باب في نسيان أهل الميت ميتهم و في الأمل و الغفلة
 
أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن مشيعي الجنازة قد وكل بهم ملك فهم مهتمون محزنون حتى إذا أسلموه في ذلك القبر ، و رجعوا راجعين أخذ كفاً من تراب فرمى به و هو يقول : ارجعوا إلى دياركم أنساكم الله موتاكم فينسون ميتهم و يأخذون في شرائهم و بيعهم كأنهم لم يكونوا منه و لم يكن منهم .
و يروى أن الله عز و جل لما مسح على ظهر آدم عليه السلام فاستخرج ذريته قالت الملائكة : رب لا تسعهم الأرض قال الله تعالى : إني جاعل موتاً : قالت : رب لا يهنيهم العيش . قال : إني جاعل أملاً : فالأمل رحمة من الله تعالى ينتظم به أسباب المعاش . و يستحكم به أمور الدنيا . و يتقوى به الصانع على صنعته . و العابد على عبادته ، و إنما يدم من الأمل ما امتد و طال ، حتى أنسى العاقبة ، و ثبط عن صالح الأعمال . قال الحسن : الغفلة و الأمل : نعمتان عظيمتان على ابن آدم . و لولاهما ما مشى المسلمون في الطرق . يريد لو كانوا من التيقظ و قصر الأمل و خوف الموت بحيث لا ينظرون إلى معاشهم . و ما يكون سبباً لحياتهم . لهلكوا . و نحوه . قال مطرف بن عبد الله : لو علمت متى أجلي ؟ لخشيت ذهاب عقلي . و لكن الله سبحانه من على عباده بالغفلة عن الموت . و لولا الغفلة ما تهنوا بعيش و لا قامت بينهم الأسواق .