أَبُو الفَرَجِ الحَنْبَلِيُّ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
 
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الوَاحِدِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ بن أَحْمَدَ الأَنْصَارِيّ، الشِّيرَازِيُّ الأَصْلِ، الحَرَّانِيُّ المَوْلِدِ، الدِّمَشْقِيُّ المَقَرِّ، الفَقِيْهُ الحَنْبَلِيّ الوَاعِظ، وَكَانَ يُعرَفُ فِي العِرَاق بِالمَقْدِسِيّ، مِنْ كِبَارِ أَئِمَّة الإِسْلاَم.
سَمِعَ مِنْ:أَبِي الحَسَنِ بنِ السِّمْسَار، وَشيخ الإِسْلاَم أَبِي عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بن الفَضْلِ الكَلاعِيّ، وَطَائِفَة بِدِمَشْقَ بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَلاَزم القَاضِي أَبَا يَعْلَى بن الفَرَّاءِ، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَدرَّس وَوَعظ، وَبثَّ مَذْهَب أَحْمَد بِأَعْمَال بَيْتِ المَقْدِسِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَرَّاءِ فِي(طَبَقَات الحنَابلَة):صَحِبَ وَالِدي مِنْ سَنَةِ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَتردَّد إِلَيْهِ سِنِيْنَ عديدَة، وَنَسَخَ وَاسْتَنْسَخ مُصَنَّفَاته، وَسَافَرَ إِلَى الرَّحْبَةِ وَالشَّام، وَحصل لَهُ الأَتْبَاع وَالغِلمَان.
قَالَ:وَكَانَتْ لَهُ كرَامَاتٌ ظَاهِرَة، وَوقعَاتٌ مَعَ الأَشَاعِرَة، وَظهرَ عَلَيْهِم بِالحُجَّة فِي مَجْلِس السَّلاَطين بِالشَّامِ.(19/53)
(37/48)

قَالَ:وَيُقَالُ:إِنَّهُ اجْتَمَع بِالخَضِرِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَرَّتين، وَكَانَ يَتَكَلَّم فِي عِدَّةِ أَوقَات عَلَى الخوَاطر، كَمَا كَانَ يَتَكَلَّم بِبَغْدَادَ أَبُو الحَسَنِ بنُ القَزْوِيْنِيّ الزَّاهِد، وَكَانَ الملك تُتُشُ يُعظِّمه، لأَنَّه تَمَّ لَهُ مُكَاشفَةٌ مَعَهُ...إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ نَاصراً لاعتقَادنَا، مُتَجَرِّداً فِي نَشره، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الفِقْه وَالوَعْظ وَالأُصُوْل.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة بَاب الصَّغِيْر، وَقَبرُهُ مَشْهُوْر يُزَار، وَيُدعَى عِنْدَهُ.
وَهُوَ وَالِدُ الإِمَام الرَّئِيْس شرف الإِسْلاَم عَبْد الوَهَّابِ بن أَبِي الفَرَجِ الحَنْبَلِيّ الدِّمَشْقِيّ، وَاقف المدرسَة الحَنْبَليَة الَّتِي وَرَاء جَامِع دِمَشْق بِحِذَاء الرَّوَاحِيَة، وَكَانَ صَدراً مُعَظَّماً يُرسَل عَنْ صَاحِب دِمَشْق إِلَى الخِلاَفَة، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.(19/54)
(37/49)