عَطِيَّةُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْدَلُسِيُّ
 
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الوَقْت، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْدَلُسِيُّ، القَفْصِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
سَمِعَ مِنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَاجِي، وَطَائِفَةٍ بِالأَنْدَلُسِ، وَقَاضِي أَذَنَة عَلِيّ بن الحُسَيْنِ بِمِصْرَ، وَزَاهِر بن أَحْمَدَ بسرخس، وَابْن فِرَاس بِمَكَّةَ، وَإِسْمَاعِيْل بن حَاجِب الكُشَانِي بِمَا وَرَاء النَّهر.
وَتلاَ بِالأَنْدَلُسِ عَلَى ابْنِ بشرٍ الأَنْطَاكِيّ، وَبِمِصْرَ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ السَّامَرِّيّ، وَكَتَبَ الكَثِيْر بِالشَّامِ وَالعِرَاق وَخُرَاسَان وَبُخَارَى.
ثُمَّ اسْتوطن نَيْسَابُوْر مُدَّةً عَلَى قَدِمَ التَّوَكُّل، وَرُزق القَبُولَ، وَكثُر أَتْبَاعُهُ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ أَصْحَابُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ.(17/413)
قَالَ الخَطِيْبُ:حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَهْدِيّ قَالَ:وَكَانَ زَاهِداً لاَ يَضَعُ جَنْبَهُ إِلَى الأَرْضِ، إِنَّمَا يَنَامُ مُحْتَبِياً.
حَدَّثَ بـ(صَحِيْح البُخَارِيِّ)بِمَكَّةَ، وَكَانَ عَارِفاً بِأَسْمَاءِ الرِّجَال، وَكَانَ يَحْضُرُ السَّمَاع.
وَذَكَرَهُ الدَّانِي فِي طَبَقَات المُقْرِئين، وَقَالَ:كَانَ ثِقَةً، كتب مَعَنَا بِمَكَّةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مَتّ البُخَارِيِّ، وَغَيْره.
قَالَ:وَبِمَكَّةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
(33/405)

وَقَالَ غَيْرُهُ:لَمَّا نزح عطيَّةُ إِلَى مَكَّةَ مِنْ بَغْدَادَ كَانَ قَدْ جمع كتباً حَمَلَهَا عَلَى بَخَاتِي كَثِيْرَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ ركوَةٌ وَوِطَاءٌ، وَكَذَلِكَ سَارَ إِلَى الحَجِّ، وَكَانَ كُلّ يَوْم يَعْزِمُ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الوفد، قَالَ منْ رَافقه:مَا رَأَيْتُهُ يَحْمِلُ زَاداً.(17/414)
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ بُنْدَار الشِّيْرَازِيُّ:لَقِيْتُهُ بِبَغْدَادَ وَصَحِبْتُهُ، وَكَانَ مِنَ الإِيثَار وَالسَّخَاء عَلَى أَمرٍ عَظِيْمٍ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى فوطَةٍ وَمُرَقَّعَةٍ، وَلَهُ كتبٌ تُحْمَلُ عَلَى جمَال، رَافقتُهُ وَخرجنَا جَمِيْعاً إِلَى اليَاسريَّة عَلَى التجريد، فَعَجِبْتُ مِنْ حَاله، فَلَمَّا بلغنَا المنزلَة، ذَهَبْنَا نَتَخَلَّلُ الرِّفَاقَ، فَإِذَا شَيْخٌ خُرَاسَانِي حَوْلَهُ حَشَم، فَقَالَ لَنَا انزلُوا:فَجَلَسْنَا، فَأَتَى بِسُفْرَة، فَأَكَلْنَا وَقُمْنَا، فَلَمْ نزل هَكَذَا، يتَّفقُ لَنَا كُلَّ يَوْم مَنْ يُطْعِمُنَا وَيَسْقِيْنَا إِلَى مَكَّةَ، وَمَا حَمَلْنَا مِنَ الزَّاد شَيْئاً، وَحَدَّثَ بِمَكَّةَ(بِالصَّحِيْح)، فَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرِّجَال وَأَحْوَالهم، فَيَتَعَجَّبُ مِنْ حَضَرَ، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَة ثَمَان أَوْ تِسْع وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ:لَهُ كِتَابٌ فِي تَجْوِيْزِ السَّمَاعِ، فَكَانَ كَثِيْرٌ مِنَ المَغَاربَة يتحَامَوْنه لِذَلِكَ، وَجَمَعَ طُرُقَ حَدِيْث المِغْفر فِي أَجزَاء عِدَّةٍ.
ثُمَّ قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ بنُ بِشْرَان النَّحْوِيُّ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بنُ سَعِيْد، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ عَلْقَمَة، حَدَّثَنَا بَهْز.
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.(17/415)
(33/406)