الرَّحْبِيُّ، رَضِيُّ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ حَيْدَرَةَ بنِ حَسَنٍ
 
البَارِعُ، العَلاَّمَةُ، إِمَامُ الطِّبِّ، رَضِيُّ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ حَيْدَرَةَ بنِ حَسَنٍ الرَّحْبِيُّ، الحَكِيْمُ.
كَانَ أَبُوْهُ كَحَّالاً مِنْ أَهْلِ الرَّحبَةِ، فَوُلِدَ لَهُ يُوْسُفُ بِالجَزِيْرَةِ العُمَرِيَّةِ، وَأَقَامَ بِنَصِيْبِيْنَ مُدَّة، وَبِالرَّحْبَة، ثُمَّ قَدِمَا دِمَشْقَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ يُوْسُفُ عَلَى الدَّرسِ وَالنَّسخِ وَمُعَالَجَةِ المَرْضَى، وَلاَزَمَ المُهَذَّبَ ابْنَ النَّقَّاشِ، وَبَرَعَ، فَنَوَّهَ المُهَذَّبُ بِاسْمِهِ، وَحَسُنَ مَوقِعُهُ عِنْدَ السُّلْطَان صَلاَحِ الدِّيْنِ، وَقَرَّرَ لَهُ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً عَلَى القَلْعَةِ وَالبيمَارستَانِ، وَاسْتمرَّتْ عَلَيْهِ حَتَّى نَقَّصَهَا المُعَظَّمُ، وَلَمْ يَزَلْ مُبَجَّلاً فِي الدَّوْلَةِ.
وَكَانَ رَئِيْساً، عَالِيَ الهِمَّةِ، كَثِيْرَ التَّحْقِيْقِ، فِيْهِ خَيْرٌ وَعدمُ شَرٍّ، تَصَدَّرَ لِلإِفَادَةِ، وَخَرَّجَ لَهُ عِدَّةُ أَطبَاءٍ كِبَارٍ. (22/372)
وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ: المُهَذَّبُ الدّخوَار.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ فِي (تَارِيْخِهِ): حَدَّثَنِي رَضِيُّ الدِّيْنِ الرَّحْبِيُّ، قَالَ: جَمِيْع مَنْ قرَأَ عَلَيَّ سُعِدُوا، وَانتفعَ النَّاسُ بِهِم، وَكَانَ لاَ يُقرِئُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
بَلَى، قرَأَ عَلَيْهِ مِنْهُم عِمْرَانُ اليَهُوْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ السَّامِرِيُّ تَشَفَّعَا إِلَيْهِ، وَكُلّ مِنْهُمَا برع.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ: قَرَأْت عَلَيْهِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ كُتُباً، وَانتَفَعتُ بِهِ، وَكَانَ مُحِبّاً لِلتِّجَارَةِ، مُغْرَىً بِهَا، وَيُرَاعِي مِزَاجَهُ، وَلاَ يَصعَدُ فِي سُلَّمٍ، وَلَهُ بُستَانٌ، وَكَانَ الوَزِيْرُ ابْنُ شُكْرٍ يَلزمُ أَكلَ الدَّجَاجِ حَتَّى شَحَبَ لَونُه، فَقَالَ لَهُ الرَّضِيُّ: الزمْ لَحمَ الضَأْنِ.
فَفَعَل، فَظَهَرَ دَمُهُ.
مَاتَ: يَوْم عَاشُورَاءَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، وَخَلَّف ابْنَيْنِ طَبِيْبَيْنِ: شَرَفَ الدِّيْنِ عَلِيّاً، وَجَمَالَ الدِّيْنِ عُثْمَانَ. (22/373)
(42/410)