العَلاَّفُ أَبُو بَكْرٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ
 
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، الأَدِيْبُ، أَبُو بَكْرٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَشَّارٍ النَّهْرَوَانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الضَّرِيْرُ، نَدِيْمُ المُعْتَضِدِ.
تَلاَ عَلَى:أَبِي عُمَرَ الدُّوْرِيِّ.
وَأَقْرَأَ، فَتَلاَ عَلَيْهِ:أَبُو بَكْرٍ الشَّذَائِيُّ، وَأَبُو الفَرَجِ الشَّنَبُوذِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنِ:الدُّوْرِيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، وَحُمَيْدِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الحَسَّانِيِّ.
فَرَوَى عَنْهُ:ابْنُ حَيُّوْيَه، وَعُمَرُ بنُ شَاهِيْن، وَعَبْدُ اللهِ بنُ النَّخَّاسِ، وَأَبُو الحَسَنِ الجَرَّاحِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَأَضَرَّ.
وَكَانَ لَهُ قِطٌّ يُحِبُّهُ وَيَأْنَسُ بِهِ، فَدَخَلَ بُرْجَ حَمَامٍ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَكَلَ الفِرَاخ، فَاصْطَادُوهُ وَذَبَحُوهُ، فَرَثَاهُ بِقَصِيْدَةٍ طَنَّانَةٍ.
وَيُقَالُ:بَلْ رَثَى بِهَا ابْنَ المُعْتَزِّ، وَوَرَّى بِالهِرِّ، وَكَانَ وَدُوْداً لَهُ.
وَعَنِ ابْنِهِ؛أَبِي الحَسَنِ بنِ العَلاَّفِ، قَالَ:إِنَّمَا كَنَى أَبِي بِالهِرِّ عَنِ ابْنِ الفُرَاتِ المُحَسّنِ وَلَدِ الوَزِيْرِ.(14/516)
وَعَنْ آخَرَ، قَالَ:هَوِيَتْ جَارِيَةٌ لِلْوَزِيْرِ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى غُلاَماً لاِبْنِ العَلاَّفِ الضَّرِيْرِ، فَعَلِمَ بِهِمَا الوَزِيْرُ، فَقَتَلَهُمَا، وَسَلَخَهُمَا وَحَشَاهُمَا تِبْناً، فَرَثَاهُ أُسْتَاذُهُ ابْنُ العَلاَّفِ، وَكَنَى عَنْهُ بِالهِرِّ - فَاللهُ أَعْلَمُ - فَقَالَ:
يَا هِرُّ فَارَقْتَنَا وَلَمْ تَعُدِ*وَكُنْتَ عِنْدِي بِمنْزِلِ الوَلَدِ
(28/90)

وَكَيْفَ نَنْفَكُّ عَنْ هَوَاكَ وَقَدْ*كُنْتَ لَنَا عُدَّةً مِنَ العُدَدِ
وَتُخْرِجُ الفَأْرَ مِنْ مَكَامِنِهَا*مَا بَيْنَ مَفْتُوْحِهَا إِلَى السُّدَدِ
يَلقَاكَ فِي البَيْتِ مِنْهُمُ مَدَدٌ*وَأَنْتَ تَلْقَاهُمُ بِلاَ مَدَدِ
حَتَّى اعتَقَدْتَ الأَذَى لِجِيْرَتِنَا*وَلَمْ تَكُنْ لِلأَذَى بِمُعْتَقِدِ
وَحُمْتَ حَوْلَ الرَّدَى بِظُلْمِهِمُ*وَمَنْ يَحُمْ حَوْلَ حَوْضِهِ يَرِدِ
وَكَانَ قَلْبِي عَلَيْكَ مُرْتَعِداً*وَأَنْتَ تَنْسَابُ غَيْرَ مُرْتَعِدِ
تَدْخُلُ بُرْجَ الحَمَامِ مُتَّئِداً*وَتَبْلَعُ الفَرْخَ غَيْرَ مُتَّئِدِ
وَتَطْرَحُ الرِّيْشَ فِي الطَّرِيْقِ لَهُم*وَتَبْلَعُ اللَّحْمَ بَلْعَ مُزْدَرِدِ
أَطْعَمَكَ الغِيُّ لَحْمَهَا فَرَأَى*قَتْلَكَ أَصحَابُهَا مِنَ الرَّشَدِ
كَادُوكَ دَهْراً فَمَا وَقَعْتَ وَكَمْ*أُفْلِتَّ مِنْ كَيْدِهِم وَلَمْ تَكِدِ
فَحِيْنَ أَخْفَرْتَ وَانْهَمَكْتَ وَكَا*شَفْتَ وَأَشْرَفْتَ غَيْرَ مُقْتَصِدِ
صَادُوْكَ غَيْظاً عَلَيْكَ وَانتَقَمُوا*مِنْكَ وَزَادُوا، وَمَنْ يَصِدْ يُصَدِ
ثُمَّ شَفَوا بِالحَدِيدِ أَنْفُسَهُم مِنْكَ*وَلَمْ يَرْعَوُوا عَلَى أَحَدِ
وَلَمْ تَزَلْ لِلْحَمَامِ مُرْتَصِداً*حَتَّى سُقِيْتَ الحِمَامَ بِالرَّصَدِ
لَمْ يَرْحَمُوا صَوْتَكَ الضَّعِيفَ كَمَا*لَمْ تَرْثِ يَوْماً لِصَوتِهَا الغَرِدِ
أَذَاقَكَ المَوْتَ رَبُّهُنَّ كَمَا*أَذَقْتَ أَفرَاخَهُ يَداً بِيَدِ
كَأَنَّ حَبْلاً حَوَى بِجَوْدَتِهِ*جِيْدَكَ لِلْخَنْقِ كَانَ مِنْ مَسَدِ
كَأَنَّ عَيْنِيَ تَرَاكَ مُضْطَرِباً*فِيْهِ وَفِي فِيْكَ رَغْوَةُ الزَّبَدِ(14/517)
وَقَدْ طَلَبْتَ الخَلاَصَ مِنْهُ فَلَمْ*تَقْدِرْ عَلَى حِيْلَةٍ وَلَمْ تَجِدِ
فَجُدْتَ بِالنَّفْسِ وَالبَخِيْلَ بِهَا*كُنْتَ، وَمَنْ لَمْ يَجُدْ بِهَا يَجِدِ
(28/91)

