المَأْمُوْنِيُّ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ الحُسَيْنِ
 
شَاعِرُ زَمَانِهِ، الأَدِيبُ الأَوحدُ، أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ الحُسَيْنِ المَأْمُوْنِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّةِ المَأْمُوْنِ الخَلِيْفَةِ.
اسْتَوْفَى أَخبارَهُ ابْنُ النَّجَّارِ، فَقَالَ:بَديعُ النَّظْمِ، مَدَحَ المُلُوكَ وَالوزرَاءَ، وَامتدَحَ الصَّاحِبَ ابنَ عَبَّادٍ فَأَكْرَمَهُ، فَحَسَدَهُ نُدمَاءُ الصَّاحِبِ وَشُعرَاؤُهُ، فَرَمَوْهُ بِالبَاطِلِ، وَقَالُوا:إِنَّهُ دَعِيٌّ، وَقَالُوا فِيْهِ:نَاصِبِيٌّ، وَرَمَوْهُ بِأَنَّهُ هَجَا الصَّاحِبَ، فذَلِكَ يَقُوْلُ لِيُسَافِرَ:
يَا رَبْعُ لَوْ كُنْتُ دَمْعاً فيكَ مُنْسَكِباً *قَضَيْتُ نَحْبِي وَلَمْ أَقْضِ الَّذِي وَجَبَا
لاَ يُنْكِرَنْ رَبْعُكَ البَالِي بِلَى جَسَدِي *فَقَدْ شَرِبْتُ بِكَأْسِ الحُبِّ مَا شَرِبَا
عَهْدِي بِرَبْعِكَ للَّذَّاتِ مُرْتَبِعاً *فَقَدْ غَدَا لِغَوَادِي السُّحْبِ مُنْتَحَبَا
ذُوْ بَارِقٍ كَسُيُوْفِ الصَّاحِبِ انْتُضِيَتْ *وَوَابِلٍ كَعَطَايَاهُ إِذَا وَهَبَا
وَعُصْبَةٍ بَاتَ فِيْهَا القَيْظُ مُتَّقِداً *إِذ شِدْتَ لِي فَوْقَ أَعْنَاقِ العِدَا رُتَبَا
إِنِّيْ كيُوْسُفَ وَالأَسْبَاطُ هُمْ وَأَبُو الـ *أَسْبَاطِ أَنْتَ وَدَعْوَاهُمْ دَماً كَذِبَا
قَدْ يَنْبَحُ الكَلْبُ مَا لَمْ يَلْقَ لَيْثَ شَرَى *حَتَّى إِذَا مَا رَأَى لَيْثاً مَضَى هَرَبَا
قَالَ الثَّعَالِبِيُّ:فَفَارَقَ الرَّيَّ، وَقَدِمَ نَيْسَابُوْرَ، وَمَدَحَ صَاحِبَ الجَيْشِ، فَوَصَلَهُ، وَقَدِمَ بُخَارَى فَأُكْرِمَ بِهَا، عَاشَرْتُ مِنْهُ فَاضِلاً مِلءَ ثَوْبِهِ، وَكَانَ يَسْمُو بِهِمَّتِهِ إِلَى الخِلاَفَةِ، وَيُمَنِّي نَفْسَهُ فِي قَصْدِ بَغْدَادَ فِي جُيُوْشٍ تُنَظَّمُ إِلَيْهِ مِنْ خُرَاسَانَ، فَاقتطعتْهُ المنيَّةُ، وَمَرِضَ بِالاِسْتِسْقَاءِ، وَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.(16/503)
(32/96)