شَمْسُ المُلُوْك إِسْمَاعِيْلُ بنُ بُورِي بنِ طُغْتِكِين التُّركِيُّ
 
صَاحِبُ دِمَشْق، شَمْسُ المُلُوْكِ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ بُورِي ابن الأَتَابَك طُغْتِكِين التُّركِي.
تَملَّك بَعْدَ أَبِيْهِ فِي رَجَب، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً، شَهْماً مِقْدَاماً كآبَائِهِ، لَكنَّه جَبَّارٌ عَسُوْف.
استنقذَ بَانِيَاس مِنَ الفِرَنْج فِي يَوْمَيْن، وَكَانَتِ الإِسْمَاعِيْليَّةُ بَاعوهَا لَهُم مِنْ سَبْع سِنِيْنَ، وَسَعَّرَ بلادَهم، وَأَوطَأَهُم ذُلاًّ، ثُمَّ سَارَ، فَحَاصَر أَخَاهُ بِبَعْلَبَكَّ، وَنَازل حَمَاة، وَهِيَ لِلأَتَابك زنكِي، وَأَخَذَهَا لَمَّا سَمِعَ بِأَنَّ المُسْترشد يُحَاصِرُ المَوْصِل، وَصَادَرَ الأَغنِيَاءَ وَالدَّوَاوِيْن، وَظَلَمَ وَعتَا، ثُمَّ بدَا لَهُ، فَكَاتَبَ الأَتَابَك زنكِي لِيسلم إِلَيْهِ دِمَشْق، فَخَافته أُمُّه زُمُرُّد وَالأُمَرَاء، فَهيَّأَت أُمُّهُ مَنْ قَتَلَهُ، لأَنَّه تَهدَّدهَا لَمَّا نصحته بِالقتل، وَكَانَتِ الفِرَنْجُ تخَافُه لمَا هزمهُم، وَبَيَّتهُم، وَشنَّ الغَارَة عَلَى بلادِهِم، وَعثَّرهُم، وَكَانَ قَدْ تسودَن وَتَخيَّل مِنْ أُمَرَائِهِ، وَأَخَذَ يُحَوِّل أَمْوَاله إِلَى قَلْعَة صَرْخَدَ.(19/576)
قَالَ ابْنُ القلاَنسِي:بَالغ فِي الظُّلْمِ، وَصَادر وَعذَّب، وَلَمَّا علم بِأَنَّ زنكِي عَلَى قصدِ دِمَشْق، بَعَثَ يَسْتَحِثُّه ليُعْطِيَه إِيَّاهَا لِهذيَانٍ تَخَيَّلَهُ، وَيَقُوْلُ:إِنْ لَمْ تجِئ، سلَّمتُهَا إِلَى الفِرَنْج، كتب هَذَا بِيَدِهِ، فَأَشفق النَّاسُ، فَحَمَلَ صفوَةَ المُلْكِ دِينُهَا عَلَى حسمِ الدَّاءِ، فَأَهْلكته، وَكَثُرَ الدُّعَاءُ لَهَا.
قُتِلَ:فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَتَملَّكَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ مَحْمُوْد، ثُمَّ تَزَوَّجت أُمّه بصَاحِب حلب زنكِي.(19/577)
(38/36)