المَرُّوْذِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ
 
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ المَرُّوْذِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ، وَصَاحِبُ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكَانَ وَالِدُهُ خُوَارِزْمِيّاً، وَأُمُّهُ مَرُّوَذِيَّةً.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ المائَتَيْنِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَلاَزَمَهُ، وَكَانَ أَجَلَّ أَصْحَابِهِ.
وَعَنْ: هَارُوْنَ بنِ مَعْرُوْفٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ المِنْهَالِ الضَّرِيْرِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ القَوَارِيْرِيِّ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالعَبَّاسِ بنِ عَبْدِ العَظِيْمِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رِزْمَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ، وَعَبْدُ اللهِ الخِرَقِيُّ وَالِدُ الفَقِيْهِ أَبِي القَاسِمِ، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَذَّاءُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الرَّاشِدِيُّ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ دَاوُدَ، يَقُوْلُ:
لاَ أَعْلَمُ أَحَداً أَقْوَمَ بِأَمْرِ الإِسْلاَمِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ المَرُّوْذِيِّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ صَدَقَةَ: مَا عَلِمْتُ أَحَداً أَذَبَّ عَنْ دِيْنِ اللهِ مِنَ المَرُّوْذِيِّ. (13/174)
قَالَ الخَلاَّلُ: سَمِعْتُ المَرُّوْذِيَّ، يَقُوْلُ:
(25/171)

كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يَبْعَثُ بِيَّ فِي الحَاجَةِ، فَيَقُوْلُ: قُلْ مَا قُلْتُ، فَهُوَ عَلَى لِسَانِي، فَأَنَا قُلْتُهُ.
قَالَ الخَلاَّلُ: خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الغَزْوِ فَشَيَّعُوهُ إِلَى سَامَرَّاءَ، فَجَعَلَ يَرُدُّهُم فَلاَ يرجِعُوْنَ.
قَالَ: فَحُزِرُوا فَإِذَا هُمْ بِسَامَرَّاءَ، سِوَى مَنْ رَجَعَ، نَحْو خَمْسِيْنَ أَلْفاً، فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ: احْمَدِ اللهَ فَهَذَا عَلَمٌ قَدْ نُشِرَ لَكَ.
فَبَكَى، وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا العَلَمَ لِي، إِنَّمَا هُوَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَد.
قَالَ الخَطِيْبُ فِي المَرُّوْذِيِّ: هُوَ المُقَدَّمُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ لِوَرَعِهِ وَفَضْلِهِ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَأْنَسُ بِهِ، وَيَنْبَسِطُ إِلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَى إِغْمَاضَهُ لَمَّا مَاتَ، وَغَسَّلَهُ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَسَائِلَ كَثِيْرَةً.
وَقِيْلَ لعَبْدِ الوَهَّابِ الوَرَّاقِ: إِنْ تَكَلَّمَ أَحَدٌ فِي أَبِي طَالِبٍ، وَالمَرُّوْذِيِّ، أَمَا البُعْدُ مِنْهُ أَفْضَلُ؟
قَالَ: نَعَمْ، مَنْ تَكَلَّمَ فِي أَصْحَابِ أَحْمَدَ فاتَّهِمْهُ ثُمَّ اتَّهِمْهُ، فَإِنَّ لَهُ خبئَةَ سَوْءٍ، وَإِنَّمَا يُرِيْدُ أَحْمَدَ.
الخَلاَّلُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ، قَالَ المَرُّوْذِيُّ:
رَأَيْتُ كَأَنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، وَالمَلاَئِكَةَ حَوْلَ بَنِي آدَمَ، وَيَقُوْلُوْنَ: قَدْ أَفْلَحَ الزَّاهِدُوْنَ، اليَوْمَ فِي الدُّنْيَا، وَالنَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: يَا أَحْمَدُ! هَلُمَّ إِلَى العَرْضِ عَلَى اللهِ.
قَالَ: فرَأَيْتُ أَحْمَدَ وَالمَرُّوْذِيَّ وَحْدَهُ خَلْفَهُ، وَقَدْ رُؤِي أَحْمَدُ رَاكِباً، فَقِيْلَ: إِلَى أَيْنَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟
قَالَ: إِلَى شَجَرَة طُوْبَى نَجْلُو أَبَا بَكْرٍ المَرُّوْذِيَّ. (13/175)
(25/172)

قَالَ الخَلاَّلُ: المَرُّوْذِيُّ أَوَّلُ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَوْرَعُهُم.
رَوَى عَنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ مَسَائِلَ مُشْبَعَةً كَثِيْرَةً، وَأَغْرَبَ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي دِقَاقِ المَسَائِلِ وَفِي الوَرَعِ، وَهُوَ الَّذِي غَمَّضَ أَبَا عَبْدِ اللهِ، وَغَسَّلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَداً.
تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي السُّنَّةِ، شَدِيْدَ الاَتِّبَاعِ، لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القُرَشِيُّ فِي كِتَابِهِ، عَنْ أَسَعْدَ بنِ رَوْحٍ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ مَعْمَرٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ دُبَيْس بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ المَرُّوْذِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا سَلاَّمٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
أَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَى يُوْسُفَ: يَا يُوْسُفُ، مَنْ نَجَّاكَ مِنَ القَتْلِ إِذْ هَمَّ إِخْوَتُكَ بِقَتْلِكَ؟
قَالَ: أَنْتَ يَا رَبِّ.
قَالَ: فَمَنْ نَجَّاكَ مِنَ المَرْأَةِ إِذْ هَمَمْتَ بِهَا؟
قَالَ: أَنْتَ.
قَالَ: فَمَا بَالُكَ نَسِيْتَنِي، وَذَكَرْتَ مَخْلُوْقاً؟
قَالَ: يَا رَبِّ! كَلِمَةٌ تَكَلَّمَ بِهَا لِسَانِي، وَوَجَبَ قَلْبِي.
قَالَ: وَعِزَّتِي لأُخَلِّدَنَّكَ فِي السِّجْنِ سِنِيْنَ. (13/176)
غَرِيْبٌ مَوْقُوْفٌ.
(25/173)

أَنْبَأَنَا شَيْخُ الإِسْلاَمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَبَّاسِيُّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَتَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَصْرَمَ، وَأَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نُوْحٍ - رَفِيْقُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كُلُّ أُمَّةٍ بَعْضُهَا فِي الجَنَّةِ، وَبَعْضُهَا فِي النَّارِ، إِلاَّ هَذِهِ الأُمَّةَ فَإِنَّهَا كُلَّهَا فِي الجَنَّةِ).
وَمَاتَ سَنَةَ (75) مَعَ المَرُّوْذِيِّ: أَحْمَدُ بنُ مُلاعِبٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ صَاحِبُ (السُّنَنِ)، وَأَبُو عَوْفٍ البُزُوْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ - غُلاَمُ خَلِيْلٍ - وَمُحَمَّدُ بنُ أَصْبَغَ بنِ الفَرَجِ، وَفَهْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّلاَلُ. (13/177)
(25/174)