ابْنُ زُهْرٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الإِيَادِيُّ
 
العَلاَّمَةُ، جَالِيْنُوس زَمَانِهِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ زُهْرِ بنِ عَبْد المَلِكِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَرْوَانَ بنِ زُهْرٍ الإِيَادِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ.
أَخَذَ الطِّبّ عَنْ: جَدِّهِ أَبِي العَلاَءِ، وَعَنْ: أَبِيْهِ، وَبلغ الغَايَة وَالحظّ الوَافر مِنَ اللُّغَة، وَالأَداب، وَالشّعر، وَعلوِّ المرتبَة فِي العلاج عِنْد الدَّوْلَة، مَعَ السّخَاء وَالجُود وَالحِشْمَة.
أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ دِحْيَة، وَأَبُو عَلِيٍّ الشَّلَوْبِيْن.
قَالَ الأَبَّار: كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الجَدِّ يُزكّيه، وَيَحْكِي عَنْهُ أَنَّهُ يَحفظ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مَتْناً وَإِسْنَاداً.
مَاتَ: بِمَرَّاكش، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَوُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: مَكَانه مكين فِي اللُّغَة، وَموردُه معين فِي الطِّبّ، كَانَ يَحفظ شعر ذِي الرُّمَّةِ وَهُوَ ثلث اللُّغَة، مَعَ الإِشرَاف عَلَى جَمِيْع أَقْوَال أَهْل الطِّبّ، مَعَ سموّ النّسب، وَكَثْرَة النّشَب، صَحِبته زَمَاناً، وَلَهُ أَشعَار حلوَة، وَقَدْ رحل أَبُو جدّه إِلَى المَشْرِق، وَوَلِيَ رِيَاسَة الطِّبّ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ بِمِصْرَ، ثُمَّ بِالقَيْرَوَان، ثُمَّ نَزل دَانِيَة، وَطَار ذِكْرُهُ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا يُقَالُ لَهُ: الحَفِيْد، كَمَا يُقَالُ لصديقه ابْن رُشْدٍ: الحَفِيْد، وَكَانَ فِي رُتْبَة الوُزَرَاء. (21/327)
وَقِيْلَ: كَانَ دَيِّناً، عدلاً، قوِيّ النَّفْس، مليح الشّكل، يَجرّ قوساً قويّاً، وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ، فَمِنْهُ:
للهِ مَا فَعَلَ الغَرَامُ بِقَلْبِهِ*أَوْدَى بِهِ لَمَّا أَلَمَّ بلبِّهِ
يَأْبَى الَّذِي لاَ يَسْتَطيع لِعُجبِهِ*رَدَّ السَّلاَمِ وَإِنْ شككْتَ فَعُجْ بِهِ
ظَبْيٌ مِنَ الأَترَاك مَا تَرَكَتْ ضنىً*أَلحَاظُه مِنْ سَلْوَةٍ لِمُحِبِّهِ
إِنْ كُنْت تُنْكِرُ مَا جنَى بِلحَاظِهِ*فِي سَلْبِهِ يَوْم الغُوَيْرِ فَسَل بِهِ
يَا مَا أُمَيْلَحَهُ! وَأَعذَبَ رِيقَهُ! *وَأَعَزَّهُ وَأَذَلَّنِي فِي حُبِّه!
بَلْ مَا أُلَيْطِفَ وَْردَةً فِي خَدِّهِ! *وَأَرَقَّهَا! وَأَشَدَّ قَسْوَةِ قَلْبِهِ!
(41/306)