ابْنُ خُزَيْمَةَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ صَالِحِ بنِ بَكْرٍ السُّلَمِيُّ |
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، إِمَامُ الأَئِمَّةِ، أَبُو بَكْرٍ السُّلَمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَعُنِيَ فِي حَدَاثتِه بِالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، حَتَّى صَارَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي سَعَةِ العِلْمِ وَالإِتْقَانِ. سَمِعَ مِنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ، وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُمَا؛لِكَوْنِهِ كَتبَ عَنْهُمَا فِي صِغَرِه وَقَبلَ فَهمِهِ وَتَبَصُّرِه. (27/416) وَسَمِعَ مِنْ:مَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، وَعُتْبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حُجْرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَبِشْرِ بنِ مُعَاذٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ العَلاَءِ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيِّ، وَأَخِيْهِ؛يَعْقُوْبَ، وَإِسْحَاقَ بنِ شَاهِيْنٍ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ، وَزِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ الجَمَّالِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَيُوْسُفَ بنِ وَاضِحٍ الهَاشِمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُثَنَّى، وَالحُسَيْنِ بنِ حُرَيْثٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ الضَّبِّيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَهْبِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ مُوْسَى، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القُطَعِيِّ، وَسَلْمِ بنِ جُنَادَةَ، وَيَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ بِشْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ السَّلَيْمِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَهَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيِّ، وَأُمَمٍ سِوَاهُم.(14/366) وَمِنْهُم:إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ البَلْخِيُّ. (27/417) حَدَّثَ عَنْهُ:البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي غَيْرِ(الصَّحِيْحَيْنِ)، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ - أَحَدُ شُيُوْخِهِ - وَأَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ المُسْتَمْلِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَإِسْحَاقُ بنُ سَعْدٍ النَّسَوِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَالُوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مِهْرَانَ المُقْرِئُ، وَحَفِيْدُهُ؛مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ نُصَيْرٍ المُعَدَّلُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ حُسَيْنَكَ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بن يَاسِيْنَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَالخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ القَاضِي، وَأَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ الكَرَابِيْسِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَرَابِيْسِيُّ الحَاكِمُ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ المَرْوَانِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصُّنْدُوْقِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الآبُرِيُّ، وَأَبُو الوَفَاءِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّد ابْنِ حَمُّوَيْه المُزَكِّي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.(14/367) (27/418) أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ - فِيْمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ - عَنْ عَبْدِ المُعَزِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ القَصَّارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، أَنَّ حَبِيْباً أَخْبَرَهُ، عَنْ زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ: أَنَّهُ أَتَى صَفْوَانَ بنَ عَسَّالٍ - وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ - فَقَالَ لَهُ:مَا جَاءَ بِكُم؟ قَالُوا:خَرَجْنَا مِنْ بُيُوْتِنَا لابتِغَاءِ العِلْمِ. قَالَ:إِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لابتِغَاءِ العِلْمِ، فَإِنَّ المَلاَئِكَةَ تَضَعُ أَجنِحَتَهَا لِمُبتَغِي العِلْمِ. فَسَأَلَهُ عَنِ المَسحِ عَلَى الخُفَّيْنِ، قَالَ:سُئِلَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ لِلْمُسَافِرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيْهِنَّ، وَلِلْمُقِيْمِ يَوْماً وَلَيلَةً، لاَ أَقُولُ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ نَوْمٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ:غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، لاَ أَعْلَمُ حَدَّثَ بِهِ غَيْرُ أَبِي أُمَيَّةَ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ أَبِي المُخَارِقِ، وَاسْمُ أَبِيْهِ:قَيْسٌ. (27/419) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَصْرِيُّ مَحْبُوْبٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ، قَالَ: كَانَتِ الرُّكبَانُ تَأْتِينَا مِنْ عِنْدِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَلَقَّى مِنْهُمُ الآيَةَ وَالآيَتَيْنِ، فَكَانُوا يُخْبِرُونَا: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:(لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً)، وَكُنْتُ أَؤُمُّ قَومِي وَأَنَا صَغِيْرُ السِّنِّ.(14/368) وَبِهِ:إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ:حَدَّثَنَا أَبُو حَصِيْنٍ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ صَيْفيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ:(أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَكَلَ اليَوْمَ؟). قَالُوا:مِنَّا مَنْ صَامَ، وَمِنَّا مِنْ لَمْ يَصُمْ. قَالَ:(فَأَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُم، وَابْعَثُوا إِلَى أَهْلِ العَرُوْضِ، فَلْيُتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِم). هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، غَرِيْبٌ. أَخْرَجَهُ:النَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، فَوَافَقْنَاهُ. (27/420) قَالَ الحَاكِمُ فِي(تَارِيْخِهِ):أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ وَاصِلٍ الجُعْفِيُّ بِبِيْكَنْدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنِي مَهْدِيٌّ - وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ - قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَكُوْنُ عِنْدَ سُفْيَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ، لاَ يَجِيْءُ إِلَى البَيْتِ، فَإِذَا جَاءنَا سَاعَةً، جَاءَ رَسُوْلُ سُفْيَانَ، فَيَذْهَبُ وَيَتْرُكُنَا.(14/369) وَقَالَ الحَاكِمُ:مُحَمَّدٌ:هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ بِلاَ شَكٍّ، فَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ بِالحِكَايَةِ. قَالَ الحَاكِمُ:قَرَأْتُ بِخَطِّ مُسْلِمٍ:حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ - صَاحِبُنَا - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ رَبِيْعَةَ بِحَدِيْثٍ فِي الاسْتِسقَاءِ. قَالَ الحَاكِمُ:كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ مِنْ مِصْرَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ الرَّبِيْعِ الجِيْزِيَّ حَدَّثَهُم، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ خَاقَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِيْنِ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَخرَجُوا نَبِيَّهُم، قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - :عَلِمتُ أَنَّهُ سَيَكُوْنُ قِتَالٌ. قَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحِيْرِيُّ:حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: (27/421) كُنْتُ إِذَا أَرَدتُ أَنْ أُصَنِّفَ الشَّيْءَ، أَدخُلُ فِي الصَّلاَةِ مُسْتَخِيراً حَتَّى يُفْتحَ لِي، ثُمَّ أَبتَدِئُ التَّصنِيفَ. ثُمَّ قَالَ أَبُو عُثْمَانَ:إِنَّ اللهَ لَيَدفَعُ البَلاَءَ عَنْ أَهْلِ هَذِهِ المَدِيْنَةِ لِمَكَانِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.(14/370) الحَاكِمُ:أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ وَسُئِلَ:مِنْ أَيْنَ أُوتِيتَ العِلْمَ؟فَقَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ)، وَإِنِّيْ لَمَّا شَرِبتُ، سَأَلْتُ اللهَ عِلْماً نَافِعاً. الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ بِالُوَيْه، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ وَقِيْلَ لَهُ:لَوْ حَلَقتَ شَعْركَ فِي الحَمَّامِ؟فَقَالَ: لَمْ يَثبُتْ عِنْدِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صلَىالله عَلَيْهِ وَسلم - دَخَلَ حَمَّاماً قَطُّ، وَلاَ حَلَقَ شَعرَه، إِنَّمَا تَأْخُذُ شَعرِي جَارِيَةٌ لِي بِالمِقْرَاضِ. قَالَ الحَاكِمُ:وَسَأَلتُ مُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَدِّهِ؟ فَذَكَر أَنَّهُ لاَ يَدَّخِرُ شَيْئاً جُهدَه، بَلْ يُنفِقُهُ عَلَى أَهْلِ العِلْمِ، وَكَانَ لاَ يَعْرِفُ سَنْجَةَ الوَزْنِ، وَلاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ العَشرَةِ وَالعِشْرِيْنَ، رُبَّمَا أَخَذْنَا مِنْهُ العَشرَةَ، فَيَتَوَهَّمُ أَنَّهَا خَمْسَةٌ.(14/371) الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ القَفَّالَ يَقُوْلُ: كَتَبَ ابْنُ صَاعِدٍ إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ يَسْتَجِيْزُهُ كِتَابَ الجِهَادِ، فَأَجَازَهُ لَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلٍ الطُّوْسِيُّ:سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَقَالَ لَنَا:هَلْ تَعْرِفُونَ ابْنَ خُزَيْمَةَ؟ قُلْنَا:نَعَمْ. قَالَ:اسْتَفَدنَا مِنْهُ أَكْثَرَ مَا اسْتَفَادَ مِنَّا. (27/422) مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السُّكَّرِيُّ:سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:حَضَرتُ مَجْلِسَ المُزَنِيِّ، فَسُئِلَ عَنْ شِبه العَمْدِ، فَقَالَ لَهُ السَّائِل: إِنَّ اللهَ وَصفَ فِي كِتَابِهِ القَتلَ صِنْفَينِ:عَمداً وَخَطَأً، فَلِمَ قُلتُم:إِنَّهُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقسَامٍ، وَتَحتَجَّ بِعَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ؟ فَسَكَتَ المُزَنِيُّ، فَقُلْتُ لِمُنَاظِرِه:قَدْ رَوَى الحَدِيْثَ أَيْضاً أَيُّوْبُ وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ. فَقَالَ لِي:فَمَنْ عُقْبَةُ بنُ أَوْسٍ؟ قُلْتُ:شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، قَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ سِيْرِيْنَ مَعَ جَلاَلَتِه. فَقَالَ لِلْمُزَنِيِّ:أَنْتَ تُنَاظِرُ أَوْ هَذَا؟ قَالَ:إِذَا جَاءَ الحَدِيْثُ، فَهُوَ يُنَاظِرُ؛لأَنَّهُ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، ثُمَّ أَتَكَلَّمُ أَنَا. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ:سَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ: استَأْذَنْتُ أَبِي فِي الخُرُوْجِ إِلَى قُتَيْبَةَ، فَقَالَ:اقْرَأِ القُرْآنَ أَوَّلاً حَتَّى آذَنَ لَكَ.(14/372) فَاسْتَظْهَرْتُ القُرْآنَ، فَقَالَ لِي:امكُثْ حَتَّى تُصَلِّيَ بِالخَتمَةِ، فَفَعلتُ، فَلَمَّا عَيَّدنَا، أَذنَ لِي، فَخَرَجتُ إِلَى مَرْوَ، وَسَمِعْتُ بِمَرْو الرُّوْذ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ هِشَامٍ - صَاحِبِ هُشَيْمٍ - فَنُعِيَ إِلَيْنَا قُتَيْبَةُ. قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ:لَمْ أَرَ أَحَداً مِثْلَ ابْنِ خُزَيْمَةَ. قُلْتُ:يَقُوْلُ مِثْلَ هَذَا وَقَدْ رَأَى النَّسَائِيَّ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنَك:سَمِعْتُ إِمَامَ الأَئِمَّةِ أَبَا بَكْرٍ يَحْكِي عَنْ عَلِيِّ بنِ خَشْرَمٍ، عَنِ ابْنِ رَاهْوَيْه، أَنَّهُ قَالَ:أَحْفَظُ سَبْعِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ. فَقُلْتُ لاِبْنِ خُزَيْمَةَ:كَمْ يَحْفَظُ الشَّيْخُ؟ فَضَرَبَنِي عَلَى رَأْسِي، وَقَالَ:مَا أَكْثَرَ فُضُولَكَ! (27/423) ثُمَّ قَالَ:يَا بُنِيَّ!مَا كَتبتُ سَوْدَاءَ فِي بَيَاضٍ إِلاَّ وَأَنَا أَعرِفُه. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ:كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَحْفَظُ الفِقْهِيَّاتِ مِنْ حَدِيْثِه كَمَا يَحْفَظُ القَارِئُ السُّورَةَ. أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ التَّمِيْمِيُّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَلَى وَجهِ الأَرْضِ مَنْ يَحْفَظُ صِنَاعَةَ السُّنَنِ، وَيَحْفَظُ أَلفَاظَهَا الصِّحَاحَ وَزِيَادَاتِهَا حَتَّى كَأنَّ السُّنَنَ كُلّهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، إِلاَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ فَقَط. قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ:كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ إِمَاماً، ثَبْتاً، مَعْدُوْمَ النَّظِيرِ.