الذُّهْلِيُّ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ وَابْنُهُ (خ، 4) |
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ فَارِسِ بنِ ذُؤَيْبٍ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، البَارعُ، شَيْخُ الإِسْلامِ، وَعَالِمُ أَهْلِ المَشْرِقِ، وَإِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ بِخُرَاسَانَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيُّ مَوْلاَهُمُ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. وَسَمِعَ مِنَ: الحَفْصَيْنِ؛ حَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالحُسَيْنِ بنِ الوَلِيْدِ، وَعَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُنَانِيِّ، وَمَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ بِنَيْسَابُوْرَ. وَارْتَحَلَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةَ مَوْتِ وَكِيْعٍ، فَكَتَبَ بِالرَّيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ الضُّرَيْسِ، وَطَبَقَتِهِ. وَكَتَبَ بِأَصْبَهَانَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ - كَذَا قَالَ الحَاكِمُ -. (12/274) وَأَحْسِبُهُ لَقِيَهُ بِالبَصْرَةِ، فَإِنَّهُ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ، فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَنَازَةُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَكَانَتْ فِي صَفَرٍ، مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ، وَعَاشَ بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَأَكْثَرَ عنْهُ، وَهُوَ أَقدَمُ شَيْخٍ لَهُ وَأَجَلُّهُم. وَسَمِعَ بِهَا مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ البُرْسَانِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَنَفِيِّ، وَأَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ، وَصَفْوَانَ بنِ عِيْسَى، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَحَبَّانَ بنِ هِلاَلٍ، وَطَبَقَتِهِم. (23/263) وَبِالْكُوْفَةِ عَنْ: أَسْبَاطِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرِو بنِ مُحَمَّدٍ العَنْقَزِيِّ، وَيَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدٍ - أَخِيْهِ - وَجَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ، وَمَحَاضِرِ بنِ المُوَرِّعِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي بَدْرٍ السَّكُوْنِيِّ، وَعِدَّةٍ. وَبِوَاسِطَ مِنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ، وَعِدَّةٍ. وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي النَّضْرِ، وَالأَسْوَدِ بنِ عَامِرٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَالوَاقِدِيِّ، وَخَلْقٍ. وَبِمَكَّةَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئِ، وَطَبَقَتِهِ. وَبَالمَدِيْنَة مِنْ: عَبْدِ الملكِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، وَعِدَّةٍ. وَبَاليَمَنِ مِنْ: عَبْدِ الرَّزَّاقِ - فَأَكْثَرَ - وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبَانٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَكِيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ. وَبِمِصْرَ مِنْ: عَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي صَالِحٍ. بِالشَّامِ مِنَ: الفِرْيَابِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ جَمِيْلٍ، وَأَبِي مُسْهِرٍ، وَأَبِي اليَمَانِ، وَعَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ. وَبَالجَزِيْرَةِ مِنْ: عَمْرِو بنِ خَالِدٍ، وَالنُّفَيْلِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنْ هَذَا الجِيْلِ. وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازِلَ، وَكَانَ بَحْراً لاَ تُكَدِّرهُ الدِّلاءُ. جَمَعَ عِلْمَ الزُّهْرِيِّ، وَصَنَّفَهُ، وَجَوَّدَهُ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: الذُّهْلِيُّ. وَانتَهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ العِلْمِ وَالعَظَمَةِ وَالسُّؤْدُدِ بِبَلَدَهِ. كَانَتْ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجيبَةٌ بِنَيْسَابُوْرَ، مِنْ نَوْعِ جَلاَلَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِبَغْدَادَ، وَمَالِكٍ بِالمَدِيْنَةِ. (12/275) (23/264) رَوَى عَنْهُ: خَلاَئِقُ، مِنْهُمُ الأَئِمَّةُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، وَعَمْرُو بنُ خَالِدٍ - وَهَؤُلاَءِ مِنْ شُيُوْخِهِ - وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، وَيُدَلِّسُهُ كَثِيْراً، لاَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، بَلْ يَقُوْلُ: مُحَمَّدٌ فَقطْ، أَوْ مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ، أَوْ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ يَنْسِبُهُ إِلَى الجَدِّ، وَيُعمِّي اسْمَهُ لِمَكَانِ الوَاقِعِ بَيْنَهُمَا - غفَرَ اللهُ لَهُمَا -. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ صَاحِبُ (السُّنَنِ)، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ؛ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ فِي (سنَنِهِم)، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمكِيُّ بنُ عَبْدَانَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَحَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ الطُّوْسِيُّ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو عَليٍّ المَيْدَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَأَكْثَرَ عَنْهُ مُسْلِمٌ، ثُمَّ فسَدَ مَا بَيْنَهُمَا، فَامْتَنَعَ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، فَمَا ضَرَّهُ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كتَبَ عَنْهُ أَبِي بِالرَّيِّ، وَقَالَ: ثِقَةٌ. ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ. (23/265) وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ، فَقَالَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَقَالَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ. وَقَالَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ. (12/276) وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ العَارِفينَ، وَالحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ. صَنَّفَ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ، وَجَوَّدَهُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَنْشُرُ فَضْلَهُ. قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ جَنَازَةَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَالنَّاسُ يَعْدُوْنَ بَيْنَ يَديهَا وَخلفهَا، وَلِي ثَمَانُ سِنِيْنَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ النَّضْرِ الجَارُوديَّ يَقُوْلُ: بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى كَانَ يَكْتُبُ فِي مَجْلِسِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، فنَظَرَ عَلِيُّ بنُ سَلَمَةَ اللَّبَقِيُّ إِلَى حُسنِ خَطِّهِ وَتَقْييده، فَقَالَ: يَا بُنِي أَلا أَنصحُكَ؟ إِنَّ أَبَا زَكَرِيَّا يُحَدِّثُكَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ حَيٌّ، وَعَنْ وَكِيْعٍ وَهُوَ حَيٌّ بِالْكُوْفَةِ، وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ وَجَمَاعَةٍ أَحيَاءٌ بِالبَصْرَةِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ وَهُوَ حَيٌّ بِأَصْبَهَانَ، فَاخرجْ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَلا تُضَيِّعْ أَيَّامَكَ فعملَ فِيْهِ قَوْلُهُ، فَخَرَجَ إِلَى أَصْبَهَانَ فسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَالحُسَيْنِ بنِ حَفْصٍ، ثُمَّ دَخَلَ البَصْرَة وَقَدْ مَاتَ يَحْيَى، فَكَتَبَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ وَأَقْرَانِهِ، وَأَكْثَرَ بِهَا المُقَامَ، حَتَّى مَاتَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ. (23/266) قُلْتُ: مَا كَانَ يُمْكِنُهُ لُقِيُّه، فَإِنَّ سُفْيَانَ مَاتَ فِي وَسطِ السَّنَةِ، وَلا كَانَ يُمْكِنُهُ المَسِيرُ إِلَى مَكَّةَ إِلاَّ مَعَ الوفدِ، وَأَمَّا وَكِيْعٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يتحرَّكَ الذُّهْلِيُّ مِنْ بلدِهِ. قَالَ: فَخَرَجَ إِلَى