الدَّارِمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الفَضْلِ (م، د، ت)
 
ابْنِ بَهْرَامَ بنِ عَبْدِ اللهِ، الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ، ثُمَّ الدَّارِمِيُّ، السَمَرْقَنْدِيُّ.
وَدَارِمٌ هُوَ ابْنُ مَالِكِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيْمٍ.
طَوَّفَ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَقَالِيمَ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَيَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَجَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ، وَبِشْرِ بنِ عُمَرَ الزَّهْرَانِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ المَجِيْدِ الحَنَفِيِّ، وَأَخِيْهِ؛ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الكَبِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ البُرْسَانِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَالنَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ - وَهُوَ أَقْدَمُهُمْ مَوْتاً - وَأَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بنِ القَاسِمِ، وَعُثْمَانَ بنِ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَامرٍ الضُّبَعِيِّ، وَالأَسْوَدِ بنِ عَامِرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيِّ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيِّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَمُسْلِمٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، وَيَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، وَخَلْقٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى: دُحَيْمٍ، وَخَلِيْفَةَ بنِ خَيَّاطٍ.
(23/216)

حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ - وَهُوَ أَقدَمُ مِنْهُ - وَرَجَاءُ بنُ مُرَجَّى، وَالحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى - وَهُم أَكْبَرُ مِنْهُ -.
وَقَدْ روَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضاً عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ عَنْهُ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ الجَارُوْدِيُّ، وَعِيْسَى بنُ عُمَرَ السَمَرْقَنْدِيُّ رَاوِي (مُسْنَدِهِ) عَنْهُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سُلَيْمَانَ البَلْخِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَقَالَ:
تَرَكنَاهُ لِقَولِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لأَنَّهُ إِمَامٌ. (12/226)
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ دَاوُدَ السَمَرْقَنْدِيُّ: قَدِمَ قَرِيْبٌ لِي مِنَ الشَّاشِ، فَقَالَ: أَتيتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَجَعَلْتُ أَصِفُ لَهُ أَبَا المُنْذِرِ، وَجَعَلتُ أَمدَحُهُ، فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُ هَذَا، فَقَدْ طَالَتْ غَيبَةُ إِخْوَانِنَا عَنَّا، لَكِنْ أَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ عَلَيْكَ بِذَاكَ السَّيِّدِ، عَلَيْكَ بِذَاكَ السَّيِّدِ.
رَوَى: نُعَيْمُ بنُ نَاعِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ: غَلَبَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالحِفْظِ وَالوَرَعِ.
(23/217)

قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيَّ يَقُوْلُ: يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ! مَا دَامَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَيْنَ أَظهُرِكُمْ، فَلاَ تَشتَغِلُوا بِغَيْرِهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ يَقُوْلُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمَامُنَا.
وَسَمِعْتُ عُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُوْلُ: أَمْرُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ فِيْمَا يَقُوْلُوْنَ مِنَ البَصَرِ وَالحِفْظِ وَصِيَانَةِ النَّفسِ -
عَافَاهُ اللهُ -.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ: حُفَّاظُ الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: أَبُو زُرْعَةَ بِالرَّيِّ، وَمُسْلِمٌ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِسَمَرْقَنْدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بِبُخَارَى. (12/227)
قُلْتُ: كَانَ بُنْدَارٌ يَفتَخِرُ بِكَونِهِمْ حَمَلُوا عَنْهُ.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زَبْرَكَ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، قَالَ:
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَعْلَمُ مَنْ دَخَلَ العِرَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى أَعْلَمُ مَنْ بِخُرَاسَانَ اليَوْمَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ أَوْرَعُهُم، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَثْبَتُهُم.
وَرَوَى: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: إِنَّمَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ خَمْسَةً: مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ.
(23/218)

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللهِ عَلَى غَايَةٍ مِنَ العَقلِ وَالدِّيَانَةِ، مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الحِلمِ وَالدِّرَايَةِ وَالحِفْظِ وَالعِبَادَةِ وَالزُّهَّادَةِ، أَظهَرَ عِلْمَ الحَدِيْثِ وَالآثَارِ بِسَمَرْقَنْدَ، وَذَبَّ عَنْهَا الكَذِبَ، وَكَانَ مُفَسِّراً كَامِلاً، وَفَقِيْهاً عَالِماً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ الدَّارِمِيُّ مِنَ الحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ، وَأَهْلِ الوَرَعِ فِي الدِّيْنِ مِمَّنْ حَفِظَ وَجَمَعَ، وتَقَفَّهَ، وَصَنَّفَ وَحَدَّثَ، وَأَظهَرَ السُّنَّةَ بِبَلَدِهِ، وَدَعَا إِلَيْهَا، وَذَبَّ عَنْ حَرِيْمِهَا، وَقَمَعَ مَنْ خَالفَهَا. (12/228)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ الرَّحَّالِيْنَ فِي الحَدِيْثِ، وَالمَوصُوفِينَ بِحِفْظِهِ وَجَمْعِهِ وَالإِتْقَانِ لَهُ، مَعَ الثِّقَةِ وَالصِّدْقِ، وَالوَرَعِ وَالزُّهْدِ، وَاسْتُقْضِيَ عَلَى سَمَرْقَنْدَ، فَأَبَى، فَأَلَحَّ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ حَتَّى يُقَلِّدَهُ، وَقَضَى قَضِيَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ اسْتَعْفَى، فَأُعْفِيَ، وَكَانَ عَلَى غَايَةِ العَقلِ، وَنِهَايَةِ الفَضْلِ، يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الدَّيَانَةِ وَالحِلْمِ وَالرَّزَانَةِ، وَالاجْتِهَادِ وَالعِبَادَةِ، وَالزَّهَادِةِ وَالتَّقَلُّلِ، وَصَنَّفَ (المُسْنَدَ) وَ(التَّفْسِيْرَ) وَ(الجَامِعَ).
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ:
وُلِدْتُ فِي سَنَةِ مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ المَرْوَزِيُّ الحَافِظُ: كَانَ الدَّارِمِيُّ حَسَنُ المَعْرِفَةِ، قَدْ دَوَّنَ (المُسْنَدَ) وَ(التَّفْسِيْرَ).
(23/219)

مَاتَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، يَوْمَ التَّروِيَةِ بَعْدَ العَصرِ، وَدُفِنَ يَوْمَ عَرَفَةَ، يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ الحَافِظُ مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَاهَانَ البَلْخِيُّ تِلمِيذُهُ فِي تَارِيْخِ وَفَاتِهِ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ، فَقَدْ أَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الأَوَّلِ. (12/229)
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ: كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيْهِ نَعْيُّ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَنَكَّسَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَفَعَ، وَاسْتَرْجَعَ، وَجَعَلَ تَسِيْلُ دُمُوْعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
إِنْ تَبْقَ تُفْجَعْ بِالأَحِبَّةِ كُلِّهِم * وَفَنَاءُ نَفْسِكَ - لاَ أَبَا لَكَ - أَفْجَعُ
ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: مَا سَمِعنَاهُ يُنْشِدُ إِلاَّ يَجِيْءُ فِي الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الدَّارِمِيُّ رُكْناً مِنْ أَركَانِ الدِّيْنِ، قَدْ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَالنَّاسُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ بُنْدَارٌ وَالكِبَارُ، وَبَلَغَنَا عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَذَكَرَ الدَّارِمِيَّ، فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا، فَلَمْ يَقْبَلْ.
قَالَ رَجَاءُ بنُ مُرَجَّى: رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه... - وَسَمَّى جَمَاعَةً - فَمَا رَأَيْتُ أَحفَظَ مِنْ عَبْدِ اللهِ الدَّارِمِيِّ.
وَمِنْ حَدِيْثِهِ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ عَسْكَرٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَابْنُ الحُبُوْبِيِّ، قَالُوا: