السُّلْطَانُ مُحَمَّدُ بنُ مَلِكْشَاه بنِ أَلب أَرْسَلاَن التُّركِيُّ
 
صَاحِبُ العِرَاق، الملك، غِيَاثُ الدّين، أَبُو شُجَاعٍ مُحَمَّدُ ابنُ السُّلْطَان مَلِكْشَاه بنِ أَلب أَرْسَلاَن التُّركِي، السَّلْجُوْقِي.
لَمَّا مَاتَ أَبُوْهُ فِي سَنَةِ(485)، اقتسمُوا الأَقَالِيمَ، فَكَانَ بَرْكْيَارُوْق هُوَ المُشَارَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمَ أَخوَاهُ مُحَمَّد وَسَنجر، فَجَلَسَ لَهُمَا المُسْتَظْهِرُ بِاللهِ، وَسَلَطَنَ مُحَمَّداً، وَأُلبس سَبْعَ خِلَع، وَتَاجاً، وَطوقاً، وَسوَارِيْنَ، وَعَقَدَ لَهُ لوَاءَ السّلطنَة بِيَدِهِ، وَقلَّده سَيْفَيْنِ، ثُمَّ خلع عَلَى سَنجر قَرِيْباً مِنْهُ، وَقَطَعَ خُطبَةَ أَخِيْهِمَا بَرْكْيَارُوْق فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، فَتحرَّك بَرْكْيَارُوْقُ، وَحَشَدَ وَجَمَعَ، وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّد خَمْسُ مَصَافَّات، ثُمَّ عَظُمَ شَأْنُ مُحَمَّد، وَتَفَرَّد بِالسلطنَة، وَدَانت لَهُ البِلاَدُ، وَكَانَ أَخُوْهُ يَخطُبُ لَهُ بِخُرَاسَانَ، وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ فَحلَ آل سَلْجُوق، وَلَهُ بِرٌّ فِي الجُمْلَةِ، وَحُسْنُ سيرَة مشوبَة، فَمِنْ عدلِه أَنَّهُ أَبطل بِبَغْدَادَ المَكْسَ وَالضَّرَائِب، وَمَنَع مِنِ اسْتِخْدَام يَهُوْدي أَوْ نَصْرَانِي، وَكسَا فِي نَهَارٍ أَرْبَعَ مائَة فَقير، وَكَانَ قَدْ كَفَّ مَمَاليكَه عَنِ الظُّلْمِ، وَدَخَلَ يَوْماً إِلَى قُبَّةِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَأَغلقَ عَلَى نَفْسِهِ يُصَلِّي وَيَدعُو.(19/507)
وَقِيْلَ:إِنَّهُ خَلَّف مِنَ الذَّهَبِ العِينِ أَحَدَ عَشَرَ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ:صَاحِبُ قُسْطَنْطِيْنِيَّة، وَصَاحِبُ القُدْس بغدوين - لعنهُمَا الله - .
وَقَدْ حَارب الإِسْمَاعِيْليَّة، وَأَبَادَ مِنْهُم، وَأَخَذَ مِنْهُم قَلْعَة أَصْبَهَان، وَقَتَلَ ابْنَ غطَّاش مَلِكَهُم، ثُمَّ تَعلل مُدَّة، وَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة، بِأَصْبَهَانَ، وَدُفِنَ بِمدرسَة كَبِيْرَةٍ لَهُ، وَخَلَّفَ أَمْوَالاً لاَ تُحصَى، وَقَدْ تَزَوَّجَ المقتفِي بِابْنتِه فَاطِمَة، وَعَاشَ ثَمَانِياً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَتسلطن بَعْدَهُ ابْنُهُ مَحْمُوْد.(19/508)
(37/469)