الجُوْعِيُّ أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القَاسِمُ بنُ عُثْمَانَ العَبْدِيُّ
 
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الوَلِيُّ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القَاسِمُ بنُ عُثْمَانَ العَبْدِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، وَرَفِيْقُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، عُرِفَ: بِالجُوْعِيِّ.
صَحِبَ: أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ.
وَسَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ العَمْرِيَّ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَنَسٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دُحَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: تَفَرَّدَ الجُوْعِيُّ بِحَدِيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوْعاً: (مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ). (12/78)
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقْرَأُ عِنْدَ القَاسِمِ بنِ عُثْمَانَ، فَيَصِيْحُ القَاسِمُ وَيَصْعَقُ، وَكَانَ فَاضِلاً مِنْ مُحَدِّثِي دِمَشْقَ، كَانَ يُقَدَّمُ فِي الفَضْلِ عَلَى أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ أَوْسٍ: سَمِعْتُ قَاسِماً الجُوْعِيَّ، وَكَانَ صُوْفِيّاً نُسِبَ إِلَى الجُوْعِ.
(23/73)

وحَكَى أَبُو عَلِيٍّ الحَصَائِرِيُّ، عَنْ أَبِي الرِّضَا الصَّيَّادِ، قَالَ:
كَانَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ عَابِدَ أَهْلِ الشَّامِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ: قَدِمَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ دِمَشْقَ مَعَ المَأْمُوْنِ، فَبَعَثَ إِلَى أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، فَجَاءَ إِلَيْهِ وَجَالَسَهُ، فَخَلَعَ يَحْيَى عَلَيْهِ طَوِيْلَةً وَمَلْبُوْساً، وَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: فَرِّقْهَا يَا أَبَا الحَسَنِ حَيْثُ تَرَى.
فَدَخَلَ بِهَا المَسْجِدَ، وَصَلَّى صَلَوَاتٍ بِالخِلْعَةِ، فَقَالَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ: أَخَذَ دَرَاهِمَ اللُّصُوْصِ، وَلبِسَ ثِيَابَهُم.
ثُمَّ أَتَى الجَامِعَ، وَمَرَّ بِهِ وَهُوَ فِي التَّحِيَّاتِ، فَلَمَّا حَذَاهُ لَطَمَ القَلَنْسُوَةَ، فَسَلَّمَ أَحْمَدُ، وَأَعْطَى القَلَنْسُوَةَ ابْنَهُ إِبْرَاهِيْمَ، فَذَهَبَ بِهَا، فَقَالَ لَهُ مَنْ رَآهُ: مَا رَأَيْتَ مَا فَعَلَ بِكَ هَذَا؟
فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ. (12/79)
وَمِنْ كَلاَمِ القَاسِمِ: رَأْسُ الأَعْمَالِ الرِّضَى عَنِ اللهِ، وَالوَرَعُ عِمَادُ الدِّيْنِ، وَالجُوْعُ مُخُّ العِبَادَةِ، وَالحِصْنُ الحَصِيْنُ الصَّمْتُ.
وَقَالَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ زِيَادٍ يَقُوْلُ:
مَكْتُوْبٌ فِي التَّوْرَاةِ: مَنْ سَالَمَ سَلِمَ، وَمَنْ شَاتَمَ شُتِمَ، وَمَنْ طَلَبَ الفَضْلَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ نَدِمَ.
وَقَالَ: الشَّهَوَاتُ نَفَسُ الدُّنْيَا، فَمَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ فَقَدْ تَرَكَ الدُّنْيَا.
إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُخَاصِمُ، فَهُوَ يُحِبُّ الرِّئَاسَةَ.
قَالَ عَمْرُو بنُ دُحَيْمٍ: تُوُفِّيَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ زَاهِدَ الوَقْتِ هَذَا الجُوْعِيُّ بِدِمَشْقَ، وَالسَّرِيُّ السَّقَطِيُّ بِبَغْدَادَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَذُو النُّوْنِ بِمِصْرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ بِطُوْسَ.
وَأَيْنَ مِثْلُ هَؤُلاَءِ السَّادَةِ؟ مَا يَمْلأُ عَيْنِي إِلاَّ التُّرَابُ أَوْ مَنْ تَحْتَ التُّرَابِ. (12/80)
(23/74)