(14/373) حَكَى أَبُو بِشْرٍ القَطَّانُ، قَالَ:رَأَى جَارٌ لاِبْنِ خُزَيْمَةَ - مِنْ أَهْلِ العِلْمِ - كَأَنَّ لَوْحاً عَلَيْهِ صُوْرَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنُ خُزَيْمَةَ يَصقُلُه. فَقَالَ المُعَبِّرُ:هَذَا رَجُلٌ يُحْيي سُنَّةَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ الإِمَامُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْجٍ - وَذُكِرَ لَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ - فَقَالَ: يَسْتَخرِجُ النُّكتَ مِنْ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ بِالمِنقَاشِ. وَقَدْ كَانَ هَذَا الإِمَامُ جِهْبِذاً، بَصِيْراً بِالرِّجَالِ، فَقَالَ - فِيْمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ - شَيْخُ الحَاكِمِ: (27/424) لَسْتُ أَحتَجُّ بِشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، وَلاَ بِحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ لِمَذْهَبِهِ، وَلاَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَلاَ بِبَقِيَّةَ، وَلاَ بِمُقَاتِلِ بنِ حَيَّانَ، وَلاَ بِأَشْعَثَ بنِ سَوَّارٍ، وَلاَ بِعَلِيِّ بنِ جُدْعَانَ لِسُوْءِ حِفظِه، وَلاَ بِعَاصِمِ بنِ عُبَيْد اللهِ، وَلاَ بِابْنِ عَقِيْلٍ، وَلاَ بِيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، وَلاَ بِمُجَالِدٍ، وَلاَ بِحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ إِذَا قَالَ:عَنْ، وَلاَ بِأَبِي حُذَيْفَةَ النَّهْدِيِّ، وَلاَ بِجَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، وَلاَ بِأَبِي مَعْشَرٍ نَجِيْحٍ، وَلاَ بِعُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَلاَ بِقَابُوْسِ بنِ أَبِي ظِبْيَانَ... ثُمَّ سَمَّى خَلقاً دُوْنَ هَؤُلاَءِ فِي العَدَالَةِ، فَإِنَّ المَذْكُوْرِينَ احتَجَّ بِهِم غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ:سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: لَيْسَ لأَحِدٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلٌ إِذَا صَحَّ الخَبَرُ. قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللهَ عَلَى عَرشِه قَدِ اسْتوَى فَوْقَ سَبعِ سَمَاوَاتِه، فَهُوَ كَافِرٌ حَلاَلُ الدَّمِ، وَكَانَ مَالُهُ فَيْئاً. (27/425) قُلْتُ:مَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ تَصْدِيْقاً لِكِتَابِ اللهِ، وَلأَحَادِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآمَنَ بِهِ مُفَوِّضاً مَعْنَاهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، وَلَمْ يَخُضْ فِي التَّأْوِيْلِ وَلاَ عَمَّقَ، فَهُوَ المُسْلِمُ المُتَّبِعُ، وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَدْرِ بِثُبُوْتِ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَهُوَ مُقَصِّرٌ وَاللهِ يَعْفُو عَنْهُ، إِذْ لَمْ يُوجِبِ اللهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حِفظَ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ أَنكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ العِلْمِ، وَقَفَا غَيْرَ سَبِيْلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَتَمَعقَلَ عَلَى النَّصِّ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ وَالهَوَى.(14/374) وَكَلاَمُ ابْنِ خُزَيْمَةَ هَذَا - وَإِنْ كَانَ حَقّاً - فَهُوَ فَجٌّ، لاَ تَحْتَمِلُهُ نُفُوْسُ كَثِيْرٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي العُلَمَاءِ. قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ:سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ - تَعَالَى - وَمَنْ قَالَ:إِنَّهُ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ قُتِلَ، وَلاَ يُدفَنُ فِي مَقَابِرِ المُسْلِمِيْنَ. وَلابْنِ خُزَيْمَةَ عَظَمَةٌ فِي النُّفُوْسِ، وَجَلاَلَةٌ فِي القُلُوْبِ؛لِعِلمِهِ وَدِينِهِ وَاتِّبَاعِهِ السُّنَّةَ. وَكِتَابُه فِي(التَّوحيدِ)مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ، وَقَدْ تَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ حَدِيْثَ الصُّورَةِ.