صَاحِب الغَرْب أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ تَاشفِيْنَ
 
أَمِيْرُ المُسْلِمِين، السُّلْطَان، أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ تَاشفِيْن اللَّمتونِي، البَرْبَرِي، المُلَثَّم، وَيُعْرَفُ أَيْضاً بِأَمِيْر المرَابطين، وَهُوَ الَّذِي بَنَى مَرَّاكُش، وَصَيَّرَهَا دَارَ ملكه.
وَأَوّل ظُهُوْر هَؤُلاَءِ المُلَثَّمِين مَعَ أَبِي بَكْرٍ بنِ عُمَرَ اللَّمتونِي، فَاسْتولَى عَلَى البِلاَد مِنْ تِلِمسَان إِلَى طرف الدُّنْيَا الغربِي، وَاسْتنَاب ابْنَ تَاشفِيْن، فَطَلَعَ بَطَلاً شُجَاعاً شَهْماً عَادِلاً مَهِيْباً، فَاختَطَّ مَرَّاكُش فِي سَنَةِ(465)، اشْتَرَى أَرْضهَا بِمَاله الَّذِي خَرَجَ بِهِ مِنْ صحرَاء السُّودَان، وَلَهُ جبلُ الثَّلج، وَكثرت جيوشُه، وَخَافته المُلُوْكُ، وَكَانَ بَربرِيّاً قُحّاً، وَثَارَتِ الفِرَنْجُ بِالأَنْدَلُسِ، فَعَبَرَ ابْنُ تَاشفِيْن يُنْجِدُ الإِسْلاَمَ، فَطحن العَدُوَّ، ثُمَّ أَعْجَبته الأَنْدَلُسُ، فَاسْتولَى عَلَيْهَا، وَأَخَذَ ابْنَ عَبَّادٍ وَسَجَنَهُ، وَأَسَاءَ العِشْرَةَ.(19/253)
وَقِيْلَ:كَانَ ابْنُ تَاشفِيْن كَثِيْرَ العفو، مُقَرّباً لِلْعُلَمَاءِ، وَكَانَ أَسْمَرَ نَحِيْفاً، خفِيفَ اللِّحْيَة، دقيقَ الصَّوْت، سَائِساً، حَازِماً، يَخطُبُ لِخَلِيْفَة العِرَاق، وَفِيْهِ بُخْلُ البَرْبَرِ، تَمَلَّكَ بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ وَجَيْشُهُ مُلاَزِمُوْنَ لِلِّثَامِ الضَّيِّقِ، وَفِيْهِم شَجَاعَة وَعُتُوٌّ وَعَسْفٌ، جَاءته الخِلَعُ مِنَ المُسْتَظْهِرِ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ وَلدُهُ عليّ.
مَاتَ:فِي أَوّل سَنَةِ خَمْس مائَة، وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَتَمَلَّكَ مَدَائِنَ كِباراً بِالأَنْدَلُسِ، وَبَالعُدوَة، وَلَوْ سَارَ، لَتَمَلَّك مِصْرَ وَالشَّام.(19/254)
(37/235)