حَمَّادُ بنُ مُسْلِمِ بنِ ددُّوْهُ
 
الشَّيْخُ القدم، علمُ السَّالكين، أَبُو عَبْدِ اللهِ الدباس، الرَّحَبِيّ؛رَحْبَةُ مَالِك بن طَوْق.
نشَأَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ يَجلسُ فِي غُرفَة كَاركه الدّبس، وَكَانَ مِنْ أَوليَاء الله أُولِي الكرَامَاتِ، انتفع بصُحبَتِه خلقٌ، وَكَانَ يَتَكَلَّم عَلَى الأَحْوَال، كَتَبُوا مِنْ كلاَمه نَحْواً مِنْ مائَة جزء، وَكَانَ قَلِيْلَ العِلْم أُمِّيّاً.
فعنه قَالَ:مَاتَ أَبوَاي فِي نَهَارٍ وَلِي ثَلاَث سِنِيْنَ.(19/595)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الجيلِي:سَمِعَ مِنْ أَبِي الفَضْلِ بنِ خَيْرُوْنَ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى آفَاتِ الأَعْمَال، وَالإِخلاَصِ، وَالوَرَعِ، قَدْ جَاهدَ نَفْسَه بِأَنْوَاعِ المُجَاهِدَاتِ، وَزَاوَلَ أَكْثَرَ المِهَنِ وَالصَّنَائِع فِي طَلَبِ الحَلاَل، وَكَانَ مكَاشفاً.
فعنه قَالَ:إِذَا أَحَبَّ اللهُ عبداً، أَكْثَر هَمَّهُ فِيمَا فَرَّط، وَإِذَا أَبغض عَبداً، أَكْثَرَ هَمَّه فِيمَا قَسَمَه لَهُ.
وَقَالَ:العِلْمُ مَحَجَّةٌ، فَإِذَا طلبتَهُ لِغَير الله، صَارَ حُجَّة.
وَقِيْلَ:كَانَ يَقْبَلُ النَّذر، ثُمَّ تركه، لِقَوْل النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(إِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ مِنَ البَخِيْلِ)، ثُمَّ صَارَ يَأْكُلُ بِالمَنَام.
قَالَ المُبَارَكُ بن كَامِلٍ:مَاتَ العَارِفُ الوَرِعُ النَّاطق بِالحِكْمَة حَمَّاد فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، لَمْ أَرَ مِثْلَهُ، كَانَ بِزِيِّ الأَغنِيَاء، وَتَارَةً بزِيِّ الفُقَرَاء.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:كَانَ يَتصَوَّفُ، وَيَدَّعِي المَعْرِفَة وَالمكَاشفَة، وَعُلُوْمَ البَاطِن، وَكَانَ عَارِياً عَنْ علمِ الشَّرع، وَنَفَقَ عَلَى الجهَال، كَانَ ابْنُ عَقِيْلٍ يُنَفِّرُ النَّاسَ عَنْهُ، وَبَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُعطِي المَحمُومَ لَوْزَةً وَزبِيْبَة ليبرَأَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ:إِنْ عُدْتَ لِهَذَا ضربتُ عُنُقَك، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ.
قُلْتُ:نَقم ابْنُ الأَثِيْرِ وَسِبْطُ ابْن الجَوْزِيّ هَذَا، وَعظَّمَا حمَاداً - رَحِمَهُ اللهُ - وَكَانَ الشَّيْخ عَبْد القَادِرِ مِنْ تَلاَمِذَته.(19/596)
(38/53)