ابْنُ الحَرَسْتَانِيِّ، عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ
 
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُفْتِي، المُعَمَّر الصَّالِح، مُسْنِدُ الشَّامِ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، قَاضِي القُضَاةِ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَضْلِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الأَنْصَارِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، ابْنُ الحَرَسْتَانِيِّ، مِنْ ذُرِّيَّة سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وُلِدَ: فِي أَحَد الرَّبِيْعين، سَنَة عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَبعدهَا مِنْ: عَبْدِ الكَرِيْمِ بن حَمْزَةَ، وَطَاهِر بن سَهْلٍ، وَجَمَال الإِسْلاَمِ عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، وَالفَقِيْه نَصْر اللهِ بن مُحَمَّدٍ، وَهِبَة اللهِ بن طَاوُوْس، وَعَلِيّ بن قُبَيْس المَالِكِيّ، وَمَعَالِي ابْن الحُبُوْبِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ المُرَادِيّ، وَجَمَاعَة.
وَلَهُ (مَشْيَخَة) فِي جزء مروِيّ.
وَقَدْ أَجَاز لَهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِيّ، وَهِبَة اللهِ بن سَهْلٍ السَّيِّدِيّ، وَزَاهِر بن طَاهِر، وَعَبْد المُنْعِمِ ابْن الأُسْتَاذ أَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيّ، وَإِسْمَاعِيْل القَارِئ، وَطَائِفَة. (22/81)
وَحَدَّثَ (بدَلاَئِل النُّبُوَّة) لِلْبَيْهَقِيّ، وَ(بصَحِيْح مُسْلِم)، وَأَشيَاء.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب، وَأَفتَى وَدرّس، وَعُمَّر دَهْراً، وَتَفَرَّد بِالعَوَالِي.
(42/84)

حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو المَوَاهِبِ بن صصرَى، وَعَبْد الغَنِيِّ المَقْدِسِيّ، وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَالضِّيَاء، وَابْن النَّجَّارِ، وَالبِرْزَالِيّ، وَابْن خَلِيْلٍ، وَالقُوْصِيّ، وَالزَّكِيّ عَبْد العَظِيْمِ، وَكَمَال الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَالنَّجِيْب نَصْر اللهِ الصَّفَّار، وَزَيْن الدِّيْنِ خَالِد، وَالجمَال عَبْد الرَّحْمَنِ بن سَالِمٍ الأَنْبَارِيّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ، وَأَبُو حَامِدٍ ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَالبُرْهَان ابْن الدَّرَجِيِّ، وَيُوْسُف بن تَمَّام، وَأَبُو بَكْرٍ ابْن الأَنْمَاطِيّ، وَمُحَمَّد وَعُمَر ابْنَا عَبْد المُنْعِمِ القَوَّاس، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ العَامِرِيّ، وَالفَخْر عَلِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَان، وَالشَّمْس عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن الزِّين، وَالشَّمْس ابْن الزِّين، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عُمَرَ المِزِّيّ، وَالقَاضِي شَمْس الدِّيْنِ مُحَمَّد بن العِمَادِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ابْن الوَاسِطِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: العِمَاد عَبْد الحَافِظِ بن بَدْرَانَ، وَعَائِشَة بِنْت المجْد. (22/82)
وَكَانَ إِمَاماً، فَقِيْهاً، عَارِفاً بِالمَذْهَبِ، وَرِعاً، صَالِحاً، مَحْمُوْد الأَحكَام، حَسَن السِّيْرَةِ، كَبِيْرَ القَدْرِ.
رَحَلَ إِلَى حَلَب، وَتَفَقَّهَ بِهَا عَلَى المُحَدِّث الفَقِيْه أَبِي الحَسَنِ المُرَادِيّ، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِدِمَشْقَ، نِيَابَة عَنْ أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ، ثُمَّ إِنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاةِ اسْتَقلاَلاً فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَة: هُوَ أَسندُ شَيْخ لقينَا مِنْ أَهْلِ دِمَشْق، حسن الإِنصَات، صَحِيْح السَّمَاع.
(42/85)

وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: دَخَلَ بِهِ أَبُوْهُ مِنْ حرستَا، فَنَزَلَ بِبَابِ تُوْمَا يؤمّ بِمسجد الزَّيْنَبِيّ، ثُمَّ أَمّ فِيْهِ ابْنه جَمَال الدِّيْنِ، ثُمَّ انتقل جَمَالُ الدِّيْنِ فَسَكَنَ بدَاره بِالحُوَيرَة، وَكَانَ يُلاَزم الجَمَاعَة بِمَقْصُوْرَة الخضِر، وَيُحَدِّث هُنَاكَ، وَيَجْتَمِع خلق، مَعَ حسن سَمْته، وَسكونه، وَهيبته، حَدَّثَنِي الشَّيْخ عِزّ الدِّيْنِ بن عَبْدِ السَّلاَمِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَفْقَه مِنْهُ، وَعَلَيْهِ كَانَ ابْتدَاء اشتغَاله، ثُمَّ صَحِبَ فَخْر الدِّيْنِ ابْن عَسَاكِرَ، فَسَأَلته عَنْهُمَا، فَرجّح ابْن الحَرَسْتَانِيّ، وَكَانَ حَفِظ (الوسيط) لِلْغزالِيّ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَلَمَّا وَلِي مُحْيِي الدِّيْنِ القَضَاء لَمْ يَنب ابْن الحَرَسْتَانِيّ عَنْهُ، وَبَقِيَ إِلَى أَنْ وَلاَّهُ العَادل القَضَاء، وَعزل الطَّاهِر، وَأَخَذَ مِنْهُ العَزِيْزِية، وَالتَّقويَّة، فَأَعْطَى العَزِيْزِية ابْن الحَرَسْتَانِيّ مَعَ القَضَاء، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ العَادل، وَكَانَ يَحكم بِالمُجَاهِدية، وَنَاب عَنْهُ وَلده العِمَاد، ثُمَّ ابْن الشِّيْرَازِيّ، وَشَمْس الدِّيْنِ ابْن سَنِيّ الدَّوْلَة، وَبَقِيَ سَنَتَيْنِ وَسَبْعَة أَشهر، وَمَاتَ، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَة عَظِيْمَة، وَقَدِ امْتَنَع مِنَ القَضَاء، فَأَلحُّوا عَلَيْهِ، وَكَانَ صَارِماً، عَادِلاً، عَلَى طرِيقَة السَّلَف فِي لباسه وَعفته. (22/83)
(42/86)