ابْنُ سُرَيْجٍ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ
 
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، فَقِيْهُ العِرَاقَين، أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بن سُرَيْج البَغْدَادِيّ، القَاضِي الشَّافِعِيّ، صَاحِبُ المُصَنَّفَات.
وُلِدَ:سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ فِي الحدَاثَةِ، وَلَحِقَ أَصْحَابَ سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْع.
فسَمِعَ مِنَ:الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ - تِلْمِيْذِ الشَّافِعِيّ - وَمِنْ:عَلِيِّ بن إِشكَاب، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَعَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ غَالِب العَطَّار، وَعَبَّاسِ بنِ عَبْدِ اللهِ التُّرْقُفِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيّ، وَالحَسَنِ بنِ مُكرم، وَحَمْدَان بنِ عَلِيٍّ الوَرَّاق، وَمُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الصَّائِغ، وَأَبِي عَوْفٍ البُزُورِيّ، وَعُبَيْدِ بنِ شَرِيْك البَزَّار، وَطَبَقَتِهِم.
وَتفقَّه بِأَبِي القَاسِمِ عُثْمَانَ بنِ بَشَّار الأَنْمَاطِيّ الشَّافِعِيّ، صَاحِب المُزَنِيّ، وَبِهِ انْتَشَر مَذْهَب الشَّافِعِيِّ، بِبَغْدَادَ، وَتخرَّج بِهِ الأَصْحَاب.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ الغِطْرِيْف الجُرْجَانِيّ، وَغَيْرهُم.(14/202)
يَقَع لِي مِنْ عَالِي رِوَايَتِه فِي جزء الغِطْرِيْفِيّ.
(27/220)

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِم:أَنْبَأَنَا أَبُو اليُمْن الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ السَّلاَم، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي(طبقَات الفُقَهَاء)قَالَ:كَانَ يُقَالُ لاِبْنِ سُرَيْج:البَاز الأَشهب.
وَلِيَ القَضَاءَ بشِيرَاز، وَكَانَ يُفضَّل عَلَى جَمِيْع أَصْحَاب الشَّافِعِيّ، حَتَّى عَلَى المُزَنِيّ.
وَإِنَّ فِهْرستَ كُتُبه كَانَ يشتمل عَلَى أَرْبَع مائَة مصَنَّف، وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ يَقُوْلُ:نَحْنُ نجرِي مَعَ أَبِي العَبَّاسِ فِي ظوَاهر الفِقْه دُوْنَ دقَائِقه.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ الأَنْمَاطِيّ، وَأَخَذَ عَنْهُ خَلق، وَمِنْهُ انْتَشَرَ المَذْهَب.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ خَيْرَان:سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ بن سُرَيْج يَقُوْلُ:رَأَيْتُ كَأَنَّمَا مُطِرْنَا كِبْريتاً أَحمر، فملأَتُ أَكمَامِي وَحِجْرِي، فَعُبِّرَ لِي:أَنْ أُرزقَ عِلْماً عَزِيْزاً كَعِزَّة الكِبْريت الأَحْمَر.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْه:سَمِعْتُ ابْنَ سُرَيْج يَقُوْلُ:قَلَّ مَا رَأَيْتُ مِنَ المتفقِّهَة مَنِ اشْتَغَلَ بِالكَلاَم فَأَفلح، يفوتُهُ الفِقْهُ وَلاَ يصل إِلَى مَعْرِفَة الكَلاَم.(14/203)
وَقَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ حَسَّانَ بنَ مُحَمَّد يَقُوْلُ:كُنَّا فِي مَجْلِس ابْن سُرَيْج سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فَقَالَ:أَبْشِرْ أَيُّهَا القَاضِي، فَإِنَّ اللهَ يبعثُ عَلَى رَأْسِ كُلّ مائَة سَنَةٍ مَنْ يجدِّد - يَعْنِي:لِلأُمَّة - أَمر دِينهَا، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى بعثَ عَلَى رَأْس المائَة عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبَعَثَ عَلَى رَأْس المائَتَيْنِ مُحَمَّد بن إِدْرِيْسَ الشَّافِعِيّ، وَبعثَكَ عَلَى رَأْس الثَّلاَث مائَة، ثُمَّ أَنشَأَ يَقُوْلُ:
(27/221)

اثْنَانِ قَدْ ذَهَبَا فَبُورِكَ فِيْهِمَا*عُمَرُ الخَلِيْفَةُ ثُمَّ حلفُ السُّؤْدُدِ
الشَّافِعِيّ الأَلْمَعِيُّ مُحَمَّدٌ*إِرْثُ النُّبُوَّةِ وَابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ
أَبْشِرْ أَبَا العَبَّاسِ إِنَّكَ ثَالثٌ*مِنْ بَعْدِهِمْ سُقْياً لتُرْبَةِ أَحْمَدِ
قَالَ:فصَاح أَبُو العَبَّاسِ، وَبَكَى، وَقَالَ:لَقَدْ نعَى إِلَيَّ نَفْسِي.
قَالَ حَسَّانُ الفَقِيْه:فَمَاتَ القَاضِي أَبُو العَبَّاسِ تِلْكَ السّنَة.
قُلْتُ:وَقَدْ كَانَ عَلَى رَأْس الأَربع مائَة الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإسْفَرَايينِيّ، وَعَلَى رَأْسِ الخمس مائَة أَبُو حَامِدٍ الغزَالِيّ، وَعَلَى رَأْس الَسْتِّ مائَة الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيّ، وَعَلَى رَأْس السَّبعِ مائَة شَيْخنَا أَبُو الفَتْحِ ابْنُ دَقيق العِيْد.
وَإِن جعلتَ(مَنْ يُجَدِّد)لفظاً يَصْدُقُ عَلَى جَمَاعَة - وَهُوَ أَقوَى - فَيَكُوْنُ عَلَى رَأْس المائَة:عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْز خَلِيْفَةُ الوَقْت، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالحَسَنُ البَصْرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِينُ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وطائفةٌ.
وَعَلَى رَأْس المائَتَيْنِ مَعَ الشَّافِعِيِّ:يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَشهبُ الفَقِيْه، وَعِدَّةٌ.
وَعَلَى رَأْس الثَّلاَث مائَة مَعَ ابْنِ سُرَيْج:أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَطَائِفَةٌ.(14/204)
(27/222)

وَمِمَّنْ مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ:مُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيّ، وَشَيْخُ الصُّوْفِيَّة أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الجلاَّء أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بِالشَّامِ، وَالمُحَدِّثُ حَاجِبُ بنُ أَركين الفَرْغَانِيّ، وَالحَافِظُ عَبْدَان بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَهْوَازِيّ، وَالمُحَدِّث عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ زَاطِيَا المُخَرِّمِيّ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ وَكِيْع الأَخْبَارِيّ، وَمُحَدِّثُ قَزْوين أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ بن الحَارِثِ الأَسَدِيّ، وَمُفْتِي الشَّافِعِيَّة بِمِصْرَ أَبُو الحَسَنِ مَنْصُوْرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضَّرِيْر.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي عُمَرَ إِذْناً:أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي قَالاَ:
أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْج، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِشكَاب، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ ذرّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرُّصَافَة البَاهِلِيُّ مِنْ أَهْلِ الشَّام:
أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ حَدَّثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ، قَالَ:(مَا مِنِ امرِئٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيَتَوَضَّأُ عِنْدَهَا، فَيُحْسِنُ الوُضُوءَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيُحْسِنُ الصَّلاَةَ إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ بِهَا مَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلاَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا مِنْ ذُنُوبِه).
وَبِهِ:حَدَّثَنَا ابْنُ سُرَيْج:حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيّ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَبِيْعَةَ الرَّأْي، عَنْ يَزِيْدَ مَوْلَى المُنْبَعث، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ، قَالَ:سُئِلَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ اللُّقَطَةِ؟
فَقَالَ:(عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْهَا).(14/205)
(27/223)