أَبُو عُثْمَانَ المَغْرِبِيُّ سَعِيْدُ بنُ سَلاَّمٍ القَيْرَوَانِيُّ |
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ سَلاَّمٍ المَغْرِبِيُّ القَيْرَوَانِيُّ، نزيلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَافرَ وَحَجَّ، وَجَاورَ مُدَّةً، وَلَقِيَ مشَايخَ مِصْرَ وَالشَّامِ. وَكَانَ لاَ يظهرُ أَيَّامَ الحَجِّ. قَالَ الحَاكِمُ:خَرجْتُ مِنْ مَكَّةَ متحسِّراً عَلَى رُؤيَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لِمِحْنَةٍ، وَقَدِمَ نَيْسَابُوْرَ، فَاعتزلَ النَّاسَ أَوَّلاً، ثُمَّ كَانَ يَحْضُرُ الجَامعَ. وَقَالَ السُّلَمِيُّ:كَانَ أَوحدَ المشَايِخِ فِي طَريقَتِهِ، لَمْ نَرَ مِثلَهُ فِي عُلَوِّ الحَالِ وَصَوْنِ الوَقْتِ، امتُحنَ بِسببِ زُورٍ نُسبَ إِلَيْهِ، حَتَّى ضُربَ وَشُهِرَ عَلَى جملٍ، فَفَارقَ الحرمَ. وَقَالَ الخَطِيْبُ:وَكَانَ مِنْ كِبَارِ المشَايِخِ، لَهُ أَحوَالٌ وَكَرَامَاتٌ.(16/321) قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ - وَقَدْ سُئِلَ:الملاَئِكَةُ أَفضلُ أَمِ الأَنْبِيَاءُ؟ - فَقَالَ:القُربَ القُربَ، هُمْ أَقربُ إِلَى الحَقِّ وَأَطهرُ. صَحِبَ أَبُو عُثْمَانَ بِالشَّامِ أَبَا الخَيْرِ التِّينَاتِيّ، وَلَقِيَ أَبَا يَعْقُوْبٍ النَّهْرَجُورِي. قَالَ السُّلَمِيُّ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:لِيَكُنْ تَدَبُّرُكَ فِي الخلقِ تَدَبُّرَ عِبْرَةٍ، وَتَدَبُّرُكَ فِي نَفْسِكَ تَدَبُّرَ مَوْعِظَةٍ، وَتَدَبُّرُكَ فِي القُرْآنِ تَدَبُّرَ حقيقَةٍ. قَالَ اللهُ - تَعَالَى - {أَفلاَ يَتَدَبَّرُوْنَ القُرْآنَ}[النِّسَاء:82]جَرَّأَكَ بِهِ عَلَى تلاَوتِهِ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَكَلَّتِ الأَلسُنُ عَنْ تلاَوتِهِ. وَقَالَ:مَنْ أَعطَى الأَمَانِيَ نَفْسَهُ قَطَعَتْهَا بِالتَّسويفِ وَبَالتَّوَانِي. وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:عُلومُ الدَّقَائِقِ عُلومُ الشَّيَاطينِ، وَأَسلمُ الطُّرقِ مِنَ الاغترَارِ لزومُ الشَّريعَةِ. تُوُفِّيَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.(16/322) (31/375) |