باب بسط الثوب على القبر عند الدفن
 
أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم تبع جنازة ، فلما صلى عليها دعا بثوب فبسط على القبر و هو يقول : لا تتطلعوا في القبر فإنها أمانة فلعسى يحل العقدة فيرى حية سوداء متطوقة في عنقه فإنها أمانة و لعله يؤمر به فيستمع صوت السلسلة .
و ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن الشعبي عن رجل أن سعد بن مالك ، قال : أمر النبي صلى الله عليه و سلم بثوب فستر على القبر حين دفن سعد بن معاذ ، قال : و قال سعد : إن النبي صلى الله عليه و سلم نزل في قبر سعد بن معاذ و ستر على القبر بثوب فكنت فيمن أمسك الثوب .
فصل : اختلف العلماء في هذا الباب ، فكان عبد الله بن يزيد و شريح و أحمد بن حنبل يكرهون مد الثوب على الرجل ، و كان أحمد و إسحاق يختاران أن يفعل ذلك بقبر المرأة ، و كذلك قال أصحاب الرأي ، و لا يضر عندهم أن يفعلوا ذلك بقبر الرجل .
و قال أبو ثور : لا بأس بذلك في قبر الرجل و المرأة . و كذلك قال الإمام الشافعي و ستر المرأة عند ذلك آكد من ستر الرجل . ذكره ابن المنذر .
قال الشيخ المؤلف رحمه الله : و يستر الرجل و المرأة للعلة التي جاءت في حديث أنس اقتداء بفعله عليه السلام في ستر سعد بن معاذ و الله أعلم .
و لقد أخبرني بعض أصحابنا : أنه سمع صوت جو السلسلة في قبر . و أخبرني صاحبنا الفقيه العالم شيخ الطريقة أبو عبد الله محمد بن أحمد القصري رحمه الله أنه توفي بعض الولاة بقسطنطينة فحفر له ، فلما فرغوا من الحفر و أرادوا أن يدخلوا الميت القبر إذا بحية سوداء داخل القبر ، فهابوا أن يدخلوه فيه فحفروا له قبراً آخراً ، فلما أرادوا أن يدخلوه إذ بتلك الحية فيه فحفروا له قبرا آخر فإذا بتلك الحية فلم يزالوا يحفرون له نحواً من ثلاثين قبراً و إذا بتلك الحية تتعرض لهم في القبر الذي يريدون أن يدفنوه فيه ، فلما أعياهم ذلك سألوا ما يصنعون ؟ فقيل لهم : ادفنوه معها . نسـأل الله السلامة و الستر في الدنيا و الآخرة .