(14/375)...(14/376) (27/426) فَلْيَعْذُر مَنْ تَأَوَّلَ بَعْضَ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا السَّلَفُ، فَمَا خَاضُوا فِي التَّأْوِيْلِ، بَلْ آمَنُوا وَكَفُّوا، وَفَوَّضُوا عِلمَ ذَلِكَ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه، وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ - أَهْدَرْنَاهُ، وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ. قَالَ الحَاكِمُ:فَضَائِلُ إِمَامِ الأَئِمَّةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عِنْدِي مَجْمُوْعَةٌ فِي أَورَاقٍ كَثِيْرَةٍ، وَمُصَنَّفَاتُه تَزيدُ عَلَى مائَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ كِتَاباً سِوَى المَسَائِلِ، وَالمَسَائِلُ المصنَّفَةُ أَكْثَرُ مِنْ مائَةِ جُزْءٍ. قَالَ:وَلَهُ فِقْهُ حَدِيْثِ بَرِيْرَةَ فِي ثَلاَثَةِ أَجزَاءٍ.(14/377) قَالَ حَمْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعَدَّلُ:سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ خَالِدٍ الأَصْبَهَانِيَّ يَقُوْلُ: سُئِلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ، فقَالَ:وَيْحَكُم!هُوَ يُسْأَلُ عَنَّا، وَلاَ نُسأَلُ عَنْهُ!هُوَ إِمَامٌ يُقتَدَى بِهِ. قَالَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشَّاشِيُّ:حَضَرتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ، المُقْرِئُ:بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ المُزَنِيِّ وَابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ، قِيْلَ لِلْمُزَنِيِّ:إِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الشَّافِعِيِّ. فَقَالَ المُزَنِيُّ:لاَ يُمكِنُه إِلاَّ بِمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيِّ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:كَذَا كَانَ. وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المضَاربِ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ:جَزَاكَ اللهُ عَنِ الإِسْلاَمِ خَيْراً. فَقَالَ:كَذَا قَالَ لِي جِبْرِيْلُ فِي السَّمَاءِ. (27/427) قَالَ الحَاكِمُ:حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - إِلاَّ أَنَّ ابْنَ حَمْدُوْنَ كَانَ مِنْ أَعْرَفِهِم بِهَذِهِ الوَاقِعَةِ - قَالَ: لَمَّا بَلغَ أَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ مِنَ السِّنِّ وَالرِّئاسَةِ وَالتَفَرُّدِ بِهِمَا مَا بَلغَ، كَانَ لَهُ أَصْحَابٌ صَارُوا فِي حَيَاتِه أَنْجُمَ الدُّنْيَا، مِثْلُ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حَمَلَ عُلُوْمَ الشَّافِعِيِّ، وَدَقَائِقَ ابْنِ سُرَيْجٍ إِلَى خُرَاسَانَ، وَمِثْلُ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ - يَعْنِي:الصِّبَغِيَّ - خَلِيْفَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي الفَتوَى، وَأَحسنِ الجَمَاعَةِ تَصْنِيْفاً، وَأَحسَنِهِم سِيَاسَةٌ فِي مَجَالِسِ السَّلاَطينِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عُثْمَانَ، وَهُوَ آدَبُهُم، وَأَكْثَرُهُم جَمعاً لِلْعلومِ، وَأَكْثَرُهُم رِحلَةً، وَشَيخِ المطَّوِّعَةِ وَالمُجَاهِدِيْنَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ يَحْيَى بنِ مَنْصُوْرٍ، وَكَانَ مِنْ أَكَابرِ البُيُوْتَاتِ، وَأَعرَفِهِم بِمَذْهَبِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَأَصلَحِهِم لِلْقضَاءِ. (27/428) قَالَ:فَلَمَّا وَردَ مَنْصُوْرُ بنُ يَحْيَى الطُّوْسِيُّ نَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ يُكْثِرُ الاخْتِلاَفَ إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ لِلسَّمَاعِ مِنْهُ - وَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ - وَعَاينَ مَا عَاينَ مِنَ الأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ سَمَّينَاهُم، حَسَدَهُم، وَاجْتَمَعَ مَعَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَاعِظِ القَدَرِيِّ بِبَابِ مُعَمَّرٍ فِي أُمُورِهِم غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالاَ:هَذَا إِمَامٌ لاَ يُسْرِعُ فِي الكَلاَمِ، وَيَنْهَى أَصْحَابَه عَنِ التَّنَازعِ فِي الكَلاَمِ وَتَعليمِه، وَقَدْ نَبغَ لَهُ أَصْحَابٌ يُخَالفُونَه وَهُوَ لاَ يَدْرِي، فَإِنَّهُم عَلَى مَذْهَبِ الكُلاَّبيَّةِ، فَاسْتَحكَمَ طَمعُهُمَا فِي إِيقَاعِ الوَحشَةِ بَيْنَ هَؤُلاَءِ الأَئِمَّةِ.