باب منه
 
روى من حديث ابن لهيعة ، عن بكير بن الأشج ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته ، قيل يجوز أن يكون الميت يبلغ من أفعال الأحياء و أقوالهم ما يؤذيه في قبره ، بلطيفة يحدثها لهم : من ملك يبلغ ، أو علامة ، أو دليل ، أو ما شاء الله ، و هو القادر على ما يشاء .
و روي عن عروة قال : وقع رجل في علي رضي الله عنه عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : ما لك قبحك الله : لقد آذيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في قبره .
قال علماؤنا : ففي هذا الحديث زجر عن سوء القول في الأموات .
و في الحديث : أنه نهى عن سب الأموات و زجر عن فعل ما كان يسؤوهم في حياتهم ، و فيه أيضاً زجر عن عقوق الآباء و الأمهات بعد موتهما بما يسؤوهما من فعل الحي .
فقد روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يهدي لصدائق خديجة صلة منه لها وبراً و إذا كان الفعل صلة وبراً كان ضده عقوبة و قطيعاً و عقوقاً . و قيل : يجوز أن يكو ن معنى الحديث : الميت يؤذيه في قبره من كان يؤذيه في بيته إذا كان حياً فيكون [ ما ] بمعنى [ من ] و يكون ذلك مضمراً في الكلام ن و الإشارة إلى الملك الموكل بالإنسان .
فقد ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم : إن الملك يتباعد عن الرجل عند الكذبة يكذبها ميلين من نتن ما جاء به و كذلك كل معصية لله تؤذي الملك الموكل به . فيجوز أن يموت العبد و هو مصر على معاصي الله غير تائب منها و لا مكفر عنه خطاياه فيكون تمحيصه و تطهيره فيما يلحقه من الأذى من تغليظ الملك إياه أو تفريعه له و الله سبحانه و تعالى أعلم .