اليَمَنِ، وَأَكْثَرَ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَقْرَانِهِ، ثُمَّ رَجَعَ وَحَجَّ، وَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ ثُمَّ الشَّام. وَبَاركَ اللهُ لَهُ فِي علمِهِ حَتَّى صَارَ إِمَامَ عَصرِهِ. (12/277) قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُولِيُّ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ الرَّيَّ، وَكَانَ فَضْلَكُ يُذَاكِرنُي حَدِيْثَ شُعْبَةَ، فَأَلقَى عَلَيَّ لشُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صُبَيْحٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ) فَلَمْ أَحْفَظْ، فَقَالَ فَضْلَكُ: أَنَا أُفِيدُكَهُ، إِذَا دَخَلتَ نَيْسَابُوْرَ تَرَى شَيْخاً حسنَ الشّيبِ، حَسَنَ الوَجْهِ، رَاكباً حِمَاراً مصريّاً، حسَنَ اللِّباسِ. فَإِذَا رَأَيْتَهُ، فَاعلمْ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، فسَلْهُ عَنْ هَذَا، فَهُوَ عِنْدَهُ عَنْ سَعِيْدِ بنِ وَاصلٍ، عَنْ شُعْبَةَ. فَلَمَّا دَخَلْتُ نَيْسَابُوْرَ اسْتَقبلنِي شَيْخٌ بِهَذَا الوَصْفِ، فَقُلْتُ: يُشبِهُ أَنْ يَكُوْنَ. فسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا: هُوَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، فَتَبِعْتُهُ إِلَى أَنْ نَزَلَ، فسلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَأَخْبَرتُهُ بِقصدِي إِيَّاهُ. (23/267) فَنَزَلتُ فِي مَسْجِدِهِ، وَكَتَبْتُ مَجْلِساً مِنْ أَصولِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ وَصَلَّى قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ: حَدَّثَكُم سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ؟ فذَكَرْتُ الحَدِيْثَ، فَقَالَ لِي: يَا فَتَى، مَنْ يَنْتخبْ هَذَا الاَنتخَابَ، وَيَقْرَأْ هَذِهِ القِرَاءةَ، يعلمْ أَنَّ سَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ شُعْبَةَ بِمثلِ هَذَا الحَدِيْثِ. فَقُلْتُ: نَعَمْ، أَيُّهَا الشَّيْخُ حَدَّثكُم سَعِيْدُ بنُ وَاصلٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. (12/278) قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَأَحْمَدُ بنُ نصرٍ الخَفَّافُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غفَرَ لِي. قُلْتُ: فَمَا فعلَ بِحَدِيْثِكَ؟ قَالَ: كُتِبَ بِمَاءِ الذَّهبِ، وَرُفِعْتُ فِي عِلِّيِّينَ. قَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو المُسْتَمْلِي، يَقُوْلُ: دَفَنْتُ مِنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بَعْدَ وَفَاتِهِ أَلْفَي جُزءٍ. قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَنْصُوْرٍ القَاضِي يَقُوْلُ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ، فَقُلْتُ: مُحَمَّد ُبنُ يَحْيَى صليبَةً كَانَ أَوْ مَوْلَىً؟ قَالَ: لاَ صليبَةً وَلاَ مَوْلَىً. كَانَ جدُّهُم فَارِس مَوْلَىً لاِبْنِ مُعَاذٍ، وَكَانَ مُعَاذُ بنُ مُسْلِمِ بنِ رَجَاءَ رهينَةً عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، رهنَهُ عِنْدَهُ أَبُوْهُ، ثُمَّ ارتدَّ، فَأَرَادَ مُعَاوِيَةُ قَتْلَ ابْنِهِ رَجَاءَ، وَكَانَ عِنْدَهُ القعقَاعُ بنُ شَوْرٍ الذُّهْلِيُّ، فَاسْتوهَبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فوهبَهُ مِنْهُ، فَأَطلقَهُ، فَهَذَا كَانَ النَّسبُ. (23/268) الدَّغُوْلِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى قَالَ: لَمَّا رحلتُ بَابنِي إِلَى العِرَاقِ صحبَنِي جَمَاعَةٌ مِنَ الغربَاءِ، فَسَأَلونِي: أَيُّ حَدِيْثٍ عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَغربُ؟ فَكُنْتُ أَقُوْلُ: إِذَا دخلْنَا عَلَيْهِ، سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثٍ تَسْتفيدُوْنَهُ. فَلَمَّا دخلْنَا سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ بُريدَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَعْمَر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ حَدِيْث الإِيْمَانِ. فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، لَيْسَ هُوَ عِنْدِي عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، فَخَجِلْتُ، وَقُمْنَا، فَأَخَذَ أَصْحَابُنَا يَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ ذكَرَ هَذَا الحَدِيْثَ غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحْمَدُ، وَأَنَا سَاكتٌ لاَ أُجِيْبُهُمْ. (12/279) قَالَ: ثُمَّ قدِمْنَا بَغْدَادَ، فَدَخَلْنَا عَلَى أَحْمَدَ، فرحَّبَ بِنَا، وَسأَلَ عَنَّا. ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: أَيُّ حَدِيْثٍ اسْتفدْتَ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ؟ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيْثَ الإِيْمَانِ. فَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ كِتَابَهُ، وَأَملَى عَلَيْنَا. فَسَكَتَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَلَمْ يَقُلْ: سأَلنَاكَ عَنْهُ. فتعجَّبَ أَصْحَابُهُ مِنْ صبرِهِ. قَالَ: فَأَخبَر أَحْمَدُ بِأَنَّهُ كَانَ سأَلَهُ عَنِ الحَدِيْثِ قَبْل خُرُوْجِهِ إِلَى البَصْرَةِ. فَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ إِذَا ذكرَهُ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَاقلُ. قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَزْهَرِيُّ: سَمِعْتُ خَادِمَةَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَهُوَ عَلَى السَّرِيْرِ يُغَسَّلُ، تَقُوْلُ: خَدَمْتُهُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَكُنْتُ أَضَعُ لَهُ المَاءَ، فَمَا رَأَيْتُ سَاقَهُ قَطُّ، وَأَنَا مِلْكٌ لَهُ. (23/269) قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ زَيْدٍ المُعَدَّلَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ الذُّهْلِيِّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي فِي الصَّيْفِ الصَّائِفِ وَقْتَ القَائِلَةِ، وَهُوَ فِي بَيْتِ كُتُبِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ السِّرَاجُ، وَهُوَ يُصَنِّفُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَةِ، هَذَا وَقْتُ الصَّلاَةِ، وَدُخَانُ هَذَا السِّرَاج بِالنَّهَارِ، فَلَو نَفَّسْتَ عَنْ نَفْسِكَ. قَالَ: يَا بُنَيَّ، تَقُوْلُ لِي هَذَا، وَأَنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِيْنَ!! (12/280) وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، سَمِعْتُ خَالِي عَبْدَ اللهِ بنَ عَلَّوَيْه، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، فَقَامَ إِلَيْهِ، وَقَرَّبَ مَجْلِسَهُ، وَأَمرَ بَنِيه وَأَصْحَابَهُ أَنْ يَكْتُبُوا عَنْهُ. زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ: أَتيتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ نَيْسَابُوْرَ. قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى لَهُ مَجْلِسٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: لَوْ أَنَّهُ عِنْدنَا، لجعلنَاهُ إِمَاماً فِي الحَدِيْثِ. ثُمَّ ذَكَرْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، فَقَالَ: مَنْ مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ؟ ثُمَّ سكتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: لَعَ?َّهُ الَّذِي كَانَ مَعَنَا عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: لِمَ لاَ تَجْمَعُ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ؟ فَقَالَ: كفَانَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى ذَلِكَ. (23/270) قَالَ زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: كُنْتُ أَسمَعُ مَشَايِخنَا يَقُوْلُوْنَ: الحَدِيْثُ الَّذِي لاَ يَعْرِفُهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى لاَ يُعْبَأُ بِهِ. وَقَالَ أَبُو قُرَيْشٍ الحَافِظُ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي زُرْعَةَ، فَجَاءَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ سَاعَةً، وَتذَاكرَا. فَلَمَّا أَن قَامَ قُلْتُ لَهُ: هَذَا جَمَعَ أَرْبَعَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ فِي (الصَّحِيْحِ). فَقَالَ: فلِمَنْ تركَ البَاقِي؟ ثُمَّ قَالَ: هَذَا لَيْسَ لَهُ عقلٌ، لَوْ دَارَى مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى لصَارَ رَجُلاً. (12/281) الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحِيْمِ الجَوْزَجَانِيُّ قَالَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: إِنِّي أَريدُ البَصْرَةَ، وَقَدْ عرَفْتَ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ وَمَا بينَهُم. فَقَالَ: إِذَا قدِمْتَ فَسَلْ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيِّ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ فَالزمْهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كتبَ أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بِالرَّيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ، إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَثَّقَهُ أَبِي وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: هُوَ إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَكَانَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ. الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ القَارِئُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: إِذَا رَوَى عَنِ المُحَدِّثِ رَجُلاَنِ ارتفَعَ عَنْهُ اسْمُ الجهَالَةِ. (12/282) (23/271) وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: تَقَدَّمَ رَجُلٌ إِلَى عَالِمٍ، فَقَالَ: علِّمْنِي وَأَوْجِزْ. قَالَ: لأُوجِزَنَّ لَكَ، أَمَّا لآخِرَتِكَ: فَإِنَّ اللهَ أَوحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنبيَائِهِ: قُلْ لقومِكَ: لَوْ كَانَتِ المَعْصِيَةُ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوْتِ الجَنَّةِ لأَوْصَلَتْ إِلَيْهِ الخرَابَ. وَأَمَّا لدُنْيَاكَ فَإِنَّ الشَّاعِرَ يَقُوْلُ: مَا النَّاسُ إِلاَّ مَعَ الدُّنْيَا وَصَاحِبِهَا * وَكَيْفَ مَا انقَلَبَتْ يَوْماً بِهِ انْقَلَبُوا يُعَظِّمُوْنَ أَخَا الدُّنْيَا فَإِنْ وَثَبَتْ * يَوْماً عَلَيْهِ بِمَا لاَ يَشْتَهِي وَثَبُوا قَالَ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى: خَرَجتُ مَعَ وَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا بَلَغنَاهَا، أَصَابتْنَا شِدَّةٌ، فَسَمِعْتُ وَهباً يَقُوْلُ: إِنَّ الَّذِي نَجَّاكَ مِنْ بَطْنِ ذَمَهْ * وَمِنْ سُيولٍ فِي بُطونٍ مُفْعَمَه لقَادِرٌ أَنْ يَسْتَتِمَّ نِعَمَهُ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَدْ جَعَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ إِمَاماً فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ زَيْدٍ، وَهُوَ عَدْلٌ رِضَىً، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، وَكُنْت وَاقفاً عَلَى رَأْسِهِ، بَعْدَ الفرَاغِ مِنَ المَجْلِسِ، وَبِيَدِي قلمٌ، فَنَقَطَ نُقْطَةً عَلَى ثَوْبِهِ، فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ، فَقَالَ: تُرَانِي أُحِبُّكَ بَعْد هَذَا!! (23/272) الحَاكِمُ: سَمِعْتُ عبدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ الفَامِيَّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي يدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ كِتَاباً قَطُّ، مَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَمِنْ حِفْظِهِ. أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ يَحْيَى الوَاسِطِيُّ، وَكَانَ شَيْخاً قَصِيْراً، أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، كَتَبْتُ عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْث بِوَاسِطَ سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ. (12/283) وَقَالَ لَنَا عَفَّانُ: إِذَا قُلْتُ لَكُم: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، وَلَمْ أَنْسِبْهُ، فَهُوَ ابْنُ سلمَةَ. قَالَ ابْنُ يَحْيَى: وَإِذَا قَالَ حَجَّاجٌ: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، فَهُوَ ابْنُ سلمَةَ. وَمَا رَوَى سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ، عَنْ حَمَّادٍ فَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ، وَجَمِيْعُهُم سَمِعُوا مِنَ الحَمَّادَيْنِ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى: أَثْبَتُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَوهبُ بنُ جَرِيْرٍ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ. قَالَ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ يَقُوْلُ: ارتحلْتُ ثَلاَثَ رحلاَتٍ، وَأَنْفَقْتُ عَلَى العِلْمِ مائَةً وَخَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَلَمَّا دَخَلْتُ البَصْرَةَ اسْتَقبلتَنِي جِنَازَةُ يَحْيَى القَطَّانِ عَلَى بَابِ البَصْرَةِ. وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ أَبدأْ بِالبَصْرَةِ لَمْ يَفُتْنِي أَبُو أُسَامَةَ، وَحُسَيْنُ الجُعْفِيُّ. (23/273) عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ سَافِرِي بِالرَّمْلَةِ يَقُوْلُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: نكتُبُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى؟ قَالَ: اكتُبُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ. قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: نكتبُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى؟ قَالَ: اكتُبُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، مَا لَهُ يُرِيْدُ أَنْ يُحَدِّثَ. أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ لِي عليُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: أَنْتَ وَارِثُ الزُّهْرِيِّ. (12/284) قَالَ السُّلَمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ: مَنْ تُقَدِّمُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَمَرْقَنْديِّ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ وَيعرِفَ قُصُورَ علمِهِ عَنْ عِلْمِ السَّلَفِ، فلينظُرْ فِي (عِلَلِ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ) لِمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَقَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ إِمَامُ عصرِهِ، أَسْكَنَهُ اللهُ جَنَّتَهُ مَعَ مُحِبِّيهِ. وَقَدْ سُئِلَ صَالِحٌ جَزَرَة عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، فَقَالَ: مَا فِي الدُّنْيَا أَحمقُ مِمَّنْ يَسْأَلُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى. قَالَ ابْنُ الشَّرْقِيِّ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى. ثُمَّ قَالَ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ. زَادَ غَيْرُهُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ. وبِخَطِّ أَبِي عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: عَاشَ ستّاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. (23/274) وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى البَاشَانِيَّ يَقُوْلُ: مَاتَ الذُّهْلِيُّ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعِ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ. وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ. (12/285) كَانَ الذُّهْلِيُّ شَدِيْدَ التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ، قَامَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ لِكَوْنِهِ أَشَارَ فِي (مَسْأَلَةِ خَلْقِ العِبَادِ) إِلَى أَنَّ تَلَفُّظَ القَارِئِ بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، فلوَّحَ وَمَا صَرَّحَ، وَالحقَّ أَوضحَ. وَلَكِنْ أَبَى البحثَ فِي ذَلِكَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَالذُّهْلِيُّ، وَالتَّوسعَ فِي عبارَاتِ المُتَكَلِّمِيْنَ سدّاً للذَّريعَةِ، فَأَحسنُوا، أَحسنَ اللهُ جزَاءهُم. وَسَافَرَ ابْنُ إِسْمَاعِيْلَ مُخْتَفِياً مِنْ نَيْسَابُوْرَ، وَتَأَلَّمَ مِنْ فِعْلِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى وَمَا زَالَ كَلاَمُ الكِبَارِ المُتَعَاصِرين بَعْضهِمْ فِي بَعْضٍ لاَ يُلْوَى عَلَيْهِ بِمفرَدِهِ. وَقَدْ سُقْتُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ إِسْمَاعِيْلَ - رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ، وَغفرَ لَهُمْ وَلنَا آمِيْن -. وَلَمَّا تُوُفِّيَ الذُّهْلِيُّ تَقَدَّمَ فِي الصَّلاَةِ عَلَيْهِ أَمِيْرُ خُرَاسَانَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ فِي مَيدَانِ الحُسَيْنِ. (12/286) (23/275) |