الطَّبَرَانِيُّ أَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ
 
هُوَ:الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، الجَوَّالُ، مُحَدِّثُ الإِسلاَمِ، علمُ المعمَّرينَ، أَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ مُطَيّرٍ اللَّخْمِيُّ، الشَّامِيُّ، الطَّبَرَانِيُّ، صَاحبُ المَعَاجِمِ الثَّلاَثَةِ.
مَوْلِدُهُ:بِمدينَةِ عكَّا، فِي شَهْرِ صَفَرٍ، سنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ عَكَّاوِيَّةً.
وَأَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ، وَارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، وَحَرَصَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، مِنْ أَصْحَابِ دُحَيْمٍ، فَأَوَّلُ ارتحَالِهِ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، فَبقِي فِي الارتحَالِ وَلقِيِّ الرِّجَالِ ستَّةَ عشرَ عَاماً، وَكَتَبَ عَمَّنْ أَقبلَ وَأَدبرَ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً، وَازدحَمَ عَلَيْهِ المحدِّثُونَ، وَرحلُوا إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَارِ.(16/120)
لقيَ:أَصْحَابَ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَرَوحِ بنِ عُبَادَةَ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَحجَّاجِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَلَمْ يَزَلْ يكتبُ حَتَّى كتبَ عَنْ أَقرَانِهِ.
سَمِعَ مِنْ:هَاشِمِ بنِ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ الخَيَّاطِ، حَدَّثَهُ ببيتِ المَقْدِسِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ، عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيْسِيِّ، وَسَمِعَ بطبريَّةَ مِنْ:أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ اللِّحيَانِيَّ صَاحبِ آدمَ، وَبقيسَارِيَّةَ مِنْ:عَمْرِو بن ثَوْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ صَاحبَي الفِرْيَابِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ:نَحْوِ أَلفِ شَيْخٍ أَوْ يزيدُوْنَ.
(31/135)

وَرَوَى عَنْ:أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبرِيِّ، وَإِدْرِيْسَ بنِ جَعْفَرٍ العَطَّارِ، وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى، وَحَفْصِ بنِ عُمَرَ سنجَةَ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ المجَاورِ، وَمِقدَامِ بنِ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيِّ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ العلاَّفِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَوْطيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فيلٍ البَالِسِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نُبَيْطٍ الأَشجعِيِّ صَاحبِ تِلْكَ النّسخةِ الموضوعةِ، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الخشَّابِ، وَأَحْمَدَ بنِ دَاوُدَ البَصْرِيِّ ثُمَّ المكِّيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ البتلهِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ خليدٍ الحَلَبِيِّ، لقيَهُ بِهَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمِنْ:أَحْمَدَ بنِ زِيَادٍ الرَّقِّيِّ الحَذَّاءِ صَاحبِ حجَّاجِ الأَعورِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ الشّبامِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بزَّةَ الصَّنْعَانِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى البَوْسِيِّ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَبَكْرِ بنِ سَهْلٍ الدِّمياطيِّ، وَحَبُّوشِ بنِ رزقِ اللهِ المِصْرِيِّ، وَأَبِي الزِّنْبَاعِ رَوْحِ بنِ الفَرَجِ القَطَّانِ، وَالعَبَّاسِ بنِ الفَضْلِ الأَسفَاطيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ المَصِّيْصِيِّ، وَعبدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَرْقِيِّ، سَمِعَ مِنْهُ السِّيرَةَ لكنَّهُ وَهِمَ، وَسمَّاهُ أَحْمَدَ باسمِ أَخِيْهِ، وَعَلِيِّ بنِ عبدِ الصَّمدِ مَا غمَّه، وَأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المِصْرِيِّ القَطَّانِ،
(31/136)

وَإِدْرِيْسَ بنِ عبدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادِ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيِّ القلاَنسِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ سَهْلٍ المُجَوِّزِ، وَزَكَرِيَّا بنِ حَمْدَوَيْه الصَّفَّارِ، وَعُثْمَانَ بنِ عُمَرَ الضَّبِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ المُنْذِرِ القَزَّازِ صَاحبِ سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الغَلاَبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الصَّائِغِ، وَأَبِي علاَثةَ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ الحَرَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَسَدِ بنِ يَزِيْدَ الأَصْبَهَانِيِّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ دُرَّانَ، وَأَبِي عبدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ رُمَاحِسَ، وَهَارُوْنَ بنِ ملُّولٍ.(16/121)
وَسَمِعَ:بِالحَرَمَيْنِ، وَاليَمَنِ، وَمدَائِنَ الشَّامِ وَمِصْرَ، وَبغدَادَ، وَالكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ، وَأَصْبَهَانَ، وَخوزستَانَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتوطنَ أَصْبَهَانَ، وَأَقَامَ بِهَا نَحْواً مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً ينشُرُ العِلْمَ وَيُؤَلِّفهُ، وَإِنَّمَا وَصلَ إِلَى العِرَاقِ بَعْدَ فرَاغِهِ مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالحِجَازِ وَاليَمَنِ، وَإِلاَّ فَلَو قصدَ العِرَاقَ أَوَّلاً لأَدركَ إِسْنَاداً عظيماً.
(31/137)

حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَالحَافِظُ ابْنُ عُقْدَةَ وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الصحَّافُ، وَابنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ البسطَامِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكوَانِيُّ، وَأَحْمدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المَرْزُبانِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ فَاذَشَاهُ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، وَمَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرِّبَاطِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ شهريَارَ، وَعبدُ الواحدِ بنُ أَحْمَدَ البَاطِرقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدُكَوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ شمةَ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الميهنيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، آخِرُهُم مَوْتاً أَبُو بكرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رِيذَةَ التَّاجِرُ، ثُمَّ عَاشَ بَعْدَهُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بكرٍ الذَّكوَانِيُّ يَرْوِي عَنِ الطَّبَرَانِيِّ بِالإِجَازَةِ، فَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعينَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمَاتَ ابْنُ رِيذَةَ عَامَ أَرْبَعينَ.(16/122)
(31/138)

وَمِنْ توَالِيفِهِ (المُعْجَمُ الصَّغِيْرُ)فِي مُجَلَّدٍ، عَنْ كُلِّ شَيْخٍ حَدِيْثٌ، وَ (المُعْجَمُ الكَبِيْرُ)وَهُوَ مُعْجَمُ أَسمَاءِ الصَّحَابةِ وَترَاجمِهِم وَمَا رَوَوْهُ، لَكنْ لَيْسَ فِيْهِ مُسْندُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلاَ اسْتوعبَ حَدِيْثَ الصَّحَابَةِ المُكثرينَ، فِي ثَمَانِ مُجَلَّدَاتٍ، وَ (المُعْجَمُ الأَوسطُ)على مشَايِخِهِ المُكثرينَ، وَغَرَائِبُ مَا عِنْدَهُ عَنْ كُلِّ وَاحدٍ، يَكُونُ خَمْسَ مجلدَاتٍ.
وَكَانَ الطَّبَرَانِيُّ - فِيمَا بلغنَا - يَقُوْلُ عَنِ (الأَوسطِ):هَذَا الكِتَابُ رُوحي.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ:سَأَلَ أَبِي أَبا القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ كَثْرَةِ حَدِيْثِهِ، فَقَالَ:كُنْتُ أَنَامُ عَلَى البوَارِي، ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:قَدِمَ الطَّبَرَانِيُّ أَصْبَهَانَ سنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ قدمَهَا فَأَقَامَ بِهَا محدّثاً سِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظُ:قَالَ أَبُو أَحْمَدَ العسَّالُ القَاضِي:إِذَا سَمِعْتُ مِنَ الطَّبَرَانِيِّ عِشْرِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ ثَلاَثِيْنَ أَلفاً، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو الشَّيْخِ أَرْبَعينَ أَلفاً، كملنَا.
قُلْتُ:هَؤُلاَءِ كَانُوا شُيُوْخَ أَصْبَهَانَ مَعَ الطَّبَرَانِيِّ.(16/123)
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ:سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ بُنْدَارَ يَقُوْلُ:دَخَلتُ العَسْكَرَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فحضرتُ مَجْلِسَ عَبْدَانَ، وَخَرَجَ ليُمْلِي، فَجَعَلَ المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ لَهُ:إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُملِي؟فَيَقُوْلُ:حَتَّى يحضرَ الطَّبَرَانِيُّ.
(31/139)

قَالَ:فَأَقبلَ أَبُو القَاسِمِ بَعْدَ سَاعَةٍ متَّزِراً بِإِزَارٍ مُرتدياً بآخرَ، وَمَعَهُ أَجْزَاءٌ، وَقَدْ تبعَهُ نحو مِنْ عِشْرِيْنَ نَفْساً مِنَ الغرباءِ مِنْ بلدَانٍ شَتَّى حَتَّى يُفيدهُم الحَدِيْث.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ):لَمَّا قَدِمَ الطَّبَرَانِيُّ قَدْمَتَهُ الثَّانيةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ إِلَى أَصْبَهَانَ قبَّلَهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رُسْتُمَ العَاملُ، وضمَّهُ إِلَيْهِ، وَأَنزلَهُ المدينَةَ، وَأَحسنَ معونَتَهُ، وَجَعَلَ لَهُ معلوماً مِنْ دَارِ الخَرَاجِ فَكَانَ يَقْبِضُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَدْ كنَّى وَلدَهُ مُحَمَّداً أَبا ذرٍّ، وَهِيَ كنيَةُ وَالدِهِ أَحْمَدَ.
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ:سَمِعْتُ مشَايخنَا مِمَّنْ يُعتمدُ عَلَيْهِم يَقُوْلُوْنَ:أَملَى أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيْثَ عِكرمةَ فِي الرُّؤْيَةِ، فَأَنكرَ عَلَيْهِ ابْنُ طَباطبا العَلَوِيُّ، وَرمَاهُ بدَاوَةٍ كَانَتْ بَيْنَ يَديهِ، فَلَمَّا رَأَى الطَّبَرَانِيُّ ذَلِكَ وَاجَهَهُ بكلامٍ اختصرْتُهُ، وَقَالَ فِي أَثنَاءِ كلاَمِهِ:مَا تسكتُوْنَ وَتشتغلُوْنَ بِمَا أَنْتُم فِيْهِ حَتَّى لاَ يُذْكَرَ مَا جَرَى يَوْمَ الحَرَّةِ.
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ طَباطبا، قَامَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ وَنَدِمَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ:وَبلغنِي أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ كَانَ حَسَنَ المشَاهدَةِ، طيِّبَ المُحَاضَرَةِ، قرأَ عَلَيْهِ يَوْماً أَبُو طَاهِرٍ بنُ لُوقَا حَدِيْثَ:كَانَ يغسلُ حَصَى جِمَارِهِ فصحَّفَهُ، وَقَالَ:خُصِي حمَارِهِ، فَقَالَ:مَا أَرَادَ بِذَلِكَ يَا أَبا طَاهرٍ.
قَالَ:التَّواضعَ، وَكَانَ هَذَا كَالمُغَفَّلِ.
(31/140)

قَالَ لَهُ الطَّبَرَانِيُّ يَوْماً:أَنْتَ وَلدِي، قَالَ:وَإِيَّاكَ يَا أَبا القَاسِمِ، يَعْنِي:وَأَنْتَ.(16/124)
قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ:وَوجدتُ عَنْ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الفَقِيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ السُّلَمِيُّ، قَالَ:سَمِعْتُ الطَّبَرَانِيَّ يَقُوْلُ:لَمَّا قَدِمَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ رُسْتُمَ بنِ فَارِسَ، دَخَلتُ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الكُتَّابِ، فصبَّ عَلَى رجلِهِ خَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا خَرَجَ الكَاتِبُ أَعطَانِيْهَا، فَلَمَّا دَخَلتْ بنتُهُ أُمُّ عدنَانَ، صبَّتْ عَلَى رجلِهِ خَمْسَ مائَةٍ، فَقُمْتُ، فَقَالَ:إِلَى أَينَ؟
قُلْتُ:قُمْتُ لِئَلاَّ يقولَ:جلَسْتُ لِهَذَا، فَقَالَ:ارفَعْ هَذِهِ أَيْضاً، فَلَمَّا كَانَ آخرُ أَمرِهِ، تَكَلَّمَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضيَ اللهُ عَنْهُمَا - بِبَعضِ الشَّيْءِ، فَخَرَجتُ وَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ بَعْدُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الفَقِيْهُ:سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ حمْدَانَ، وَأَبا الحَسَنِ المَدِيْنِيَّ، وَغيرَهُمَا، يَقُوْلُوْنَ:سمِعنَا الطَّبَرَانِيَّ يَقُوْلُ:هَذَا الكِتَابُ رُوحي، يَعْنِي (المُعْجَمَ الأَوسطَ).
(31/141)

قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارِسَ اللُّغَوِيُّ:سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ ابنَ العَمِيْدِ يَقُوْلُ:مَا كُنْتُ أَظنُّ أَنَّ فِي الدُّنْيَا حَلاَوَةً أَلذَّ مِنَ الرِّئاسَةِ وَالوزَارَةِ الَّتِي أَنَا فِيْهَا، حَتَّى شَاهدتُ مذَاكرَةَ أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ بحضرتِي، فَكَانَ الطَّبَرَانِيُّ يغلِبُ أَبَا بَكْرٍ بكَثْرَةِ حِفْظِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يغلبُ بِفطنَتِهِ وَذكَائِهِ حَتَّى ارتفعتْ أَصواتُهُما، وَلاَ يكَادُ أَحدُهُمَا يغلبُ صَاحبَهُ، فَقَالَ الجِعَابِيُّ:عِنْدِي حَدِيْثٌ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ عِنْدِي، فَقَالَ:هَاتِ، فَقَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ، وَحَدَّثَ بِحَدِيْثٍ، فَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ:أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ، وَمِنِّي سَمِعَهُ أَبُو خَلِيْفَةَ، فَاسمعْ مِنِّي حَتَّى يَعلُو فِيْهِ إِسنَادُكَ، فَخجلَ الجِعَابِيُّ، فوددت أَنَّ الوزَارَةَ لَمْ تكنْ، وَكُنْتُ أَنَا الطَّبَرَانِيَّ، وَفرحتُ كفرحِهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.(16/125)
أَنبؤونَا عَنْ أَبِي المكَارمِ اللَّبَّانِ، عَنْ غَانِمٍ البُرجِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَمِ، يَقُوْلُ:سَمِعْتُ أَبا جَعْفَرٍ بنَ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ:لقيتُ ابنَ عُقدَةَ بِالكُوْفَةِ، فسأَلته يَوْماً أَنْ يُعيدَ لِي فَوْتاً، فَامْتَنَعَ، فشدَّدتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:مِنْ أَيِّ بلدٍ أَنْتَ؟
قُلْتُ:مِنْ أَصْبَهَانَ.
فَقَالَ:نَاصِبَةٌ يَنْصِبُوْنَ العدَاوَةَ لأَهلِ البَيْتِ.
فَقُلْتُ:لاَ تَقُلْ هَذَا فَإِنَّ فِيهِم متفقِّهَةً وَفضلاَءَ وَمتشيِّعَةً.
فَقَالَ:شيعَةُ مُعَاوِيَةَ؟
(31/142)

قُلْتُ:لاَ وَاللهِ، بَلْ شيعَةُ عَلِيٍّ، وَمَا فِيهِم أَحدٌ إِلاَّ وَعلِيٌّ أَعزُّ عَلَيْهِ مِنْ عينِهِ وَأَهلِهِ، فَأَعَادَ عَلَيَّ مَا فَاتَنِي، ثُمَّ قَالَ لِي:سَمِعْتَ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ أَحْمَدَ اللَّخمِيِّ؟
فَقُلْتُ:لاَ، لاَ أَعرفهُ.
فَقَالَ:يَا سُبْحَانَ اللهِ!! أَبُو القَاسِمِ ببلدِكُم وَأَنْتَ لاَ تسمع مِنْهُ، وَتُؤذِينِي هَذَا الأَذَى، بالكُوْفَةِ مَا أَعرفُ لأَبِي القَاسِمِ نظيراً، قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمِعَ مِنِّي، ثُمَّ قَالَ:أَسمعتَ (مُسْنَدَ)أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ؟
فَقُلْتُ:لاَ.
قَالَ:ضيَّعْتَ الحزمَ، لأَنَّ منبعَهُ مِنْ أَصْبَهَانَ.
وَقَالَ:أَتعرفُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ؟
قُلْتُ:نعم.
قَالَ:قلَّ مَا رَأَيْتُ مثلَهُ فِي الحِفْظِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ:أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ أَحدُ الحُفَّاظِ المذكورينَ، حَدَّثَ عَنْ:أَحْمَدَ بنِ عبدِ الرَّحِيْمِ البَرْقِيِّ، وَلَمْ يحتملْ سنُّهُ لُقِيَّهُ، تُوُفِّيَ أَحْمَدُ بِمِصْرَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
(31/143)

قُلْتُ:قَدْ مرَّ أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ وَهِمَ فِي اسْمِ شَيْخِهِ عبدِ الرَّحِيْمِ فَسَمَّاهُ أَحْمَدَ، وَاسْتمرَّ، وَقَد أَرَّخَ الحَافِظُ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ وَفَاةَ أَحْمَدَ بنِ البَرْقِيِّ هَكَذَا فِي مَوْضِعٍ، وَأَرَّخَهَا فِي مَوْضِعٍ آخرَ سنَةَ سَبْعِيْنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْهَا، وَعَلَى الحَالين فَمَا لقيَهُ وَلاَ قَاربَ، وَإِنَّمَا وَهِمَ فِي الاسْمِ، وَحملَ عَنْهُ السِّيرَةَ النَّبويَةَ بسمَاعِهِ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ هِشَامٍ السَّدُوْسِيِّ، وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ يَرْوِي عَنْ:عَمْرِو بنِ أَبِي سلمةَ التِّنِّيْسِيِّ وَالكِبَارِ الَّذِيْنَ لَمْ يُدْرِكْهُم أَخُوْهُ عبدُ الرَّحِيْمِ، ثُمَّ إِنَّنَا رأَينَا الطَّبَرَانِيَّ لَمْ يذكرْ عبدَ الرَّحِيْمِ باسمِهِ هَذَا فِي (مُعْجَمِهِ)، بَلْ تمَادَى عَلَى الوَهْمِ، وَسمَّاهُ بِأَحْمَدَ فِي حرفِ الأَلِفِ، وَلهذينِ أَخٌ ثَالثٌ وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ البَرْقِيِّ الحَافِظُ، لَهُ مُؤلَّفٌ فِي الضُّعَفَاءِ، وَهُوَ أَسنُّ الثَّلاَثَةِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ عبدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ الَّذِي لقيَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَزلَّ فِي تسمِيَتِهِ بِأَحْمَدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.(16/126)
وَقَدْ سمِعنَا السِّيرَةَ مِنْ طريقِهِ، وَقَدْ سُئِلَ الحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ، فَقَالَ:كَتَبْتُ عَنْهُ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ، ثُمَّ قَالَ:وَهُوَ ثِقَةٌ، إِلاَّ أَنَّهُ كتبَ عَنْ شَيْخٍ بِمِصْرَ، وَكَانَا أَخوينِ، وَغلطَ فِي اسْمِهِ، يَعْنِي:ابني البَرْقِيِّ.
(31/144)

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:وَجدتُ أَبَا علِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيَّ الحَافِظَ سَيِّءَ الرَّأْيِ فِي أَبِي القَاسِمِ اللَّخمِيِّ، فسأَلتُهُ عَنِ السَّبَبِ، فَقَالَ:اجتمعْنَا عَلَى بَابِ أَبِي خَلِيْفَةَ، فَذَكَرْتُ لَهُ طُرقَ حَدِيْثِ (أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعضَاءَ)، فَقُلْتُ لَهُ:يحفظُ شُعبَةُ عَنْ عَبْدِ الملكِ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاووسَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟
قَالَ:بَلَى، رَوَاهُ غُنْدَرٌ، وَابنُ أَبِي عَدِيٍّ.
قُلْتُ:مَنْ عَنْهُمَا؟
قَالَ:حدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنِ أَبيهِ، عَنْهُمَا، فَاتَّهمتُهُ إِذْ ذَاكَ، فَإِنَّهُ مَا حَدَّثَ بِهِ غَيْرُ عُثْمَانَ بنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ.
قُلْتُ:هَذَا تعنُّتٌ عَلَى حَافظٍ حجَّةٍ.
قَالَ الحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ:هَذَا وَهِمَ فِيْهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي المذَاكرَةِ، فَأَمَّا فِي جمعِهِ حَدِيْثَ شُعبَةَ، فَلَمْ يَرْوِهِ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عُثْمَانَ بنِ عُمَرَ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ مَنْ وَهِمَ فِي حَدِيْثٍ وَاحدٍ اتُّهِمَ لكَانَ هَذَا لاَ يسلمُ مِنْهُ أَحدٌ.(16/127)
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه:دَخَلتُ بَغْدَادَ، وَتَطَلَّبْتُ حَدِيْثَ إِدْرِيْسَ بنِ جَعْفَرٍ العَطَّارِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَرَوْحٍ، فلمْ أَجدْ إِلاَّ أَحَادِيثَ معدودَةً، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ إِدْرِيْسَ، عَنْ يَزِيْدَ كَثِيْراً.
قُلْتُ:هَذَا لاَ يدلُّ عَلَى شَيْءٍ، فَإِنَّ البغَاددَةَ كَاثرُوا عَنْ إِدْرِيْسَ لِلِيْنِهِ، وَظفرَ بِهِ الطَّبَرَانِيُّ فَاغتنمَ علوَّ إِسنَادِهِ، وَأَكثرَ عَنْهُ، وَاعتنَى بِأَمرِهِ.
(31/145)

وَقَالَ أَحْمَدُ البَاطِرقَانِيُّ:دَخَلَ ابْنُ مَرْدَوَيْه بَيْتَ الطَّبَرَانِيِّ وَأَنَا مَعَهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ ابنِهِ أَبِي ذَرٍّ لبيعِ كتبِ الطَّبَرَانِيِّ، فَرَأَى أَجزَاءَ الأَوَائِلِ بِهَا فَاغتمَّ لِذَلِكَ، وَسبَّ الطَّبَرَانِيَّ، وَكَانَ سَيِّءَ الرَّأْيِ فِيْهِ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظُ:كَانَ ابْنُ مَرْدَويه فِي قلبِهِ شَيْءٌ عَلَى الطَّبَرَانِيِّ، فتلفَّظَ بكلاَمٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ:كمْ كتبتَ يَا أَبَا بكرٍ عَنْهُ؟
فَأَشَارَ إِلَى حُزَمٍ، فَقَالَ:وَمَنْ رَأَيْتَ مثلَهُ؟
فَلَمْ يقلْ شَيْئاً.
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ:ذكرَ ابْنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَأْريخهِ)لأَصْبَهَانَ جَمَاعَةً، وضعَّفهُم، وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيَّ فلم يُضعِّفهُ، فَلَو كَانَ عِنْدَهُ ضَعِيْفاً لضعَّفَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ المُعَدَّلُ:الطَّبَرَانِيُّ أَشهرُ مِنْ أَنْ يدلَّ عَلَى فضلِهِ وَعلمِهِ، كَانَ وَاسِعَ العِلْمِ كَثِيْرَ التَّصَانِيْفِ، وَقِيْلَ:ذَهَبتْ عينَاهُ فِي آخرِ أَيَّامِهِ، فَكَانَ يَقُوْلُ:الزنَادقَةُ سحرتْنِي، فَقَالَ لَهُ يَوْماً حسنٌ العَطَّارُ - تلمِيذُهُ - يمتحنُ بصرَهُ:كمْ عددُ الجذوعِ الَّتِي فِي السَّقْفِ؟
فَقَالَ:لاَ أَدْرِي، لَكِنْ نقشُ خَاتمِي سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ.
قُلْتُ:هَذَا قَالَهُ عَلَى سَبِيْلِ الدُّعَابَةِ.
قَالَ:وَقَالَ لَهُ مرَّةً:مَنْ هَذَا الآتِي - يَعْنِي:ابنَهُ - ؟
فَقَالَ أَبُو ذرٍّ، وَلَيْسَ بِالغِفَارِيِّ.(16/128)
(31/146)

وَلأَبِي القَاسِمِ مِنَ التَّصَانِيْفِ:كِتَابُ (السُّنَّةِ)مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (الدُّعَاءِ)مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (الطوالاَتِ)مجيليدٌ، كِتَابُ (مُسندِ شعبةَ)كَبِيْرٌ، (مُسْنَدُ سُفْيَانَ)، كِتَابُ (مَسَانِيْدِ الشَّامِيِّينَ)، كِتَابُ (التَّفْسِيْرِ)كَبِيْرٌ جِدّاً، كِتَابُ (الأَوَائِلِ)، كِتَابُ (الرَّمْيِ)، كِتَابُ (المنَاسِكِ)، كِتَابُ (النَّوَادرِ)، كِتَابُ (دلاَئِلِ النُّبُوَّةِ)مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (عِشْرَةِ النِّسَاءِ)، وَأَشيَاءُ سِوَى ذَلِكَ لمْ نقفْ عَلَيْهَا، مِنْهَا (مُسْنَدُ عَائِشَةَ)، (مُسْندُ أَبِي هُرَيْرَةَ)، (مُسْندُ أَبِي ذَرٍّ)، (مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ)، (العِلْمُ)، (الرُّؤْيَةُ)، (فضلُ العَربِ)، (الجُودُ)، (الفَرَائِضُ)، (منَاقبُ أَحْمَدَ)، (كِتَابُ الأَشربَةِ)، (كِتَابُ الأَلويَةِ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ)، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ سمَّاهَا عَلَى الولاَءِ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ.
وَأَكثرُهَا مَسَانِيْدُ حفَّاظٍ وَأَعِيَانٍ، وَلَمْ نَرَهَا.
وَلَمْ يَزَلْ حَدِيْثُ الطَّبَرَانِيِّ رَائِجاً، نَافقاً، مرغوباً فِيْهِ، وَلاَ سيَّمَا فِي زَمَانِ صَاحِبِهِ ابْنِ رِيذَةَ، فَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ خَلاَئِقُ، وَكَتَبَ السِّلَفِيُّ عَنْ نَحْوِ مائَةِ نَفْسٍ مِنْهُم وَمِنْ أَصْحَابِ ابْنِ فَاذشَاه، وَكَتَبَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ الهَمَذَانِيُّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ بقَايَاهُم.
(31/147)

وَازدحمَ الخلقُ عَلَى خَاتِمَتِهِم فَاطِمَةَ الجُوزدَانيَّةِ المَيْتَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَارْتَحَلَ ابْنُ خَلِيْلٍ وَالضِّيَاءُ، وَأَولاَدُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ وَعِدَّةٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ فِي طلبِ حَدِيْثِ الطَّبَرَانِيِّ، وَاسْتجَازُوا مِنْ بَقَايَا المَشْيَخَةِ لأَقَاربِهِم وَصغَارِهِم، وَجلبُوهُ إِلَى الشَّامِ، وَرووهُ، وَنشرُوهُ، ثُمَّ سَمِعَهُ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ ابْنُ جعوَانَ، وَالحَارِثِيُّ، وَالمزِّيُّ، وَابنُ سَامَةَ، وَالبرزَالِيُّ، وَأَقرَانُهُم، وَرووهُ فِي هَذَا العصرِ، وَأَعْلَى ما بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ بِالاتصَالِ (مُعْجَمه الصَّغِيْر)، فَلاَ تفوتُوهُ - رحمكُم اللهُ - .
وَقَدْ عَاشَ الطَّبَرَانِيُّ مائَةَ عَامٍ وَعشرَةَ أَشهرٍ.(16/129)
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ:تُوُفِّيَ الطَّبَرَانِيُّ لليلَتينِ بقيتَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ سنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بأَصْبَهَانَ، وَمَاتَ ابنُهُ أَبوْ ذرٍّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الملكِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ سَعِيْدِ بنِ فَاذشَاهَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي زيدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا محمودُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَاذشَاهَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكشِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنِ أَبيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مسيرَةٍ، وَمَعَهُ رَجُلٌ، إِذ لعنَ نَاقَتَهُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(أَينَ اللاَّعِنُ نَاقَتَهُ)؟
قَالَ:هَا أَنذَا.
(31/148)

قَالَ:(أَخِّرْهَا فَقَدْ أُجِبْتَ فِيْهَا).
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ بَذِيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنِ أَبيِهِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فِي أَقلَّ مِنْ ثَلاَثٍ فَهُوَ رَاجزٌ.(16/130)
قَرَأْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ قُدَامَةَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الواحدِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخبرتنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا عبدُ الحمِيدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبيِهِ، أَنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ فَقَدَ قَلَنْسوَةً لَهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ، فَقَالَ:اطلُبُوهَا، فَلَمْ يجدُوهَا، فَقَالَ:اطلُبُوهَا، فَوَجَدُوهَا، فَإِذَا هِيَ قَلَنْسُوَةٌ خَلَقةٌ، فَقَالَ خَالِدٌ:
اعتمرَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَابْتدرَ النَّاسُ جَوَانبَ شعْرِهِ فَسَبَقْتُهُم إِلَى نَاصِيَتِهِ، فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ القَلَنْسوَةِ، فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالاً وَهِيَ مَعِي إِلاَّ رُزِقْتُ النَّصْرَ.
(31/149)

وَمَاتَ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ:الآجُرِّيُّ وَسيَأْتِي، وَالمُعَمَّرُ أَبُو عَلِيٍّ عِيْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الجُرَيجِيُّ الطومَارِيُّ عَنْ تسعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَإِمَامُ جَامعِ هَمَذَانَ أَبُو العَبَّاسِ الفَضْلُ بنُ الفَضْلِ الكِنْدِيُّ، وَمُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَمِ الأَنْبَارِيُّ، وَالبُنْدَارُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كِنَانَةَ المُؤَدِّبُ، وَالمُحَدِّثُ القُدْوَةُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مطرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالوَزِيْرُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ العَمِيْدِ صَاحبُ (الترسُّلِ الفَائِقِ)، وَالمُعَمَّرُ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ ذَكْوَانَ البَعْلَبَكِّيُّ المُقْرِئُ، وَشيخُ الزُّهَّادِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الدَّقّيُّ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَالَّذِي تملَّكَ دِمَشْقَ أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي يَعْلَى الهَاشِمِيُّ ثُمَّ أُسِرَ وَبُعِثَ إِلَى مِصْرَ.(16/131)
(31/150)