَجَاءَ عَنْهُ، قَالَ: أَتَيْتُ بَغْدَادَ، فَأَتَيْتُ مَسْجِدَ الكِسَائِيِّ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ الفَرَّاءُ، وَالأَحْمَرُ، وَابْنُ سَعْدَانَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مائَةِ مَسْأَلَةٍ، فَأَجَابَ، فَخَطَّأْتُه فِي جَمِيْعِهَا، فَهَمُّوا بِي، فَمَنَعَهُمْ، وَقَالَ: بِاللهِ أَنْتَ أَبُو الحَسَنِ.
قُلْتُ: نَعَمْ.
(19/186)

فَقَامَ، وَعَانَقَنِي، وَأَجْلَسَنِي إِلَى جَنْبِهِ، وَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ يَتَأَدَّبَ أَوْلاَدِي بِكَ، فَأَجَبْتُهُ. (10/208)
مَاتَ الأَخْفَشُ: سَنَةَ نَيِّفَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ عَشْرٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ أَجْلَعَ - وَهُوَ الَّذِي لاَ تَنْطَبِقُ شَفَتَاهُ عَلَى أَسْنَانِهِ -.
وَقَدْ رَوَى عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالكَلْبِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ.
وَصَنَّفَ كُتُباً فِي النَّحْوِ، لَمْ يُتِمَّهَا.
قَالَ الرِّيَاشِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ أُجَالِسُ سِيْبَوَيْه، وَكَانَ أَعْلَمَ مِنِّي، وَأَنَا اليَوْمَ أَعْلمُ مِنْهُ. (10/209)
(19/187)

الطَّبَقَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