القَابِسِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ
 
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْه، العَلاَّمَةُ، عَالِمُ المَغْرِب، أَبُو الحَسَن عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَف المَعَافِرِيُّ، القَرَوِيُّ، القَابسِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِب(المُلَخَّصِ).
حج، وَسَمِعَ مِن:حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكتَّانِي الحَافِظ، وَأَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيّ، وَابنِ مسرورٍ الدّبَّاغ بِإِفْرِيْقِيَةَ، درَّاس بن إِسْمَاعِيْلَ، وَطَائِفَة.
وَكَانَ عَارِفاً بِالعِلل وَالرِّجَالِ، وَالفِقْهِ وَالأُصُوْلِ وَالكَلاَمِ، مُصَنِّفاً يَقِظاً دَيِّناً تَقِيّاً، وَكَانَ ضَرِيْراً، وَهُوَ مِنْ أَصحِّ العُلَمَاء كُتُباً، كتب لَهُ ثِقَاتُ أَصْحَابِهِ، وَضَبَطَ لَهُ بِمَكَّةَ(صَحِيْح)البُخَارِيِّ، وَحرّره وَأَتْقَنَهُ رفيقُه الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصِيلِي.(17/160)
قَالَ حَاتِمٌ الأَطْرَابُلُسِيّ:كَانَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسِي زَاهِداً وَرِعاً يَقِظاً، لَمْ أَرَ بِالقَيْرَوَان إِلاَّ مُعْتَرِفاً بِفَضْلِهِ، تَفَقَّهَ عَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ القَابِسِي، وَأَبُو القَاسِمِ الَّلبيدِي، وَعَتِيْقٌ السُّوسِي، وَغَيْرُهُم.
أَلّف توَالِيف بَدِيْعَة ككتَاب(الممهّد)فِي الفِقْه، وَكِتَاب(أَحكَام الدّيَانَات)، وَ(المُنْقِذ مِنْ شُبَه التَّأْوِيْل)، وَكِتَاب(المنبّه للفطن)، وَكِتَاب(ملخص المُوَطَّأ)، وَكِتَاب(المنَاسك)، وَكِتَاب(الاعْتِقَادَات)، وَغَيْر ذَلِكَ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
(33/154)

وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ بِمدينَة القَيْرَوَان، وَبَات عِنْد قَبْره خلقٌ مِنَ النَّاس وضُربت الأَخبيَةُ، وَرثَتْه الشُّعَرَاءُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَدْ أَخَذَ القِرَاءةَ عَرضاً بِمِصْرَ عَنْ أَبِي الفَتْح بنِ بُدْهُن، وَأَقرأَ النَّاسَ بِالقَيْرَوَان دَهْراً، ثُمَّ قطع الإِقْرَاءَ لمَّا بلغه أَن بَعْضَ أَصْحَابه أَقرأَ الوَالِي، ثُمَّ أَعمل نَفَسه فِي درس الفِقْه وَالحَدِيْث حَتَّى بَرَعَ فِيْهِمَا، وَصَارَ إِمَامَ العصرِ، أَثْنَى عَلَيْهِ بِأَكْثَر مِنْ هَذَا أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي، وَقَالَ:
كتبنَا عَنْهُ شَيْئاً كَثِيْراً، وَبَقِيَ فِي الرّحلَة خَمْسَ سِنِيْنَ، وَردّ سَنَة سبعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.(17/161)
قُلْتُ:وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ:أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سَعْد الأَنْصَارِيّ الفَقِيْهُ شَيْخُ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ الحَطَّاب الرَّازِيّ الإِسكندرَانِيّ.
وَقِيْلَ لَهُ:القَابسِيّ، لأَنْ عَمّه كَانَ يشدُّ عِمَامَته شِدَّةً قَابسيَّة، فَاشْتُهِرَ لِذَلِكَ بِالقَابسِيّ.
أَخْبَرَنَا قَاضِي دِمَشْق علمُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المِصْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَاهِي، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ حَسَن اللُّغَوِيّ، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عتَّاب، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ القَابسِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مسرور، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سُحْنُوْن بنُ سَعِيْد، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيْط، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَان، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
(33/155)

أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنْ نَسْتَمْتِعَ بجُلُود المَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ.(17/162)
وَمَاتَ مَعَ القَابسِي:ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ الأُصُوْلِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ فِرَاس المَكِّيّ - بِاخْتِلاَف فِيْهِ - ، وَأَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ الصَّرْصَرْيّ صَاحِبُ المَحَامِلِيّ، وَشَيْخُ الحَنَابِلَة أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَامِد الوَرَّاق وَاسمُه حسن، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو عَبْدِ اللهِ الحليمِي الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ البُخَارِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّوْذَبَارِيّ - رَاوِي(سُنَن أَبِي دَاوُدَ) - ، وَالحَافِظُ أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الفَرَضِيّ القُرْطُبِيّ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الخُوَارِزْمِيّ مُفْتِي العِرَاق، وَشَاعِرُ الأَنْدَلُس يُوْسُفُ بنُ هَارُوْنَ الرَّمَادِيّ، وَمَلِكُ التّركُ أَيلك خَان - وَكَانَ خَيِّراً عَادلاً دَيِّناً - ، فتملَّك بَعْدَهُ أَخُوْهُ طُغَان خَان.(17/163)
(33/156)