أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ صَالِحٍ الهَرَوِيُّ (ق)
 
الشَّيْخُ، العَالِمُ، العَابِدُ، شَيْخُ الشِّيْعَةِ، أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ صَالِحٍ الهَرَوِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، مَوْلَى قُرَيْشٍ، لَهُ فَضلٌ وَجَلاَلَةٌ، فَيَا لَيْتَهَ ثِقَةٌ.
رَوَى عَنْ: مَالِكٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَشَرِيْكٍ، وَعَبْدِ الوَارِثِ، وَهُشَيْمٍ، وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَعَلِيِّ بنِ مُوْسَى الرِّضَى، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ ضُرَيْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَالحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. (11/447)
وَكَانَ زَاهِداً، مُتَعَبِّداً، أُعْجِبَ بِهِ المَأْمُوْنُ لَمَّا رَآهُ، وَأَدنَاهُ، وَجَعَلَهُ مِنْ خَاصَّتِه.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ: قَدِمَ مَرْوَ غَازياً.
وَلَمَّا أَرَادَ المَأْمُوْنُ أَنْ يُظهِرَ التَّجَهُّمَ وَخَلْقَ القُرْآنِ، جَمَعَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ بِشْرِ بنِ غِيَاثٍ لِيُنَاظِرَهُ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو الصَّلْتِ يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الأَهوَاءِ مِنَ الجَهْمِيَّة وَالمُرْجِئَةِ وَالقَدَرِيَّةِ، فَكَلَّمَ بِشْراً غَيْرَ مَرَّةٍ بِحَضْرَةِ المَأْمُوْنِ، وَاسْتَظْهَرَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ سَيَّارٍ: نَاظَرْتُهُ لأَستَخْرِجَه، فَلَمْ أَرَهُ يَغْلُو، وَرَأَيْتُهُ يُقَدِّمُ أَبَا بَكْرٍ، وَلاَ يَذكُرُ الصَّحَابَةَ إِلاَّ بِالجَمِيْلِ.
(22/30)

وَقَالَ: هَذَا مَذْهَبِي وَدِيْنِي، إِلاَّ أَنَّ ثَمَّ أَحَادِيْثَ يَروِيهَا فِي المَثَالِبِ.
قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ، فَقَالَ: لَيْسَ مِمَّنْ يَكْذِبُ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يُوَثِّقُ أَبَا الصَّلْتَ، فَذَكَرَ لَهُ حَدِيْثَ: (أَنَا مَدِيْنَةُ العِلْمِ)، فَقَالَ: قَدْ حَدَّثَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الفَيْدِيُّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: جُبِلَتِ القُلُوْبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا، وَكَانَ هَذَا بَارّاً بِيَحْيَى، وَنَحْنُ نَسْمَعُ مِنْ يَحْيَى دَائِماً، وَنَحتَجُّ بِقَولِه فِي الرِّجَالِ، مَا لَمْ يَتَبَرهَنْ لَنَا وَهْنُ رَجُلٍ انفَرَدَ بِتَقْوِيَتِه، أَوْ قُوَّةِ مَنْ وَهَّاهُ. (11/448)
وَقَدْ ضَرَبَ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى حَدِيْثِ أَبِي الصَّلْتِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَكُنْ عِنْدِي بِصَدُوْقٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قِيْلَ عَنْهُ: إِنَّهُ قَالَ: كَلْبٌ لِلْعَلَوِيَّةِ خَيْرٌ مِنْ جَمِيْعِ بَنِي أُمَيَّةَ.
قَالَ حَاتِمُ بنُ يُوْنُسَ الجُرْجَانِيُّ الحَافِظُ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ، أَحْمَقٌ.
وَعَنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ جَاءَ إِلَى أَبِي الصَّلْتِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي الصَّلْتِ، قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً أَسْأَلُه، وَكُنْتُ آتِيهِ وَأَنَا صَبِيٌّ، وَحَجَجتُ خَمْسِيْنَ حَجَّةً.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُصْمٍ، سَمِعْتُ أَبَا الصَّلْتِ يَقُوْلُ:
أَخَذتُ مِنْ هَؤُلاَءِ -يَعْنِي: الدَّوْلَةَ- أَلفَ أَلفٍ وَثَلاَثَ مائَةِ أَلْفٍ، وَضَعْتُ مِنْهَا سَبْعَ مائَةِ أَلفٍ فِي أَهْلِ الحَرَمَيْنِ.
(22/31)

قَالَ أَبُو زَيْدٍ الضَّرِيْرُ: حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فُلاَنٍ، عَنِ أَبِيْهِ، قَالَ:
إِذَا خَرَجَ المَهْدِيُّ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ لَهُ جَارٌ مُرْجِئٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلْيَبِعْهُ، وَيَقضِي دَينَهُ.
فَسَمِعْتُ مَشَايِخَ مِمَّنَ حَضَرَ يَقُوْلُوْنَ: لَمَّا حَدَّثَ أَبُو الصَّلْتِ بِهَذَا، قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ الحَنَفِيُّ: لَيْسَ ذَا بِمَهْدِيٍّ، بَلْ مُعتَدِي، يَأْمُرُ بِبَيعِ الأَحرَارِ.
وَقَامُوا مِنْ عِنْدِهِ، وَتَرَكُوهُ.
مَاتَ أَبُو الصَّلْتِ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فِي شَوَّالِهَا.
وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةٍ.
خَرَّجَ لَهُ: ابْنُ مَاجَهْ. (11/449)
(22/32)