المَدَائِنِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ |
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سَيْفٍ المَدَائِنِيُّ، الأَخْبَارِيُّ.
نَزَلَ بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَكَانَ عَجَباً فِي مَعْرِفَةِ السِّيَرِ وَالمَغَازِي وَالأَنسَابِ وَأَيَّامِ العَرَبِ، مُصَدِّقاً فِيْمَا يَنْقُلُهُ، عَالِيَ الإِسْنَادِ. وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَسَمِعَ: قُرَّةَ بنَ خَالِدٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ - وَشُعْبَةَ، وَجُوَيْرِيَةَ بنَ أَسْمَاءَ، وَعَوَانَةَ بنَ الحَكَمِ، وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَمُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ، وَحَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَسَلاَّمَ بنَ مِسْكِيْنٍ، وَطَبَقَتَهُم. وَكَانَ نَشَأَ بِالبَصْرَةِ. حَدَّثَ عَنْهُ: خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُتَوَكِّلِ، وَآخَرُوْنَ. قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: كَانَ أَبِي، وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَجْلِسُوْنَ بِالعَشِيَّاتِ عَلَى بَابِ مُصْعَبٍ، فَمَرَّ رَجُلٌ لَيْلَةً عَلَى حِمَارٍ فَارِهٍ، وَبِزَّةٍ حَسَنَةٍ، فَسَلَّمَ، وَخَصَّ بِمَسْأَلَتِهِ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ. فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: يَا أَبَا الحَسَنِ، إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى هَذَا الكَرِيْمِ الَّذِي يَمْلأُ كُمِّيَ دَنَانِيْرَ وَدَرَاهِمَ؛ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ. فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ يَحْيَى: ثِقَةٌ ثِقَةٌ ثِقَةٌ. (19/387) فَسَأَلْتُ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا المَدَائِنِيُّ. قَالَ الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ: سَرَدَ المَدَائِنِيُّ الصَّوْمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَقَارَبَ المائَةَ، وَقِيْلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ: مَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: أَشْتَهِي أَنْ أَعِيْشَ. قَالَ: وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَانَ عَالِماً بِالفُتُوْحِ وَالمَغَازِي وَالشِّعْرِ، صَدُوْقاً فِي ذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُ الحَارِثِ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ، وَمَاتَ فِي دَارِ إِسْحَاقَ المَوْصِلِيِّ، كَانَ مُنْقَطِعاً إِلَيْهِ. (10/402) قَالَ ابْنُ الإِخْشِيْذِ المُتَكَلِّمُ: كَانَ المَدَائِنِيُّ مُتَكَلِّماً، مِنْ غِلْمَانِ مَعْمَرِ بنِ الأَشْعَثِ. حَكَى المَدَائِنِيُّ: أَنَّهُ أُدْخِلَ عَلَى المَأْمُوْنِ، فَحَدَّثَهُ بِأَحَادِيْثَ فِي عَلِيٍّ، فَلَعَنَ بَنِي أُمَيَّةَ. فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي المُثَنَّى بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ، فَجَعَلْتُ لاَ أَسْمَعُ عَلِيّاً، وَلاَ حَسَناً، إِنَّمَا أَسْمَعُ: مُعَاوِيَةَ، يَزِيْدَ، الوَلِيْدَ، فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ عَلَى بَابِهِ، فَقَالَ: اسقِهِ يَا حَسَنُ. فَقُلْتُ: أَسَمَّيْتَ حَسَناً؟ فَقَالَ: أَوْلاَدِي: حَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَجَعْفَرٌ، فَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ يُسَمُّوْنَ أَوْلاَدَهُم بِأَسْمَاءِ خُلَفَاءِ اللهِ، ثُمَّ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ وَيَشْتِمُهُ. قُلْتُ: ظَنَنْتُكَ خَيْرَ أَهْلِ الشَّامِ، وَإِذَا لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ شَرٌّ مِنْكَ. فَقَالَ المَأْمُوْنُ: لاَ جَرَمَ قَدْ جَعَلَ اللهُ مَنْ يَلْعَنُ أَحْيَاءَهُم وَأَمْوَاتَهُم - يُرِيْدُ النَّاصِبَةَ -. قَدْ ذَكَرْنَا فَوتَ مُصَنَّفَاتِ المَدَائِنِيِّ فِي خَمْسِ وَرَقَاتٍ وَنِصْفٍ، مِنْهَا: (تَسْمِيَةُ المُنَافِقِيْنَ)، (خُطَبُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ)، كِتَابُ (فُتُوْحِهِ)، كِتَابُ (عُهُوْدِهِ)، كِتَابُ (أَخْبَارِ قُرَيْشٍ)، (أَخْبَارُ أَهْلِ البَيْتِ)، (مَنْ هَجَاهَا زَوْجُهَا)، (تَارِيْخُ الخُلَفَاءِ)، (خُطَبُ عَلِيٍّ وَكُتُبُهُ)، (أَخْبَارُ الحَجَّاجِ)، (أَخْبَارُ الشُّعَرَاءِ)، (قِصَّةُ أَصْحَابِ الكَهْفِ)، (سِيْرَةُ ابْنِ سِيْرِيْنَ)، (أَخْبَارُ الأَكَلَةِ)، كِتَابُ (الزّجْرِ وَالفَأْلِ)، كِتَابُ (الجَوَاهِرِ)، وَأَشْيَاءُ كَثِيْرَةٌ عَدِيْمَةُ الوُقُوْعِ. (10/403) (19/388) |