ابْنُ المُهْتَدِي بِاللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ
 
الإِمَامُ، العَالِمُ، الخَطِيْبُ، المُحَدِّثُ الحُجَّةُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ المُهْتَدِي بِاللهِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مُحَمَّدِ ابْنِ الوَاثِقِ هَارُوْنَ بنِ المُعْتَصِمِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ الغَرِيْقِ سَيِّدُ بَنِي هَاشِمٍ فِي عَصْرِهِ.
وُلِدَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَعُمَر بنَ شَاهِيْن - فَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُمَا - ، وَعَلِيَّ بنَ عُمَرَ السُّكَّرِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ بنِ دُوسْت، وَأَبَا الفَتْح يُوْسُفَ القواس، وَأَبَا القَاسِمِ بن حَبَابَةَ، وَأَبَا الطيب عُثْمَانَ بنَ مُنتَاب، وَأَبَا حَفْصٍ الكَتَّانِي، وَالمُخَلِّص، وَعِيْسَى بن الوَزِيْر، وإِدْرِيْسَ بن عَلِيٍّ، وَعَلِيَّ بنَ عُمَرَ المَالِكِيّ القَصَّار، وَعِدَّة.
وَ(مشيختُه)فِي جُزئِين مرويَة.(18/242)
حَدَّثَ عَنْهُ:الخَطِيْبُ، وَالحُمَيْدِيُّ، وَشُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَرْخَان التُّرْكِي، وَالمُفْتِي يُوْسُفُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِي، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَارقِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عبد البَاقِي الفَرَضِي، وَيُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الهَمَذَانِيّ، وَالقَاضِي أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّاز، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
(35/220)

قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً نبيلاً، وَلِيَ القَضَاءَ بِمدينَة المَنْصُوْر، وَهُوَ مِمَّنْ شَاع أَمرُه بِالعِبَادَة وَالصَّلاَح، حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ:رَاهِبُ بَنِي هَاشِمٍ، كَتَبْتُ عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:حَاز أَبُو الحُسَيْنِ قَصَب السَّبقَ فِي كُلِّ فَضِيْلَة، عقلاً وَعلماً وَديناً، وَحَزْماً وَوَرِعاً وَرَأْياً، وُقف عَلَيْهِ عُلو الرِّوَايَة، وَرَحَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ مِنَ البِلاَد، ثَقُلَ سَمعُهُ بِأَخَرَة، فَكَانَ يَتولَّى القِرَاءة بِنَفْسِهِ مَعَ عُلُوِّ سِنِّه، وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، نبيلاً، مُكْثِراً.
وَقَالَ أُبَيٌّ النَّرْسِيّ:كَانَ ثِقَةً يَقرَأُ لِلنَّاسِ، وَكَانَتْ إِحْدَى عينِيه ذَاهبَة.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ:كَانَ صَائِم الدَّهْر زَاهِداً، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن دُوْست، وَهُوَ ضَابط متحرٍّ، أَكْثَر سَمَاعَاتِهِ بخطه، مَا اجْتَمَع فِي أَحَدٍ مَا اجْتَمَع فِيْهِ، قضَى سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَخَطَبَ ستاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً لَمْ تُعرف لَهُ زَلَّة، وَكَانَتْ تِلاَوَتُهُ أَحْسَن شَيْء.(18/243)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الخَاضبَة:رَأَيْتُ كَأنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامت، وَكَانَ مَنْ يَقُوْلُ:أَيْنَ ابْن الخَاضبَة؟فَقِيْلَ لِي:ادْخُلِ الجَنَّة، فَلَمَّا دَخَلتُ اسْتلقيتُ عَلَى قفَاي، وَوضعت إِحْدَى رِجْلَيَّ عَلَى الأُخْرَى، وَقُلْتُ:آهُ!اسْترحتُ وَاللهِ مِنَ النسخ.
فَرفعتُ رَأْسِي، فَإِذَا بِبَغْلَة مُسرَجَة مُلْجَمَة فِي يَد غُلاَم، فَقُلْتُ:لِمَنْ هَذِهِ؟
فَقَالَ:لِلشَرِيْف أَبِي الحُسَيْنِ بنِ الغرِيق.
فَلَمَّا كَانَ فِي صَبِيْحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَة نُعِيَ إِلَيْنَا أَبُو الحُسَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
(35/221)

وَقَالَ الزَّاهِدُ يُوْسُفُ الهَمَذَانِيّ:انْطرش أَبُو الحُسَيْنِ، فَكَانَ يَقرَأُ عَلَيْنَا، وَكَانَ دَائِمَ العِبَادَة، قرَأَ عَلَيْنَا حَدِيْث المَلَكَيْنِ، فَبَكَى بُكَاء عَظِيْماً، وَأَبَكَى الحَاضِرِيْنَ.
قَالَ ابْنُ خَيْرُوْنَ:مَاتَ فِي أَوّلِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَفِيْهَا مَاتَ:السُّلْطَانُ عَضدُ الدَّوْلَة أَبُو شُجَاعٍ آرسلاَن بن جَغْرِيبَك، وَاسم جَغْرِيبَك:دَاوُد بن مِيكَال بن سَلْجُوْق بن تُقَاق بن سَلْجُوْق التركِيّ الملك العَادل، وَجدُّهم تُقَاق تَفْسِيْره:قوس حديد، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِن التُّرك مِنَ السَّلْجُوْقيَّة، لَهُ ممَالِكُ وَاسِعَة، وَموَاقفُ مَشْهُوْدَة، وَتَرْجَمَتُهُ فِي(تَارِيخ الإِسْلاَم).(18/244)
وَفِيْهَا مَاتَ:المَلكُ ملكُ الأُمَرَاء نَاصِر الدَّوْلَة حُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ حُسَيْن ابْن صَاحِب المَوْصِل نَاصِر الدَّوْلَة بن حَمْدَان؛أَحَدُ الأَبْطَال، جرت لَهُ حُرُوْبٌ وَعَجَائِب، وَأَظهر بِمِصْرَ السُّنَّة، وَكَانَ عَمَّالاً عَلَى إِقَامَة الدَّوْلَة لِبَنِي العَبَّاسِ، وَقَهْرِ العُبَيْدِيَّة، وَتَهَيَّأَت لَهُ الأَسبَابُ، وَترك المُسْتنصر عَلَى بَرْد الدِّيَار، وَأَبَاد الكِبَار، إِلَى أَنْ وَثَبَ عَلَيْهِ أَترَاكٌ، فَقتلُوْهُ، وَقَدْ وَلِي نِيَابَة دِمَشْق مرَّة، وَأَبُوْهُ سَيْف الدَّوْلَة.
(35/222)