ابْنُ بَرْهَانَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ العُكْبَرِيُّ
 
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيِّ بنِ بَرْهَانَ العُكْبَرِيُّ.
سَمِعَ الكَثِيْر مِنْ:أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ بَطَّة، وَلَمْ يَروِ عَنْهُ.
وَذَكَرَهُ الخَطِيْب فِي(تَارِيْخِهِ)فَقَالَ:كَانَ مُضطلعاً بعلُوْم كَثِيْرَة مِنْهَا:النَّحْو، وَالأَنسَاب، وَاللُّغَة، وَأَيَّامُ العَرَب وَالمُتَقَدِّمِيْنَ، وَلَهُ أُنْسٌ شَدِيد بِعِلْم الحَدِيْث.(18/125)
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ:هُوَ مِنْ أَصْحَابِ ابْن بَطَّة.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ التَّمِيْمِيّ أَنْ أَصل ابْن بطَّة بـ(مُعْجَم)البَغَوِيّ وَقَعَ عِنْدَهُ، وَفِيْهِ سَمَاعُ ابْن بَرْهَان، وَأَنَّهُ قرَأَ عَلَيْهِ لولديه.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَاكُوْلا:ذهب بِمَوْته علمُ العَرَبِيَّة مِنْ بَغْدَادَ، وَكَانَ أَحَدَ مَنْ يَعرف الأَنسَاب، وَلَمْ أَرَ مِثْله، وَكَانَ حَنَفِيّاً، تَفَقَّهَ، وَأَخَذَ الكَلاَم، عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ البَصْرِيّ وَتَقدَّم فِيْهِ، وَصَارَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي الفِقْه.
وَكَانَ يَمْشِي فِي الأَسواقِ مكشوفَ الرَّأْس، وَلَمْ يَقبلْ مِنْ أَحَد شَيْئاً.
مَاتَ:فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَة سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِيْنَ.
وَكَانَ يَمِيْلُ إِلَى مَذْهَب مُرْجِئَة المُعْتَزِلَة، وَيَعتقد أَنَّ الكُفَّار لاَ يُخلَّدُوْنَ فِي النَّارِ.(18/126)
وذكره يَاقُوْت فِي(الأُدبَاء)فَقَالَ:نَقلْتُ مَنْ خط عَبْد الرَّحِيْمِ بن وَهْبَانَ قَالَ:
(35/109)

نَقلْتُ منْ خط أَبِي بَكْرٍ بنِ السَّمْعَانِيّ، سَمِعْتُ المُبَارَك بن الطُّيورِي، سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ بنَ بَرْهَان يَقُوْلُ:دَخَلتُ عَلَى الشَّرِيْف المُرْتَضَى فِي مَرَضِهِ وَقَدْ حوَّل وَجهه إِلَى الحَائِطِ وَهُوَ يَقُوْلُ:أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَليَا فَعدلا، وَاسْتُرحمَا فَرحِمَا، أَفَأَنَا أَقُوْل:ارْتدَا بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَا؟
قَالَ:فَقُمنَا وَخَرَجتُ، فَمَا بلغت عتبَةَ البَاب حَتَّى سَمِعْتُ الزَّعقَةَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ:حُجَّتُه فِي خُرُوْج الكُفَّارِ هُوَ مفهوم العدد مِنْ قَوْله:{لاَبِثِيْنَ فِيْهَا أَحْقَابَا}[النّبأَ:23]وَلاَ يَنفعُه ذَلِكَ لِعُموم قَوْله:{وَمَا هُمْ بِخَارِجين مِنَ النَّارِ}[البَقَرَة:167]وَلقوله:{خَالِدّينَ فِيْهَا أَبَداً}[النِّسَاء:169]إِلَى غَيْر ذَلِكَ، وَفِي المَسْأَلَةِ بَحْثٌ عِنْدِي أَفْرَدْتُهَا فِي جزء.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ:شَمْس الأُمَّة الحَلوَائِي، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الوَلِيْدِ الدَّرَبَنْدِي، وَقَاضِي الأَنْدَلُس أَبُو القَاسِمِ سرَاجُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالحَافِظُ عَبْدُ العَزِيْزِ النَّخْشَبِيّ، وَأَبُو شَاكِر القَبْرِي ثُمَّ القُرْطُبِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ الفَقِيْهُ، وَالملك شِهَابُ الدَّوْلَة قُتُلْمِش بن إِسْرَائِيْل بن سَلْجُوْق صَاحِبُ الرُّوْم؛هُوَ جدُّ مُلُوْك الرُّوْم، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّرْسِيّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ الخَشَّاب، وَالوَزِيْر عَمِيْدُ الملك أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الكُنْدُرِي؛وَزِيْر طُغْرُلْبَك.(18/127)
(35/110)