الفرق بين الوقف والقطع والسكت
 

هذه العبارات يطلقها المتقدمون مراداً بها الوقف غالياً ولا يريدون بها غير الوقف إلا مقيدة.
وأما عند المتأخرين ففرقوا وقالوا:
القطع:
عبارة عن قطع القراءة رأساً، فهو كالانتهاء، فالقارئ به كالمعرض عن القراءة والمنتقل منها من حالة إلى أخرى سوى القراءة كالذي يقطع على حزب أو ورد أو عشر أو في ركعة ثم يركع أو نحو ذلك مما يؤذن بانقضاء القراءة والانتقال منها إلى حالة أخرى، وهو الذي يستعاذ بعده للقراءة المستأنفة، ولا يكون إلا على رأس آية لأن رؤوس الآي في نفسها مقاطع.
وأخرج سعيد بن منصور في سننه: حدثنا أبو الأحوص عن أبي سنان عن ابن ابي الهذيل أنه قال: كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآيات ويدعوا بعضها".
إسناده صحيح، وعبد الله بن الهذيل تابعي كبير، وقوله: "كانوا" يدل على أن الصحابة كانوا يكرهون ذلك.

والوقف:
عبارة عن قطع الصوت على الكلمة زمناً يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة إما بما يلي الحرف الموقوف عليه أ بما قبله كما تقدم جوازه في أقسامه الثلاث لا بنية الإعراض، وتنبغي البسملة معه في فواتح السور، ويأتي في رؤوس الآي وأوساطها، ولا يأتي في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسماً ولابد من التنفس معه.

والسكت:
هو عبارة عن قطع الصوت زمناً هو دون زمن الوقف عادة من غير تنفس، وقد اختلف ألفاظ الأئمة في التأدية عنه مما يدل على طوله وقصره.
فعن حمزة في السكت على الساكن قبل الهمز: سكتة يسيرة. وقال الأشناني: سكتة قصيرة، وعن الكسائي: سكتة مختلسة من غير إشباع، وقال أبو الحسن طاهر بن غلبون: وقفة يسيرة، وقال مكي: وقفة خفيفة، وقال ابن شريح: وقيفة، وعن قتيبة: من غي قطع نفس. وقال الداني: سكتة لطيفة من غير قطع.
فقد اجتمعت ألفاظهم على أن السكت: زمنه دون زمن الوقف عادة، وهم في مقداره بحسب مذاهبهم في التحقيق والحدر والتوسط حسبما تحكم المشافهة.
وأما تقييدهم بكونه دون تنفس فقد اختلف أيضاً في المراد به آراء بعض المتأخرين:
فقال الحافظ أبو شامة: الإشارة بقولهم دون تنفس إلى عم الإطالة المؤذنة بالإعراض عن القراءة.
وقال الجعبري: قطع الصوت زمناً قليلاً أقصر من زمن إخراج النفس، لأنه إن طال صار وقفاً يوجب البسملة.
قال: ابن جبارة: ويعلم ذلك بالعادة وعرف القراء.
وقال الحافظ ابن الجزري: (انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1/243):
والصحيح أن السكت مقيد بالسماع والنقل، فلا يجوز إلا فيما صحت الرواية به لمعنى مقصود بذاته. وقيل يجوز في رؤوس الآي مطلقاً حالة الوصل لقصد البيان، وحمل بعضهم الحديث الوارد على ذلك.
وأما الكلمات الأربع فهي: "عوجا" أول الكهف، "مرقدنا" في يس، "من راق" في القيامة، "بل ران" في التطفيف:
فروي عن حفص من طريقي عبيد وعمرو أبي الصباح السكت على:
الألف المبدلة من التنوين في "عوجا" ثم يقول "قيما"
وكذا الألف من "مرقدنا" ثم يقول: "هذا ما وعد الرحمن".
وكذلك على النون من "من" ثم يقول "راق".
وكذلك على اللام من "بل" ثم يقول: "ران على قلوبهم".
وهذا الذي في الشاطبية والتيسير وغيرهما. ووجه السكت في:
"عوجا"، قصد بيان أن: قيما، بعده ليس متصلاً بما قبله من الإعراب. فيكون منصوباً بفعل مضمر تقديره (أنزله قيما) فيكون حالاً من الهاء في أنزله.
وفي "مرقدنا" بيان أن كلام الكفار قد انقضى، وان قوله "هذا ما وعد الرحمن" ليس من كلامهم فهو إما من كلام الملائكة أو من كلام المؤمنين ما أشرنا إليه في باب الوقف والابتداء.
وفي: "من راق" ، "بل ران" قصد بيان اللفظ ليظهر انهما كلمتان منفصلتان مع صحة الرواية في ذلك.
والله أعلى وأعلم.

 

دروس الشيخ أيمن سويد في علم التجويد