أَبُو عَمْرٍو الخَفَّافُ أَحْمَدُ بنُ نَصْرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
 
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الكَبِيْرُ، القُدْوَة، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْر بن إِبْرَاهِيْم النَّيْسَابُوْرِيّ، المَعْرُوف بِالخفَّاف.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: كَانَ نسيج وَحده جلاَلَةً، وَرِئاسَةً، وَزهداً، وَعُبَادَةً وَسخَاء نَفْس.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَأَبَا عَمَّار الحُسَيْن بن حُرَيْثٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن أَبِي رِزمَة، وَالحُسَيْن بن الضَّحَّاك، وَمُحَمَّد بن رَافِع، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ بن شقيق، وَأَقرَانهُم بِنَيْسَابُوْر.
وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَأَبَا همَّام السَّكُوْنِيّ، وَالطَّبَقَة بِبَغْدَادَ.
وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَهَنَّاد بن السَّرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُف الصَّيْرَفِيّ، وَطَبَقَتهُم بِالكُوْفَةِ.
وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِب، وَأَبَا مُصعب الزُّهْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن عِمْرَانَ العَابِديّ، وَعِدَّةً بِالمَدِيْنَةِ.
وَمُحَمَّد بن يَحْيَى العَدَنِيّ، وَغَيْرهُ بِمَكَّةَ. (13/561)
وَجَمَع وَصَنَّف وَبَرَع فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ بن فَارِس، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّبغِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد بن حَمْدُوْن الذُّهْلِيّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَد بن أَبِي بَكْر الحِيْرِيّ، وَخَلْقٌ مِنْ مشيخَة الحَاكِم.
(26/71)

قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاق المُزَكِّي، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاج يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَمْرٍو الخفَّاف، كَانَ يسرد الحَدِيْث سرداً حَتَّى المُنْقَطِع وَالمُرْسَل.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ الصِّبْغِيَّ يَقُوْلُ: صَام أَبُو عَمْرٍو الخفَّاف الدَّهْر نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: ليته أَفطر وَصَام، فَمَا خفِي -وَاللهِ- عَلَيْه النَّهْي عَنْ صيَام الدَّهْر، وَلَكِن لَهُ سلف، وَلَوْ صَامُوا أَفْضَل الصَّوْم، للزمُوا صوم دَاوُد -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الصِّبغِيَّ غَيْرَ مَرَّة يَقُوْلُ: كُنَّا نَقُوْل: إِنَّ أَبَا عِمْرَان يَفِي بِمذكرَاة مئَة أَلْف حَدِيْث. (13/562)
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْتِدَاء حَال أَبِي عَمْرٍو، وَأَحْمَد بن نَصْر الرَّئيس الزُّهْد وَالوَرَع، وَصحبَة الأَبْدَال، إِلَى أَنْ بلغَ مِن العِلْم وَالرِّئاسَة وَالجَلاَلَة مَا بلغَ، وَلَمْ يَكُنْ يُعْقِب.
قَالَ: فَلَمَّا أَيس مِنَ الوَلَد، تصدَّق بِأَمْوَالٍ، كَانَ يُقَالُ: إِنَّ قيمتهَا خَمْسَة آلاَف ألف دِرْهَم، عَلَى الأَشرَاف وَالفُقَرَاء وَالموَالِي.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّب الكَرَابِيْسِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَة يَقُوْلُ عَلَى رُؤُوْس الملأِ يَوْم مَاتَ أَبُو عَمْرٍو الخفَّاف: لَمْ يَكُنْ بِخُرَاسَان أَحْفَظ مِنْهُ لِلْحَدِيْث.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُؤَمَّل بن الحَسَنِ المَاسَرْجسِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الخفَّاف يَقُوْلُ: كَانَ عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار -يَعْنِي السُّلْطَان- يَقُوْلُ لِي: يَا عمّ! مَتَى مَا عَلِمتَ شَيْئاً لاَ يُوَافقك فَاضرب رقبتِي، إِلَى أَنْ أَرجع إِلَى هواك.
(26/72)

قُلْتُ: كَذَا فليكن السُّلْطَان مَعَ الشَّيْخ، وَقَدْ كَانَ عَمْرو بن اللَّيْث صَانعاً فِي الصُّفر، فَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى أَنْ تملَّك خُرَاسَان، وَتملَّك بَعْدَهُ أَخُوْهُ يَعْقُوْب، فَانْظُرْ فِي (تَارِيْخ الإِسْلام) تسمع العجب مِنْ سِيرَتِهِمَا.
وَكَانَ الرَّئيس أَبُو عَمْرٍو عَظِيْم القدر، سَيِّداً مطَاعاً ببلده، نَال رِئاسَة الدّين وَالدُّنْيَا، وَكَانُوا يُلقِّبونه بزين الأَشرَاف.
وَكَانَتْ وَفَاته فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ مِنْ أبْناءِ الثَّمَانِيْنَ. (13/563)
وَقَعَ لِي حَدِيْثه عَالِياً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَد بن هِبَة الله بن تَاج الأُمَنَاء، أَنْبَأَنَا عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْر الخفَّاف، حَدَّثَنَا نَصْر بن عَلِيّ، حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بن دَاوُد، عَنْ ثَوْر، عَنْ خَالِد بن مَعْدَان، عَنْ رَبِيْعَة الجُرَشِيّ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -:
(أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يتحرَّى صوم الاثْنَيْن وَالخَمِيْس، وَيَصُوْم شَعْبَان وَرَمَضَان).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَرَبِيْعَة قِيْلَ: لَهُ صُحْبَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَحْمَد بن أَنَس بن مَالِك الدِّمَشْقِيّ، وَالحُسَيْن بن عَبْدِ اللهِ الفَقِيْه وَالد الخِرَقيّ، وَعَلِيّ بن سَعِيْدِ بن بَشِيْرٍ الرَّازِيّ، وَمُحَمَّد بن يَزِيْد بن عَبْد الصَّمَدِ، وَالعَارف مُمْشَاذ الدِّيْنَوَرِيّ، وَحُسَيْن بن حُمَيْد العَكِّيّ المِصْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الوَارِث بن مُسْلِم التُّجِيْبِيّ، وَمُحَمَّد بن اللَّيْث الجَوْهَرِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَد بن الحُسَيْن الحَذَّاء، وَأَحْمَد بن عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ الجَارُوْد الأَصْبَهَانِيّ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدِ بنِ البخترِيّ الحنّائِيّ، وَالحَسَن بن أَحْمَد الصَّيْقَل المِصْرِيّ. (13/564)
(26/73)