(14/378) قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: كَانَ مِنْ قَضَاءِ الله - تَعَالَى - أَنَّ الحَاكِمَ أَبَا سَعِيْدٍ لَمَّا تُوُفِّيَ، أَظهَرَ ابْنُ خُزَيْمَةَ الشَّمَاتَةَ بِوَفَاتِه، هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِه - جَهلاً مِنْهُم - فَسأَلُوهُ أَنْ يتَّخذَ ضِيَافَةً، وَكَانَ لاِبْنِ خُزَيْمَة بِسَاتينُ نَزِهَةٌ. قَالَ:فَأُكرهتُ أَنَا مِنْ بَيْنِ الجَمَاعَةِ عَلَى الخُرُوجِ فِي الجُمْلَةِ إِلَيْهَا. (27/429) وَحَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ:أَنَّ الضِّيَافَةَ كَانَتْ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَتْ لَمْ يُعهدْ مِثلُهَا، عَمِلهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، فَأَحضرَ جُمْلَةً مِنَ الأَغنَامِ وَالحِملاَنِ، وَأَعدَالِ السَّكرِ، وَالفرشِ، وَالآلاَتِ، وَالطبَّاخينَ، ثُمَّ إِنَّهُ تَقدَّمَ إِلَى جَمَاعَةِ المُحَدِّثِيْنَ مِنَ الشُّيُوْخِ وَالشَّبَابِ، فَاجْتَمَعُوا بَجَنْزَرُوْذَ، وَرَكِبُوا مِنْهَا، وَتَقَدَّمهُم أَبُو بَكْرٍ يَخْتَرِقُ الأَسوَاقَ سُوقاً سُوقاً، يَسْأَلهُمُ أَنْ يُجِيبوهُ، وَيَقُوْلُ لَهُم:سَأَلتُ مَنْ يَرجعُ إِلَى الفُتوَّةِ وَالمَحَبَّةِ لِي أَنْ يَلزمَ جَمَاعَتنَا اليَوْمَ. فَكَانُوا يَجِيْئونَ فَوجاً فَوجاً حَتَّى لَمْ يَبْقَ كَبِيْرُ أَحَدٍ فِي البَلَدِ - يَعْنِي:نَيْسَابُوْرَ - وَالطَّبَّاخُونَ يَطْبُخُونَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الخبَّازِينَ يَخبِزُونَ، حَتَّى حُملَ أَيْضاً جَمِيْعُ مَا وَجَدُوا فِي البَلَدِ مِنَ الخُبزِ وَالشِّوَاءِ عَلَى الجِمَال وَالبِغَالِ وَالحمِيرِ، وَالإِمَامُ - رَحِمَهُ اللهُ - قَائِمٌ يُجرِي أُمُورَ الضِّيَافَةِ عَلَى أَحسنِ مَا يَكُوْنُ، حَتَّى شَهِدَ مَنْ حَضَرَ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ مِثلهَا.(14/379) فَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى المُتَكَلِّمُ، قَالَ:لَمَّا انصَرفْنَا مِنَ الضِّيَافَةِ، اجتَمَعنَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، وَجَرَى ذِكرُ كَلاَمِ اللهِ:أَقَدِيْمٌ هُوَ لَمْ يَزَلْ، أَوْ نَثْبُتُ عِنْد إِخبَارِه تَعَالَى أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِهِ؟ فَوَقَعَ بَيْنَنَا فِي ذَلِكَ خَوضٌ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَّا:كَلاَمُ البَارِئِ قَدِيْمٌ لَمْ يَزَلْ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ:كَلاَمُهُ قَدِيْمٌ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يثبتُ إِلاَّ بِإِخبارِه وَبِكَلاَمِه. (27/430) فَبَكَرتُ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ الثَّقَفِيِّ، وَأَخْبَرتُهُ بِمَا جَرَى، فَقَالَ:مَنْ أَنكرَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ، فَقَدِ اعتقَدَ أَنَّهُ مُحدَثٌ. وَانْتَشَرتْ هَذِهِ المَسْأَلَةُ فِي البَلَدِ، وَذَهَبَ مَنْصُوْرٌ الطُّوْسِيُّ فِي جَمَاعَةٍ إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَخبَرُوهُ بِذَلِكَ، حَتَّى قَالَ مَنْصُوْرٌ:أَلَمْ أَقُلْ لِلشَّيْخِ:إِنَّ هَؤُلاَءِ يَعْتَقِدُوْنَ مَذْهَبَ الكلاَّبيَّةِ؟وَهَذَا مَذْهَبُهُم. قَالَ:فَجَمَعَ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَصْحَابَه، وَقَالَ:أَلَمْ أَنْهَكُم غَيْرَ مَرَّةٍ عَنِ الخوضِ فِي الكَلاَمِ؟وَلَمْ يَزِدْهُم عَلَى هَذَا ذَلِكَ اليَوْمُ. قَالَ الحَاكِمُ:وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ الأَنْمَاطِيُّ المُتَكَلِّمُ، قَالَ: لَمْ يَزَلِ الطُّوْسِيُّ بِأَبِي بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ حَتَّى جرَّأَهُ عَلَى أَصْحَابِه، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عُثْمَانَ يرُدَّانِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَا يُملِيه، وَيَحضُرَانِ مَجْلِسَ أَبِي عَلِيٍّ الثَّقَفِيِّ، فَيَقْرَؤُونَ ذَلِكَ عَلَى الملأِ، حَتَّى اسْتَحكَمَتِ الوَحشَةُ. سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: (27/431) القُرْآن كَلاَمُ اللهِ، وَوحيُهُ، وَتنَزِيْلُه، غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ:شَيْءٌ مِنْهُ مَخْلُوْقٌ، أَوْ يَقُوْلُ:إِنَّ القُرْآنَ مُحدَثٌ، فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَمَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِي، بَانَ لَهُ أَنَّ الكلاَّبيَّةَ - لَعَنَهُمُ اللهُ - كَذَبَةٌ فِيْمَا يَحكُونَ عَنِّي بِمَا هُوَ خِلاَفُ أَصْلِي وَدِيَانَتِي، قَدْ عَرَفَ أَهْلُ الشَّرقِ وَالغربِ أَنَّهُ لَمْ يُصَنِّفْ أَحَدٌ فِي التَّوحيدِ وَالقَدَرِ وَأُصُوْلِ العِلْمِ مِثْلَ تَصنِيفِي، وَقَدْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّ هَؤُلاَءِ - الثَّقَفِيَّ، وَالصِّبَغِيَّ، وَيَحْيَى بنَ مَنْصُوْرٍ - كَذَبَةٌ، قَدْ كَذبُوا عَلَيَّ فِي حَيَاتِي، فَمُحَرَّمٌ عَلَى كُلِّ مُقتَبِسِ عِلمٍ أَنْ يَقبلَ مِنْهُم شَيْئاً يَحكُونَه عَنِّي، وَابْنُ أَبِي عُثْمَانَ أَكْذَبُهُم عِنْدِي، وَأَقْوَلهُم عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْه.(14/380) قُلْتُ:مَا هَؤُلاَءِ بِكَذَبَةٍ، بَلْ أَئِمَّةٌ أَثبَاتٌ، وَإِنَّمَا الشَّيْخُ تَكَلَّمَ عَلَى حَسبِ مَا نُقِلْ لَهُ عَنْهُم. فَقبَّحَ اللهُ مَنْ يَنقُلُ البُهتَانَ، وَمَنْ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ. قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ بَالُوْيَه، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: (27/432) مِنْ زَعْمِ بَعْضِ هَؤُلاَءِ الجَهَلَةِ:أَنَّ اللهَ لاَ يُكرِّرُ الكَلاَمَ، فَلاَ هُم يَفهَمُوْنَ كِتَابَ اللهِ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَخبرَ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهُ خَلَقَ آدمَ، وَكرَّرَ ذِكرَ مُوْسَى، وَحَمَدَ نَفْسَهُ فِي مَوَاضِعَ، وَكرَّرَ:{فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [سُوْرَةُ الرَّحْمَنِ]، وَلَمْ أَتَوَهَّم أَنَّ مُسْلِماً يَتَوَهَّمُ أَنَّ اللهَ لاَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ مرَّتينِ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ كَلاَمَ اللهِ مَخْلُوْقٌ، وَيَتَوَهَّمُ أَنَّهُ لاَ يَجُوْزُ أَنْ يَقُوْلُ:خَلَقَ اللهُ شَيْئاً وَاحِداً مَرَّتينِ. قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: لَمَّا وَقَعَ مِنْ أَمرِنَا مَا وَقَعَ، وَجَدَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ وَمَنْصُوْرٌ الطُّوْسِيُّ الفُرصَةَ فِي تَقْرِيْرِ مَذْهَبِهِم، وَاغتَنَمَ أَبُو القَاسِمِ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ وَالبَرْدَعِيُّ السَّعِيَ فِي فَسَادِ الحَالِ، انتصَبَ أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ لِلتَّوسُّطِ فِيْمَا بَيْنَ الجَمَاعَةِ، وَقرَّرَ لأَبِي بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ اعترَافَنَا لَهُ بِالتقدُّمِ، وَبَيَّنَ لَهُ غرضَ المُخَالفينَ فِي فَسَادِ الحَالِ، إِلَى أَنْ وَافقَه عَلَى أَن نَجتَمِعَ عِنْدَهُ، فَدَخَلتُ أَنَا، وَأَبُو عَلِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ:مَا الَّذِي أَنكرتَ أَيُّهَا الأُسْتَاذُ مِنْ مَذَاهِبِنَا حَتَّى نَرجِعَ عَنْهُ؟ قَالَ:مَيلُكُم إِلَى مَذْهَبِ الكلاَّبيَّةِ، فَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ كلاَّبٍ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ مِثْلِ الحَارِثِ وَغَيْرِهِ...، حَتَّى طَالُ الخَطابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي عَلِيٍّ فِي هَذَا البَابِ. (27/433) فَقُلْتُ:قَدْ جَمَعتُ أَنَا أُصُوْلَ مَذَاهِبِنَا فِي طَبَقٍ، فَأَخْرَجتُ إِلَيْهِ الطَّبَقَ، فَأَخَذَهُ، وَمَا زَالَ يتَأَمَّلُه وَينظُرُ فِيْهِ، ثُمَّ قَالَ:لَسْتُ أَرَى هَا هُنَا شَيْئاً لاَ أَقُولُ بِهِ.