غُلاَمُ خَلِيْلٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ البَاهِلِيُّ
 
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، الوَاعِظُ، شَيْخُ بَغْدَادَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبِ بنِ خَالِدِ بنِ مِرْدَاسَ البَاهِلِيُّ، البَصْرِيُّ، غُلاَمُ خَلِيْلٍ.
سَكَنَ بَغْدَادَ.
وَكَانَ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ، وَصَوْلَةٌ مَهِيْبَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ، وَاتِّبَاعٌ كَثِيْرٌ، وَصِحَّةُ مُعْتَقَدٍ، إِلاَّ أَنَّهُ يَرْوِي الكَذِبَ الفَاحِشَ، وَيَرَى وَضْعَ الحَدِيْثِ.
نَسْأَلُ اللهَ العَافيَةَ.
رَوَى عَنْ: دِيْنَارٍ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لَقِيَ أَنَساً، وَعَنْ: قُرَّةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَشَيْبَانَ، وَسُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ.
وَخَفِيَ حَالُهُ عَلَى الكِبَارِ أَوَّلاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَعُثْمَانُ السَّمَّاكُ، وَأَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ، لَمْ يَكُنْ عِنْدِي مِمَّنْ يَفْتَعِلُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: سَرَقَ غُلاَمُ خَلِيْلٍ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَبِيْبٍ.
وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ: غُلاَمُ خَلِيْلٍ مِمَّنْ لاَ أَشُكُّ فِي كَذِبِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: ذَاكَ دَجَّالُ بَغْدَادَ، نَظَرْتُ فِي أَرْبَعِ مائَةِ حَدِيْثٍ لَهُ، عُرِضَتْ عَلَيَّ، كُلُّهَا كَذِبٌ، مُتُوْنُهَا وَأَسَانِيْدُهَا.
(25/282)

وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ النُّهَاوَنْدِيَّ يَقُوْلُ: كلَّمْتُ غُلاَمَ خَلِيْلٍ فِي هَذِهِ الأَحَادِيْثَ، فَقَالَ: وَضَعْنَاهَا لِتُرَقِّقَ القُلُوْبَ. (13/284)
وفِي (تَارِيْخِ بَغْدَادَ): أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الشَّعِيْرِيّ قَالَ: قُلْتُ لغُلاَمِ خَلِيْلٍ لَمَّا رَوَى عَنْ بَكْرِ بنِ عِيْسَى، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! هَذَا شَيْخٌ قَدِيْمُ الوَفَاةِ، لَمْ تَلْحَقْهُ، فَفَكَّرَ، وَخِفْتُ أَنَا، فَقُلْتُ: كَأَنَّكَ سَمِعْتَ مِنْ رَجُلٍ بِاسْمِهِ؟
فَسَكَتَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، قَالَ لِي: إِنِّي نَظَرْتُ البَارِحَةَ فِيْمَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ بِالبَصْرَةِ، مِمَّنْ يُقَال لَهُ: بَكْرُ بنُ عِيْسَى، فَوَجَدْتُهُم سِتِّيْنَ رَجُلاً.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: قَدِمَ مِنْ وَاسِطَ غُلاَمُ خَلِيْلٍ، فَذُكِرَتْ لَهُ هَذِهِ الشَّنَاعَات -يَعْنِي: خَوْضَ الصُّوْفِيَّةِ- وَدَقَائِقَ الأَحْوَالِ الَّتِي يَذُمُّهَا أَهْلُ الأَثَرِ، وَذُكِرَ لَهُ قَوْلُهُم بِالمَحَبَّةِ، وَيَبْلُغُهُ قَوْلُ بَعْضِهم: نَحْنُ نُحِبُّ رَبَّنَا وَيُحِبُّنَا، فَأَسْقَطَ عَنَّا خَوْفَهُ بِغَلَبَةِ حُبِّهِ - فَكَانَ يُنْكِرُ هَذَا الخَطَأَ بِخَطَأٍ أَغْلَظَ مِنْهُ، حَتَّى جَعَلَ مَحَبَّةَ الله بِدْعَةً، وَكَانَ يَقُوْلُ: الخَوْفُ أَوْلَى بِنَا.
قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّم، بَلِ المَحَبَّةُ وَالخَوْفُ أَصْلاَنِ، لاَ يَخْلُو المُؤْمِنُ مِنْهُما، فَلَمْ يَزَلْ يَقُصُّ بِهِم، وَيُحَذِّرُ مِنْهُم، وَيُغْرِي بِهِمُ السُّلْطَانَ وَالعَامَّةَ، وَيَقُوْلُ: كَانَ عِنْدَنَا بِالبَصْرَةِ قَوْمٌ يَقُوْلُوْنَ بِالحُلُوْلِ، وَقَوْمٌ يَقُوْلُوْنَ بِالإِبَاحَةِ، وَقَوْمٌ يَقُوْلُوْنَ كَذَا، فَانتَشَرَ فِي الأَفْوَاهِ أَنَّ بِبَغْدَادَ قَوماً يَقُوْلُوْنَ بِالزَّنْدَقَةِ.
(25/283)

وكَانَتْ تَمِيْلُ إِلَيْهِ وَالِدَةُ المُوَفَّقِ، وَكَذَلِكَ الدَّوْلَةُ وَالعَوَامُّ، لزُهْدِهِ وَتَقَشُّفِهِ، فَأَمَرَتِ المُحْتَسِبَ أَنْ يُطِيْعَ غُلاَمَ خَلِيْلٍ، فَطَلَبَ القَوْمَ، وَبَثَّ الأَعْوَانَ فِي طَلَبِهِم، وَكُتِبُوا، فَكَانُوا نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ نَفْساً، فَاخْتَفَى عَامَّتُهُم، وَبَعْضُهُم خَلَّصَتْهُ العَامَّةُ، وَحُبِسَ مِنْهُم جَمَاعَةٌ مُدَّةً. (13/285)
قُلْتُ: وَهَرَبَ النَّوَرِيّ إِلَى الرَّقَّةِ.
قَالَ ابْنُ كَامِلٍ: مَاتَ غُلاَمُ خَلِيْلٍ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَغُلِقَتِ الأَسْوَاقُ، وَخَرَجَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حُمِلَ فِي تَابُوْتٍ إِلَى البَصْرَةِ، وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ قُبَّةٌ.
قَالَ: وَكَانَ فَصِيْحاً مُعْرِباً، يَحْفَظُ عِلْماً كَثِيْراً، وَيَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ، وَيَقْتَاتُ بِالبَاقِلاَ صرفاً.
(25/284)