الآمِرُ بِأَحْكَامِ الله مَنْصُوْرُ بنُ المُسْتَعْلِي |
صَاحِبُ مِصْرَ أَبُو عَلِيٍّ مَنْصُوْرُ بنُ المُسْتَعْلِي أَحْمَدَ بنِ المُسْتَنْصِر مَعَدِّ بنِ الظَّاهِر بن الحَاكِم، العُبَيْديُّ المِصْرِيُّ الرَّافضيُّ الظَّلُومُ.
كَانَ متظَاهِراً بِالمَكْر وَاللَّهو وَالجبروتِ. وَلِي وهُوَ صَغِيْر فَلَمَّا كَبِرَ قَتَلَ الأَفضَلَ أَمِيْرَ الجُيُوش، وَاصطفَى أَمْوَالَه، وَكَانَتْ تفوتُ الإِحْصَاء، وَيُضْرَبُ بِهَا المَثَل، فَاسْتوزَرَ بَعْدَهُ المَأْمُوْن مُحَمَّد بن مُخْتَار البطَائِحِي، فَعَسَفَ الرَّعيَة، وَتَمَرَّدَ، فَاسْتَأْصَلَه الآمر بَعْد أَرْبَعِ سِنِيْنَ، ثُمَّ صَلَبَهُ، وَقَتَلَ مَعَهُ خَمْسَةً مِنْ إِخوته. وفِي دَوْلَتِهِ أَخذت الفِرَنج طَرَابُلُس الشَّام وَصَيْدَا، ثُمَّ قَصَدَ الملك بردويل الفرنجِي دِيَارَ مِصْر، وَأَخَذَ الفَرَمَا وَهِيَ قَرِيْبَة مِنَ العَريش، فَأَحرَقَ جَامِعَهَا وَمَسَاجِدَهَا. وَقتلَ وَأَسَرَ وَقِيْلَ:بَلْ هِيَ غربِي قَطْيَا، ثُمَّ رَجَعَ فَهَلَكَ فِي سَبخَة بردويل، فَشَقُّوهُ وَرمُوا حُشوته وَصَبَّروه، فَحُشْوَتُهُ تُرْجَمُ هُنَاكَ إِلَى اليَوْمِ، وَدفنوهُ بقُمَامَة. وَكَانَ قَدْ أَخذ القدس وَعكّا وَالحُصُون. وفِي أَيَّامه ظَهَرَ ابْنُ تُوْمَرْت بِالمَغْرِب، وَكَثُرَت أَتْبَاعه، وَعسكرُوا وقَاتَلُوا، وَملكُوا البِلاَدَ.(15/199) (29/180) وَبَقِيَ الآمِر فِي المُلْك تِسْعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً وَتسعَةَ أَشهر إِلَى أَنْ خَرَجَ يَوْماً إِلَى ظَاهِر القَاهرَة، وَعدَّى عَلَى الجِسْر إِلَى الجِيزَة، فَكَمَنَ لَهُ رِجَالٌ فِي السِّلاَحِ، ثُمَّ نزلُوا عَلَيْهِ بِأَسْيَافهُم، وَكَانَ فِي طَائِفَةٍ لَيْسَتْ بكَثِيْرَةٍ، فَرُدَّ إِلَى القصر مثخناً بِالجرَاح. وَهَلَكَ مِنْ غَيْرِ عَقِبٍ. وَكَانَ العَاشرَ مِنَ الخُلَفَاءِ البَاطنيَّة فَبايعُوا ابْنَ عَمٍّ لَهُ، وَهوَالحَافِظ لِدِيْنِ اللهِ. وَكَانَ الآمِر رَبْعَةً، شَدِيدَ الأُدْمَةِ، جَاحظَ العين، وَكَانَ حَسَنَ الحظ، جَيِّد العقل وَالمَعْرِفَة - لَكِنَّه خَبِيْثُ المعتَقَد - سفَّاكاً لِلدِّمَاءِ، متمرّداً جَبَّاراً فَاحشاً فَاسقاً، صَادر الخلقَ. عَاشَ خمساً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً. وَانقَلَعَ فِي ذِي القَعْدَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة. وَبُوْيِع وَلَهُ خَمْسَة أَعْوَامٍ.(15/200) (29/181) |