أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) م |
أَكْثَرَ مِمَّا لَقَطْتَ!
(21/377) فَقَالَ: رَأَيْتُ أَمراً اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، رَأَيتُهُم يَلْتَقِطُوْنَ، فَيَقُوْمُ الرَّجُلُ عَلَى أَرْبَعٍ، وَكُنْتُ أَزْحَفُ. أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الخَالِقِ: حَدَّثَنَا المَرُّوْذِيُّ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: خَرَجْتُ إِلَى الثَّغْرِ عَلَى قَدَمَيَّ، فَالْتَقَطتُ، لَوْ قَدْ رَأَيْتَ قَوْماً يُفْسِدُوْنَ مَزَارِعَ النَّاسِ، قَالَ: وَكُنَّا نَخْرُجُ إِلَى اللِّقَاطِ. قُلْتُ: وَرُبَّمَا نَسَخَ بِأُجْرَةٍ، وَرُبَّمَا عَمِلَ التِّكَكَ، وَأَجَّرَ نَفْسَهُ لِجمَّالٍ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -. (11/321) (21/378) فَصْلٌ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنِ المُسْلِمِ يَقُوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ: أَكرَمَكَ اللهُ. قَالَ: نَعَمْ، يَنْوِي بِهَا الإِسْلاَمَ. وَقِيْلَ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَطُوْفَ عَلَى أَرْبَعٍ، فَقَالَ: يَطُوْفُ طَوَافَيْنِ، وَلاَ يَطُفْ عَلَى أَرْبَعٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ: مِنْ عَجِيْبِ مَا سَمِعتُه عَنْ هَؤُلاَءِ الأَحدَاثِ الجُهَّالِ أَنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: أَحْمَدُ لَيْسَ بِفَقِيْهٍ، لَكِنَّهُ مُحَدِّثٌ. قَالَ: وَهَذَا غَايَةُ الجَهْلِ؛ لأَنَّ لَهُ اخْتِيَارَاتٍ بَنَاهَا عَلَى الأَحَادِيْثِ بِنَاءً لاَ يَعْرِفُهُ أَكْثَرُهُم، وَرُبَّمَا زَادَ عَلَى كِبَارِهِم. قُلْتُ: أَحسِبُهُم يَظُنُّوْنَهُ كَانَ مُحَدِّثاً وَبَسْ، بَلْ يَتَخَيَّلُونَه مِنْ بَابَةِ مُحَدِّثِي زَمَانِنَا، وَوَاللهِ لَقَدْ بَلَغَ فِي الفِقْهِ خَاصَّةً رُتْبَةَ اللَّيْثِ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي يُوْسُفَ، وَفِي الزُّهْدِ وَالوَرَعِ رُتْبَةَ الفَضْلِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، وَفِي الحِفْظِ رُتْبَةَ شُعْبَةَ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَلَكِنَّ الجَاهِلَ لاَ يَعلَمُ رُتْبَةَ نَفْسِه، فَكَيْفَ يَعْرِفُ رُتْبَةَ غَيْرِهِ. (21/379) حِكَايَةٌ مَوْضُوْعَةٌ: لَمْ يَسْتَحِي ابْنُ الجَوْزِيِّ مِنْ إِيْرَادِهَا، فَقَالَ: أَخْبَرْنَا ابْنُ نَاصِرٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الطُّيُوْرِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا القَاضِي هَمَّامُ بنُ مُحَمَّدٍ الأُبُلِّيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ بَكْرٍ الوَرَّاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، قَالَ: لَمَّا أُطلِقَ أَبِي مِنَ المِحْنَةِ، خَشِيَ أَنْ يَجِيْءَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، فَرَحَلَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ الرَّيَّ، دَخَلَ مَسْجِداً، فَجَاءَ مَطَرٌ كَأَفْوَاهِ القِرَبِ، فَقَالُوا لَهُ: اخْرُجْ مِنَ المَسْجَدِ لِنُغْلِقَهُ. فَأَبَى، فَقَالُوا: اخْرُجْ، أَوْ تُجَرَّ بِرِجْلِكَ. فَقُلْتُ: سَلاَماً. فَخَرَجتُ، وَالمَطَرُ وَالرَّعْدُ، وَلاَ أَدْرِي أَيْنَ أَضَعُ رِجْلِي، فَإذَا رَجُلٌ قَدْ خَرَجَ مِنْ دَارِهِ، فَقَالَ: يَا هَذَا، أَيْنَ تَمُرُّ؟ فَقُلْتُ: لاَ أَدْرِي. قَالَ: فَأَدْخَلَنِي إِلَى بَيْتٍ فِيْهِ كَانُوْنُ فَحْمٍ وَلُبُودٌ وَمَائِدَةٌ، فَأَكَلتُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ بَغْدَادَ. قَالَ: تَعْرِفُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ؟ فَقُلْتُ: أَنَا هُوَ. فَقَالَ: وَأَنَا إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه. (11/322) سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَلاَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ أَحَدٍ مِمَّنْ امتُحِنَ فَأَجَابَ. (21/380) أَبُو عَوَانَةَ: سَمِعْتُ المَيْمُوْنِيَّ يَقُوْلُ: صَحَّ عِنْدِي أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَحضُرْ أَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ لَمَّا مَاتَ، فَحَسِبتُ أَنَّ ذَلِكَ لإِجَابَتِهِ فِي المِحْنَةِ. وَعَنْ حَجَّاجِ بنِ الشَّاعِرِ، سَمِعَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: لَوْ حَدَّثتُ عَنْ أَحَدٍ مِمَّن أَجَابَ، لَحَدَّثتُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ وَأَبِي كُرَيْبٍ. قُلْتُ: لأَنَّ أَبَا مَعْمَرٍ الهُذَلِيَّ نَدِمَ وَمَقَتَ نَفْسَهُ، وَالآخَرُ أَجْرَوْا لَهُ دِيْنَارَيْنِ بَعْدَ الإِجَابَةِ، فَرَدَّهُمَا مَعَ فَقْرِهِ. الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ قَهْمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هَذَا يَزْعُمُ -يَعْنِي: أَحْمَدَ- أَنَّ اللهَ يُرَى فِي الآخِرَةِ، وَالعَيْنُ لاَ تَقَعُ إِلاَّ عَلَى مَحْدُوْدٍ. فَقَالَ: مَا عِنْدَك فِي هَذَا؟ قَالَ: عِنْدِي قَوْلُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَى حَدِيْثَ جَرِيْرٍ: (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُم كَمَا تَرَوْنَ هَذَا البَدْرَ). فَقَالَ لأَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ: مَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: انْظُرْ فِي إِسْنَادِهِ. وَانْصَرَفَ، وَوَجَّهَ إِلَى ابْنِ المَدِيْنِيِّ وَهُوَ بِبَغْدَادَ مُمْلِقٌ، فَأَحضَرَهُ، وَوَصَلَهُ بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: يَا أَبَا الحَسَنِ، حَدِيْثُ جَرِيْرٍ فِي الرُّؤْيَةِ...، وَذَكَرَ قِصَّةً. (11/323) أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ الحَرْبِيُّ، سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ الحَارِثِ يَقُوْلُ: وَدِدْتُ أَنَّ رُؤُوْسَهُم خُضِبَتْ بِدِمَائِهِم، وَأَنَّهُم لَمْ يُجِيْبُوا. نَقَلَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاءِ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ آخَرَ، أَنَّ هَذِهِ الأَبْيَاتِ لأَحْمَدَ فِي عَلِيٍّ: (21/381) يَا ابْنَ المَدِيْنِيِّ الَّذِي عُرِضَتْ لَهُ * دُنْيَا، فَجَادَ بِدِيْنِهِ لِيَنَالَهَا مَاذَا دَعَاكَ إِلَى انْتِحَالِ مَقَالَةٍ * قَدْ كُنْتَ تَزْعُمُ كَافِراً مَنْ قَالَهَا؟ أَمْرٌ بَدَا لَكَ رُشْدُهُ فَتَبِعْتَهُ * أَمْ زَهْرَةُ الدُّنْيَا أَرَدْتَ نَوَالَهَا؟ وَلَقَدْ عَهِدْتُكَ مَرَّةً مُتَشَدِّداً * صَعْبَ المَقَالَةِ لِلَّتِي تُدْعَى لَهَا إِنَّ المُرَزَّى مَنْ يُصَابُ بِدِيْنِهِ * لاَ مَنْ يُرَزَّى نَاقَةً وَفِصَالَهَا (11/324) ابْنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ سُلَيْمَانَ المُؤَدِّبُ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ التَّرَاوِيْحَ، وَكَانَ يُصَلِّي بِدَارِ عَمِّهِ، فَلَمَّا أَوْتَرَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى ثَدْيَيْهِ، وَمَا سَمِعنَا مِنْ دُعَائِهِ شَيْئاً، وَكَانَ فِي المَسْجَدِ سِرَاجٌ عَلَى الدَّرَجَةِ لَمْ يَكُنْ فِيْهِ قَنَادِيلُ وَلاَ حَصِيْرٌ وَلاَ خَلُوقٌ. قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي: بَلَغَنِي أَنَّ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيَّ أُعْطِيَ أَلْفَ دِيْنَارٍ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131]. وَذَكَرْتُ لَهُ ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدَ الأَعْلَى النَّرْسِيَّ، وَمَنْ قُدِمَ بِهِ إِلَى العَسْكَرِ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ أَيَّاماً قَلاَئِلَ، ثُمَّ تَلاَحَقُوا، وَمَا تَحَلَّوْا مِنْهَا بِكَبِيْرِ شَيْءٍ. قَالَ صَالِحٌ: قَالَ لِي أَبِي: كَانَتْ أُمُّكَ فِي الغَلاَءِ تَغزِلُ غَزلاً دَقِيْقاً، فَتَبِيعُ الأَسْتَارَ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ نَحْوِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ قُوتَنَا. قَالَ صَالِحٌ: كُنَّا رُبَّمَا اشتَرَينَا الشَّيْءَ، فَنَسْتُرُهُ مِنْهُ، لِئَلاَّ يُوَبِّخَنَا عَلَيْهِ. الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنَا المَرُّوْذِيُّ، قَالَ: (21/382) رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ عِيْسَى المِصْرِيَّ، وَمَعَهُ قَوْمٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ، دَخَلُوا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بِالعَسْكَرِ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا هَذَا الغَمُّ؟ الإِسْلاَمُ حَنِيفِيَّةٌ سَمْحَةٌ، وَبَيتٌ وَاسِعٌ. فَنَظَرَ إِلَيْهِم، وَكَانَ مُضطَجِعاً، فَلَمَّا خَرَجُوا، قَالَ: مَا أُرِيْدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ هَؤُلاَءِ. (11/325) الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السِّمْسَارُ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بنُ هَانِئٍ، قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ: بَكِّرْ حَتَّى نُعَارِضَ بشَيْءٍ مِنْ الزُّهْدِ. فَبَكَّرْتُ إِلَيْهِ، وَقُلْتُ لأُمِّ وَلَدِهِ: أَعطِينِي حَصِيراً وَمِخَدَّةً. وَبَسَطتُ فِي الدِّهْلِيْزِ، فَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَمَعَهُ الكُتُبُ وَالمِحْبرَةُ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ: لِنَجْلِسَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: ارفَعْهُ، الزُّهْدُ لاَ يَحْسُنُ إِلاَّ بِالزُّهْدِ. فَرَفَعْتُه، وَجَلَسَ عَلَى التُّرَابِ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يُوْسُفُ بنُ الضَّحَّاكِ، حَدَّثَنِي ابْنُ جَبَلَةَ، قَالَ: كُنْتُ عَلَى بَابِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَالبَابُ مُجَافٌ، وَأُمُّ وَلَدِه تُكَلِّمُه، وَتَقُوْلُ: أَنَا مَعَكَ فِي ضِيقٍ، وَأَهْلُ صَالِحٍ يَأْكُلُوْنَ وَيَفْعَلُوْنَ، وَهُوَ يَقُوْلُ: قُوْلِي خَيْراً. وَخَرَجَ الصَّبِيُّ مَعَهُ، فَبَكَى، فَقَالَ: مَا تُرِيْدُ؟ قَالَ: زَبِيْبٌ. قَالَ: اذْهَبْ، خُذْ مِنَ البَقَّالِ بِحَبَّةٍ. وَقَالَ المَيْمُوْنِيُّ: كَانَ مَنْزِلُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ضَيِّقاً صَغِيْراً، وَينَامُ فِي الحَرِّ فِي أَسْفَلِهِ. وَقَالَ لِي عَمُّهُ: رُبَّمَا قُلْتُ لَهُ فَلاَ يَفْعَلُ، يَنَامُ فَوْقُ. وَقَدْ رَأَيْتُ مَوْضِعَ مَضْجَعِهِ، وَفِيْهِ شَاذَكُوْنَةٌ وَبَرْذَعَةٌ، قَدْ غَلَبَ عَلَيْهَا الوَسَخُ. (11/326) (21/383) الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنِي حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ دَارَ أَحْمَدَ، فَرَأَيْتُ فِي بَهْوِهِ حَصِيْراً خَلَقاً وَمِخَدَّةً - وَكُتُبُه مَطْرُوْحَةٌ حَوَالَيْهِ - وَحُبَّ خَزَفٍ. وَقِيْلَ: كَانَ عَلَى بَابِهِ مِسْحٌ مِنْ شَعْرٍ. الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنَا المَرُّوْذِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيِّ، قَالَ لِي الأَمِيْرُ: إِذَا حَلَّ إِفطَارُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَأَرِنِيهِ. قَالَ: فَجَاؤُوا بِرَغِيْفَيْنِ: خُبْزٍ وَخُبَّازَةٍ، فَأَريتُهُ الأَمِيْرَ، فَقَالَ: هَذَا لاَ يُجِيْبُنَا إِذَا كَانَ هَذَا يُعِفُّهُ. قَالَ المَرُّوْذِيُّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي أَيَّامِ عِيدٍ: اشتَرَوْا لَنَا أَمْسِ بَاقِلَّى، فَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ بِهِ مِنَ الجَوْدَةِ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وَجَدتُ البَرْدَ فِي أَطرَافِي، مَا أُرَاهُ إلاَّ مِنْ إِدَامِي المِلْحِ وَالخَلِّ. قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُوْقٍ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبِي يَعُوْدُنِي فِي مَرَضِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَةِ، عِنْدَنَا شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يَبُرُّنَا بِهِ المُتَوَكِّلُ، أَفَأَحُجُّ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَإذَا كَانَ هَذَا عِنْدَكَ هَكَذَا، فَلِمَ لاَ تَأْخُذُ مِنْهُ؟ قَالَ: لَيْسَ هُوَ عِنْدِي حَرَامٌ، وَلَكِنْ تَنَزَّهْتُ عَنْهُ. رَوَاهُ: الخُلْدِيُّ، عَنْهُ. أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ، أَخْبَرَنَا الضَّبِّيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ الضُّبَعِيَّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ إِسْحَاقَ السَّرَّاجَ يَقُوْلُ: (21/384) قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يَوْماً: يَبلُغُنِي أَنَّ الحَارِثَ هَذَا -يَعْنِي: المُحَاسِبِيَّ- يُكْثِرُ الكَونَ عِنْدَكَ، فَلَو أَحضَرْتَهُ، وَأَجْلَسَتْنِي مِنْ حَيْثُ لاَ يَرَانِي، فَأَسْمَعُ كَلاَمَهُ. قُلْتُ: السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ. (11/327) وَسَرَّنِي هَذَا الابْتِدَاءُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَقَصَدتُ الحَارِثَ، وَسَأَلْتُه أَنْ يَحضُرَ، وَقُلْتُ: تَسأَلُ أَصْحَابَكَ أَنْ يَحضُرُوا. فَقَالَ: يَا إِسْمَاعِيْلُ، فِيْهِم كَثْرَةٌ فَلاَ تَزِدْهُم عَلَى الكُسْبِ وَالتَّمْرِ، وَأَكْثِرْ مِنْهُمَا مَا اسْتَطَعْتَ. فَفَعَلتُ مَا أَمَرَنِي، وَأَعْلَمتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ، فَحَضَرَ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَصَعَدَ غُرفَةً، وَاجتَهَدَ فِي وِرْدِهِ، وَحَضَرَ الحَارِثُ وَأَصْحَابُهُ، فَأَكَلُوا، ثُمَّ قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ، وَلَمْ يُصَلُّوا بَعْدَهَا، وَقَعَدُوا بَيْنَ يَدَيِ الحَارِثِ وَهُم سُكُوتٌ إِلَى قَرِيْبٍ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَابتَدَأَ وَاحِدٌ مِنْهُم، وَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَخَذَ الحَارِثُ فِي الكَلاَمِ، وَهُم يَسْمَعُوْنَ، وَكَأَنَّ |