عَبْدُ المُغِيْثِ بنُ زُهَيْرِ بنِ زُهَيْرِ بنِ عَلَوِيٍّ الحَرْبِيُّ
 
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، الصَّالِحُ، المُتَّبَعُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ، أَبُو العِزِّ بنُ أَبِي حَرْبٍ البَغْدَادِيُّ، الحَرْبِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْس مائَة.
وَعُنِي بِالآثَار، وَقرَأَ الكُتُب، وَنسخ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، مَعَ الوَرَع، وَالِدّين، وَالصِّدْق، وَالتمسك بِالسُّنَن، وَالوقع فِي النُّفُوْس، وَالجَلاَلَة.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بن الحُصَيْنِ، وَأَبَا العِزِّ بن كَادِشٍ، وَهِبَة اللهِ بن الطَّبرِ، وَأَبَا غَالِب ابْن البَنَّاء، وَقَاضِي المَارستَان، وَعدداً كَثِيْراً.
وَرَوَى الكَثِيْر، وَأَفَاد الطلبَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخ المُوَفَّق، وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَحَمْد بن صُدَيْقٍ، وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ، وَالحَافِظ مُحَمَّد ابْن الدُّبَيْثِيّ، وَطَائِفَة.
وَقَدْ أَلّفَ (جُزْءاً) فِي فَضَائِل يَزِيْد، أَتَى فِيْهِ بعَجَائِب وَأَوَابد، لَوْ لَمْ يُؤَلّفه لَكَانَ خَيراً، وَعَمِلَهُ ردّاً عَلَى ابْنِ الجَوْزِيّ، وَوَقَعَ بَيْنهُمَا عدَاوَة.
وَلعَبْد المُغِيْثِ غلطَات تَدُلُّ عَلَى قلّة عِلْمه: قَالَ مرَّةً: مُسْلِم بن يَسَارٍ صَحَابِيّ، وَصحّح حَدِيْثَ الاستلقَاء، وَهُوَ مُنْكَر، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِذَا رددنَاهُ، كَانَ فِيْهِ إِزرَاء عَلَى مَنْ رَوَاهُ! (21/161)
وَقَدْ حفرَ لَهُ قَبْراً بِقُرْبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ دِمَشْقَ تَاجراً بِمَالٍ لِسَعْدِ الخَيْرِ، فَحَدَّثَ بِهَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي (تَارِيْخِهِ).
حكَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ شَيْخُنَا، قَالَ: قِيْلَ: إِنَّ الخَلِيْفَةَ النَّاصِرَ لَمَّا بَلَغَهُ نَهْيُ عَبْدِ المُغِيْثِ عَنْ سَبِّ يَزِيْدَ، تَنَكَّرَ، وَقَصَدَهُ، وَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَتَبَالَهَ عَنْهُ، وَقَالَ: يَا هَذَا! إِنَّمَا قَصَدْتُ كَفَّ الأَلْسِنَةِ عَنْ لَعْنِ الخُلَفَاءِ، وَإِلاَّ فَلَو فَتَحْنَا هَذَا، لَكَانَ خَلِيْفَةُ الوَقْتِ أَحَقَّ بِاللَّعْنِ؛ لأَنه يَفْعَلُ كَذَا، وَيَفْعَلُ كَذَا...، وَجَعَلَ يُعَدِّدُ خَطَايَاهُ، قَالَ: يَا شَيْخُ! ادْعُ لِي، وَقَامَ.
تُوُفِّيَ عَبْدُ المُغِيْثِ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. (21/162)
(41/146)