باب ما جاء في ضغط القبر على صاحبه و إن كان صالحاً
 

النسائي عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : هذا الذي تحرك له عرش الرحمن و فتحت له أبواب السماء ، و شهده سبعون ألفاً من الملائكة ، لقد ضم ضمة ثم فرج عنه قال أبو عبد الرحمن النسائي يعني سعد بن معاذ .
و من حديث شعبة بن الحجاج بإسناده إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ .
و ذكر هناد بن السرى ، حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن ابن أبي ملكية قال : ما أجير من ضغطة القبر أحد . و لا سعد بن معاذ . الذي منديل من مناديله خير من الدنيا و ما فيها . قال : و حدثنا عبدة بن عبيد الله بن عمر عن نافع قال : و لقد بلغني أنه شهد جنازة سعد بن معاذ سبعون ألف ملك . لم ينزلوا إلى الأرض قط .
و لقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لقد ضم صاحبكم في القبر ضمة .
و خرج علي بن معبد في كتاب الطاعة و المعصية عن نافع قال : أتينا صفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر و هي فزعة . فقلنا : ما شأنك ؟ قالت : جئت من عند بعض نساء النبي صلى الله عليه و سلم ، فحدثتني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن كنت لأرى أن أحداً لو أعفي من عذاب القبر ، لأعفي منه سعد بن معاذ لقد ضم فيه ضمة .
و خرج أيضاً عن زاذان أن أبي عمر قال : لما دفن رسول الله صلى الله عليه و سلم ابنته زينب جلس عند القبر فتربد وجهه ، ثم سرى عنه فقال له أصحابه : رأينا وجهك يا رسول الله تربد آنفاً ، ثم سرى عنك . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ذكرت ابنتي و ضعفها ، و عذاب القبر فدعوت الله ففرج عنها ، و أيم الله لقد ضمت ضمة سمعها ما بين الخافقين .
و خرج أيضاً بسنده عن إبراهيم الغنوي عن رجل . قال : كنت عند عائشة فمرت جنازة صبي صغير فبكت . فقلت لها : ما يبكيك يا أم المؤمنين ؟ فقالت : هذا الصبي بكيت له شفقة عليه من ضمة القبر .
قلت : و هذا الخبر ، و إن كان موقوفاً على عائشة رضي الله عنه . فمثله لا يقال من جهة الرأي .
و قد روى عمر بن شبة في كتاب المدينة ـ على سكانها السلام ـ في ذكر وفاة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : بينما هو صلى الله عليه و سلم في أصحابه أتاه آت . فقال : إن أم علي و جعفر و عقيل قد ماتت . فقال : قوموا بنا إلى أمي قال : فقمنا كأن على رؤوسنا الطير . فلما انتهينا إلى الباب نزع قنيصه و قال : إذا كفنتموها فأشعروه إياه تحت أكفانها فلما خرجوا بها جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم مرة يحمل ، و مرة يتقدم . و مرة يتأخر حتى انتهينا بها إلى القبر فتمعك في اللحد . ثم خرج و قال : أدخلوها بسم الله . و على اسم الله فلما دفنوها قام قائماً و قال : جزاك الله من أم . و ربيبة خيراً و سألناه عن نزع قميصه ، و تمعكه في اللحد ؟ فقال : أردت أن لا تمسها النار أبداً . إن شاء الله تعالى . و أن يوسع الله عليها قبرها و قال : ما عفى أحد من ضغطة القبر ، إلا فاطمة بنت أسد قيل يا رسول الله : و لا القاسم ابنك ؟ قال : و لا إبراهيم و كان أصغرهما ، و رواه أبو نعيم الحافظ عن عاصم الأحول عن أنس بمعناه . و ليس فيه السؤال بتمعكه إلى آخره .
قال أنس : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فجلس عند رأسها . فقال : رحمك الله يا أمي . كنت أمي بعد أمي . تجوعين و تشبعينني . و تعرين و تكسونني . و تمنعين نفسك طيب الطعام . و تطعمينني . تريدين بذلك وجه الله و الدار الآخرة . ثم أمر أن تغسل ثلاثاً فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده ، ثم خلع رسول الله صلى الله عليه و سلم قميصه و ألبسها إياه و كفنها فوقه . ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم : أسامة بن زيد و أبا أيوب الأنصاري ، و عمر بن الخطاب و غلاماً أسود يحفرون قبرها ، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أخرج ترابه بيده ، فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم فاضطجع فيه ثم قال : الحمد لله الذي يحيي و يميت ، و هو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد و لقنها حجتها و وسع عليها مدخلها بحق نبيك و الأنبياء الذين من قبلي إنك أرحم الراحمين و كبر عليها أربعاً و أدخلها اللحد هو و العباس و أبو بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين .