القَفَّالُ الشَّاشِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
 
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، الأُصولِيُّ، اللُّغَوِيُّ، عَالِمُ خُرَاسَانَ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الشَّاشِيُّ الشَّافِعِيُّ القَفَّالُ الكَبِيْرُ، إِمَامُ وَقْتِهِ، بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ أَعلمَ أَهْلِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ بِالأُصولِ، وَأَكثرَهُم رحلَةً فِي طلبِ الحَدِيْثِ.
سَمِعَ:أَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَابنَ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَأَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.(16/284)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَاتِ):تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ.
فهَذَا وَهْمٌ بَيِّنٌ وَقَدْ أَرَّخَ وَفَاتَهُ الحَاكِمُ فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِالشَّاشِ.
وَكَذَا وَرَّخَهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَزَاد أَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمئينِ.
وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ سُرَيْجٍ، وَهَذَا وَهْمٌ آخرٌ.
مَاتَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَبْلَ قدومِ القَفَّالِ بثلاَثِ سِنِيْنَ.
قَالَ:وَلَهُ مصنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ لَيْسَ لأَحدٍ مثلُهَا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الجَدَلَ الحَسَنَ مِنَ الفُقَهَاءِ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي أُصولِ الفِقْهِ، وَلَهُ (شَرْحُ الرِّسَالةِ)وَعَنْهُ انتشرَ فَقهُ الشَّافِعِيِّ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
(31/333)

قُلْتُ:مِنْ غَرَائِبِ وَجوهِهِ فِي (الرَّوضَةِ):أَنَّ للمريضِ الجمعَ بَيْنَ الصَّلاَتينِ.
وَمِنْهَا:أَنَّهُ اسْتحبَّ للكبِيرِ أَن يعِقَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ:لاَ يُعَقُّ عَنْ كَبِيْرٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَليمِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ قَتَادَةَ، وَابنُهُ القَاسِمُ الَّذِي صَنَّفَ (التَّقريبَ)وَهُوَ كِتَابٌ مفيدٌ قَلِيْلُ الوقوعِ، ينقلُ مِنْهُ صَاحبُ (النّهَايَةِ)إِمَامُ الحَرَمَيْنِ، وَصَاحبُ (الوسيطِ)فِي كِتَابِ (الرَّهنِ)، فَوَهِمَ وَسمَّاهُ أَبَا القَاسِمِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ:وَصَنَّفَ أَبُو بَكْرٍ كِتَابَ (دلاَئِلِ النُّبُوَّةِ)، وَكِتَابَ (مَحَاسِنِ الشريعَةِ).
وَقَالَ الحَليمِيُّ:كَانَ شيخُنَا القَفَّالُ أَعلمَ مَنْ لَقِيْتُهُ مِنْ عُلمَاءِ عَصْرِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ مُحِي الدِّينِ النَّوَاوِيُّ:إِذَا ذُكرَ القَفَّالُ الشَّاشِيُّ فَالمرَادُ هُوَ، وَإِذَا قِيْلَ:القَفَّالُ المَرْوَزِيُّ، فَهُوَ القَفَّالُ الصَّغِيْرُ الَّذِي كَانَ بَعْدَ الأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ:ثُمَّ إِنَّ الشَّاشِيَّ يتكرَّرُ ذكرُهُ فِي التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَالأُصولِ وَالكَلاَمِ.
وَأَمَّا المَرْوَزِيُّ فيتكرَّرُ فِي الفِقْهيَّاتِ.(16/285)
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الصَّفَّارُ:سَمِعْتُ أَبا سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَسُئِلَ عَنْ تَفْسِيْرِ أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ، فَقَالَ:قدَّسَهُ مِنْ وَجْهٍ، وَدنَّسَهُ مِنْ وَجْهٍ، أَي:دنَّسَهُ مِنْ جهَةِ نَصْرِهِ للاعتزَالِ.
قُلْتُ:قَدْ مرَّ مَوْتُهُ، وَالكمَالُ عزيزٌ، وَإِنَّمَا يمدحُ العَالِمُ بكَثْرَةِ مَالَهُ مِنَ الفضَائِلِ، فَلاَ تُدفنُ المَحَاسِنُ لورطَةٍ، وَلَعَلَّهُ رَجعَ عَنْهَا.
وَقَدْ يُغفرُ لَهُ بِاسْتفرَاغِهِ الوسْعَ فِي طلبِ الحَقِّ وَلاَ قوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي (شُعبِ الإِيمَانِ):أَنشدَنَا أَبُو نَصْرٍ بنُ قَتَادَةَ، أَنشدنَا أَبُو بَكْرٍ القَفَّاُل:
أُوسِّعُ رَحْلِي عَلَى مَنْ نَزَلْ *وَزَادِي مُبَاحٌ عَلَى مَنْ أَكَلْ
نُقَدِّمُ حَاضِرَ مَا عِنْدَنَا *وَإنْ لَمْ يَكُنْ غَيْر خُبْزٍ وَخَلّ
فَأَمَّا الكَرِيْمُ فَيَرْضَى بِهِ *وَأَمَّا اللَّئيمُ فَمَنْ لَمْ أُبَلْ (16/286)
(31/334)