أَمِيْرُ الجُيُوْش بَدْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَرمَنِيُّ الجَمَالِيُّ
 
الأَمِيْرُ، الوَزِيْر الأَرمَنِيُّ، الجَمَالِي، اشترَاهُ جَمَالُ المُلك بن عَمَّارٍ الطَّرَابُلُسِي، وَربَّاهُ، فَترقَّت بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى المُلك.
وَلِي نِيَابَة دِمَشْق لِلمُسْتَنْصِر فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَبقِي ثَلاَثَ سِنِيْنَ، ثُمَّ هَاجَ أَحَدَاثُ دِمَشْق وَشُطَّارهَا، وَكَانَتْ لَهُم صُوْرَةٌ كَبِيْرَة، وَإِلَيهِم أَسوَارُ البلد، فَتسحَّب مِنْهَا فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ، وَأُخْرِبَ قَصْرُه الَّذِي كَانَ يَسكنُهُ خَارِجَ بَاب الجَابِيَة، ثُمَّ مَضَى إِلَى مِصْرَ.
وَقِيْلَ:بَلْ رَكب البَحْرَ مِنْ صُوْر إِلَى دِمْيَاط لَمَّا عَلِمَ بِاضْطِرَاب أُمُوْرِ مِصْر، وَشِدَّةِ قَحْطِهَا، فَهجَمهَا بَغْتَةً، وَسُرَّ بِمَقْدَمِهِ المُسْتَنْصِر الإِسْمَاعِيْلِي، وَزَال القُطوع عَنْهُ، وَالذُّلُّ الَّذِي قَاسَاهُ مِنِ ابْنِ حَمْدَان وَغَيْرهِ.
فَلِوقْته قتل عِدَّة أُمَرَاء كِبَارٍ فِي اللَّيْلِ، وَجَلَسَ عَلَى تَخت الوِلاَيَة، وَقرَأَ القَارِئُ:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ}[آلُ عِمْرَانَ:123]، وَرُدَّت أَزِمَّة الأُمُوْر إِلَيْهِ، فَجَهَّزَ جَيْشاً إِلَى دِمَشْقَ، فَلَمْ يَظفَرُوا بِهَا، كَانَ قَدْ تَمَلَّكهَا تَاجُ الدَّوْلَة تُتُشُ أَخُو السُّلْطَان مَلِكْشَاه.
وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّة جَامِعَ العَطَّارِيْنَ، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً مَهِيْباً، مِنْ رِجَالِ العَالم.(19/83)
مَاتَ:بِمِصْرَ، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُه المُلَقَّب أَيْضاً بِأَمِيْرِ الجُيُوْش.
وَقِيْلَ:عَاشَ بَدْرٌ نَحْواً مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً - وَاللهِ يُسَامحه - .
قَصَدَهُ عَلْقَمَةُ العُلَيْمِيُّ الشَّاعِرُ، فَعَجِزَ عَنِ الدّخول إِلَيْهِ، فَوَقَفَ عَلَى طرِيقه، وَفِي رَأْسه رِيشُ نَعَام، ثُمَّ أَنشده أَبيَاتاً وَقعت مِنْهُ بِموقعٍ، وَوَقَفَ لَهُ، ثُمَّ أَمر الحَاشيَة أَنْ يَخلعُوا عَلَيْهِ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَشْرَةِ آلاَف، فَذَهَبَ بِخِلَعٍ كَثِيْرَةٍ إِلَى الغَايَة، وَهب مِنْهَا لِجَمَاعَة مِنَ الشُّعَرَاء.
وَخلَّف بَدْرٌ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً.(19/84)
(37/76)