(14/381) فَسَأَلتُهُ أَنْ يَكتُبَ عَلَيْهِ خَطَّهُ أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبَه، فَكَتَبَ آخِرَ تِلْكَ الأَحرفِ. فَقُلْتُ لأَبِي عَمْرٍو الحِيْرِيِّ:احْتَفِظْ أَنْتَ بِهَذَا الخَطِّ حَتَّى يَنْقَطِعَ الكَلاَمُ، وَلاَ يُتَّهَمَ وَاحِدٌ مِنَّا بِالزِّيَادَةِ فِيْهِ. ثُمَّ تَفَرَّقنَا، فَمَا كَانَ بِأَسرعَ مِنْ أَنْ قَصَدهُ أَبُو فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، وَقَالاَ: إِنَّ الأُسْتَاذَ لَمْ يَتَأَمَّلْ مَا كَتَبَ فِي ذَلِكَ الخَطِّ، وَقَدْ غَدَرُوا بِكَ، وَغَيَّرُوا صُوْرَةَ الحَالِ. فَقبِلَ مِنْهُم، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي عَمْرٍو الحِيْرِيِّ لاِستِرجَاعِ خَطِّهِ مِنْهُ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ أَبُو عَمْرٍو، وَلَمْ يَردَّه حَتَّى مَاتَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَقَدْ أَوصَيْتُ أَنْ يُدفَنَ مَعِي، فَأُحَاجَّه بَيْنَ يَدِيِ اللهِ - تَعَالَى - فِيْهِ، وَهُوَ القُرْآنُ؛كَلاَمُ اللهِ - تَعَالَى - وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِهِ مَخْلُوْقٌ، وَلاَ مَفْعُوْلٌ، وَلاَ مُحْدَثٌ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ شَيْئاً مِنْهُ مَخْلُوْقٌ أَوْ مُحْدَثٌ، أَوْ زَعَمَ أَنَّ الكَلاَمَ مِنْ صِفَةِ الفِعْلِ، فَهُوَ جَهْمِيٌّ ضَالٌّ مُبتَدِعٌ، وَأَقُولُ:لَمْ يَزَلِ اللهُ مُتَكَلِّماً، وَالكَلاَمُ لَهُ صِفَةُ ذَاتٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلاَّ مرَّةً، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إِلاَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، ثُمَّ انقَضَى كَلاَمُه، كَفَرَ بِاللهِ، وَأَنَّهُ يَنْزِلُ تَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُوْلُ:(هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيْبَهُ). (27/434) فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلمَه تَنَزُّلُ أَوَامِرِه، ضَلَّ، وَيُكَلِّمُ عِبَادَهُ بِلاَ كَيْفٍ(الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى)[طه:5]، لاَ كَمَا قَالَتِ الجَهْمِيَّةُ:إِنَّهُ عَلَى المُلْكِ احتَوَى، وَلاَ اسْتَوْلَى. وَإِنَّ اللهَ يُخَاطبُ عبَادَه عَوْداً وَبَدْءاً، وَيُعيدُ عَلَيْهِم قَصَصَه وَأَمرَه وَنَهْيَه، وَمَنْ زَعَمَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهُوَ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ. وَسَاقَ سَائِرَ الاعْتِقَادِ.(14/382) قُلْتُ:كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ هَذَا عَالِمَ وَقتِهِ، وَكَبِيْرَ الشَّافِعِيَّةِ بِنَيْسَابُوْرَ، حَمَلَ عَنْهُ الحَاكِمُ عِلْماً كَثِيْراً. وَلابنِ خُزَيْمَةَ تَرْجَمَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي(تَارِيْخِ نَيْسَابُوْرَ)، تَكُونُ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ وَرقَةً، مِنْ ذَلِكَ وَصيَّتُهُ، وَقَصِيدَتَانِ رُثِيَ بِهِمَا. وَضَبَطُ وَفَاته:فِي ثَانِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. وَقَدْ سَمِعْنَا(مُخْتَصَرَ المُخْتَصَرِ)، لَهُ عَالِياً بِفَوْتٍ لِي. (27/435) وَفِيْهَا مَاتَ:أَبُو جَعْفَرٍ بنُ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ - صَاحِبُ(الصَّحِيْحِ) - وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو الإِلْبِيْرِيُّ - حَافِظُ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ - وَشَيْخُ الحَنَابِلَةِ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ، وَشَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ بِالعِرَاقِ أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَرَيْرِيُّ - وَقِيْلَ:اسْمُه حَسَنٌ - وَشَيْخُ العَرَبِيَّةِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ البَغْدَادِيُّ، وَصَدرُ الوُزَرَاءِ حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، وَحَمَّادُ بنُ شَاكِرٍ النَّسَفِيُّ - صَاحِبُ البُخَارِيِّ - وَمُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيُّ الأَنْمَاطِيُّ، وَحَافِظُ هَرَاةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ، وَحَافِظُ مَرْوَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدٍ، وَمُحَدِّثُ أَنْطَاكِيَةَ أَبُو طَاهِرٍ بنُ فِيْلٍ الهَمْدَانِيُّ، وَشَيْخُ الطِّبِّ مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا الرَّازِيُّ الفَيْلَسُوْفُ، وَمُسْنِدُ نَيْسَابُوْرَ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ شَادَلَ بنِ عَلِيٍّ - مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ - . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خُزَيْمَةَ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(مَنْ نَسِيَ صَلاَةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا).(14/383) (27/436) |