فَمَا سَمِعْنَا بِمِثْلِ مَوْتِكَ إِذْ*مُتَّ وَلاَ مِثْلِ حَالِكَ النَّكِدِ
عِشْتَ حَرِيْصاً يَقُودُهُ طَمَعٌ*وَمُتَّ ذَا قَاتِلٍ بِلاَ قَوَدِ
يَا مَنْ لَذِيْذُ الفِرَاخِ أَوْقَعَهُ*وَيْحَكَ!هَلاَّ قَنِعْتَ بِالغُدَدِ
أَلمْ تَخَفْ وَثْبَةَ الزَّمَانِ وَقَدْ*وَثَبْتَ فِي البُرْجِ وَثْبَةَ الأَسَدِ
عَاقِبَةُ البَغْيِ لاَ تَنَامُ وَإِنْ*تَأَخَّرَتْ مُدَّةً مِنَ المُدَدِ
أَرَدْتَ أَنْ تَأَكُلَ الفِرَاخَ وَلاَ*يَأْكُلُكَ الدَّهْرُ أَكْلَ مُضْطَهِدِ
هَذَا بَعِيدٌ مِنَ القِيَاسِ وَمَا*أَعَزَّهُ فِي الدُّنُوِّ وَالبُعُدِ
لاَ بَارَكَ اللهُ فِي الطَّعَامِ إِذَا*كَانَ هَلاَكُ النُّفُوْسِ فِي المِعَدِ
كَمْ دَخَلَتْ لُقْمَةٌ حَشَا شَرِهٍ*فَأَخْرَجَتْ رُوْحَهُ مِنَ الجَسَدِ
مَا كَانَ أَغْنَاكَ عَنْ تَسَلُّقِكَ الـ*ـبُرْجَ وَلَوْ كَانَ جَنَّةَ الخُلْدِ
قَدْ كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ وَفِي دَعَةٍ*مِنَ العَزِيْزِ المُهَيْمِنِ الصَّمَدِ
تَأْكُلُ مِنْ فَأْرِ دَارِنَا رَغَداً*أَكْلَ جُزَافٍ نَامٍ بِلاَ عَدَدِ
وَكُنْتَ بَدَّدْتَ شَمْلَهُم زَمَناً*فَاجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ البَدَدِ
وَلَمْ يُبْقُوا لَنَا عَلَى سَبَدٍ*فِي جَوْفِ أَبْيَاتِنَا وَلاَ لَبِدِ
وَفَرَّغُوا قَعْرَهَا وَمَا تَرَكُوا*مَا عَلَّقَتْهُ يَدٌ عَلَى وَتِدِ
وَفَتَّتُوا الخُبْزَ فِي السِّلاَلِ فَكَمْ*تَفَتَّتْ لِلْعِيَالِ مِنْ كَبِدِ
وَمَزَّقُوا مِنْ ثِيَابِنَا جُدُداً*فَكُلُّنَا فِي مَصَائِبٍ جُدُدِ
وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسِتُّوْنَ بَيْتاً.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ مائَةُ عَامٍ.
وَالنَّهْرَوَانُ:بِالفَتْحِ، وَوَهِمَ السَّمْعَانِيُّ فَضَمَّ رَاءهُ.(14/518)
(28/92)