ابْنُ طِرَادٍ عَلِيُّ بنُ طِرَادِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ
 
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ ابنُ النَّقيبِ الكَامِلِ أَبِي الفَوَارِسِ طِرَادِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، الزَّيْنَبِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مرَّ أَبُوْهُ وَأَعمَامُهُ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَعَمَّيْهِ؛ أَبِي نَصْرٍ وَأَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ البُسْرِيِّ، وَرِزقِ اللهِ التَّمِيْمِيِّ، وَابْنِ طَلْحَةَ النِّعَالِيِّ، وَنظَامِ المُلْكِ، وَعِدَّةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ.
رَوَى الكَثِيْرَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ سُكَيْنَةَ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَصِيَّةَ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ يَصلحُ لإِمرَةِ المُؤْمِنِيْنَ، وَلِي أَوَّلاً نَقَابَةَ العَبَّاسِيِّيْنَ بَعْدَ وَالِدِهِ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ، إِلَى أَنْ وَزَرَ لِلمُسْترشِدِ سَنَةَ 523، فَقَلَّدَ أَخَاهُ أَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ طِرَادٍ النَّقَابَةَ.
(39/143)

ثُمَّ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ قُبِضَ عَلَى الوَزِيْرِ عَلِيٍّ، وَحُبِسَ وَاحتِيْطَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَنَائِبِهِ، وَأَقَامُوا فِي نِيَابَةِ الوزَارَةِ مُحَمَّدَ بنَ الأَنْبَارِيِّ، ثُمَّ أُطْلِقَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقُرِّرَ عَلَيْهِ مَالٌ يَزِنُهُ، وَوَزَرَ أَنُوشروَانُ قَلِيْلاً، ثُمَّ أُعِيْدَ ابْنُ طِرَادٍ إِلَى الوزَارَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَزِيْدَ فِي تَفخِيمِهِ.
ثُمَّ سَارَ فِي خِدمَةِ المُسْترشِدِ لِحَرْبِ مَسْعُوْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه، فَلَمَّا قُتِلَ المُسْترشدُ قَبضُوا عَلَى الوَزِيْرِ.
ثُمَّ تَوجَّهَ مَسْعُوْدٌ بجَيْشِهِ إِلَى بَغْدَادَ وَمَعَهُ الوَزِيْرُ أَبُو القَاسِمِ، فَوَصَلَ الوَزِيْرُ سَالِماً، وَقَدْ هَرَبَ الرَّاشدُ بِاللهِ وَلَدُ المُسْترشدِ إِلَى المَوْصِلِ، فَدبَّرَ الوَزِيْرُ فِي خلعِهِ، وَبَايعَ المُقْتَفِي، فَاسْتوزَرَهُ، وَعظم مُلكُه، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى الوزَارَةِ إِلَى أَنْ هَرَبَ إِلَى دَارِ السُّلْطَانِ مُسْتجيراً بِهَا لأَمرٍ خَافَهُ، وَنَاب فِي الوزَارَةِ قَاضِي القُضَاةِ الزَّيْنَبِيُّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
ثُمَّ اسْتوزَرَ المُقْتَفِي ابْنَ جَهِيرٍ، ثُمَّ قَدِمَ السُّلْطَانُ مَسْعُوْدٌ بَغْدَادَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَزِمَ ابْنُ طِرَادٍ بَيْتَهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ. (20/151)
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ عَلِيُّ بنُ طِرَادٍ صدراً، مَهِيْباً، وَقُوْراً، دقيقَ النَّظَرِ، حَادَّ الفرَاسَةِ، عَارِفاً بِالأُمُوْرِ السَّنِيَّةِ العِظَامِ، شُجَاعاً، جَرِيئاً، خلعَ الرَّاشدَ، وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى خَلعِهِ وَمُبَايعَةِ المُقْتَفِي فِي يَوْمٍ.
ثُمَّ إِنَّ المُقْتَفِي تَغَيَّرَ رَأْيُهُ فِيْهِ، وَهَمَّ بِالقبضِ عَلَيْهِ، فَالتَجَأَ إِلَى دَارِ السُّلْطَانِ.
فَلَمَّا قَدِمَ السُّلْطَانُ، أَمرَ بِحملِهِ إِلَى دَارِهِ مُكَرَّماً، فَاشْتَغَلَ بِالعِبَادَةِ، وَكَانَ كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ وَالصَّلاَةِ، دَائِمَ البِشْرِ، لَهُ إِدرَارٌ عَلَى القُرَّاءِ وَالزُّهَّادِ.
قَرَأْتُ عَلَيْهِ الكَثِيْرَ، وَكَانَ يُكرمنِي غَايَةَ الإِكرَامِ، وَأَوّلُ مَا دَخَلتُ عَلَيْهِ فِي وَزَارتِهِ قَالَ: مَرْحَباً بصنعَةٍ لاَ تَنفُقُ إِلاَّ عِنْدَ المَوْتِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الجِيْلِيُّ: مَاتَ الوَزِيْرُ شرفُ الدّينِ عَلِيُّ بنُ طِرَادٍ فِي مُسْتهلِّ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَشَيَّعَهُ وَزِيْرُ الوَقْتِ أَبُو نَصْرٍ بنُ جَهِيْرٍ وَخَلاَئِقُ -رَحِمَهُ اللهُ-. (20/152)
(39/144)