باب ما جاء في تطاير الصحف عند العرض و الحساب
 
باب ما جاء في تطاير الصحف عند العرض و الحساب و إعطاء الكتب باليمين و الشمال و من أول من يأخذ كتابه بيمينه من هذه الأمة ، و في كيفية و قوفهم للحساب و ما يقبل منهم من الأعمال ، و في دعائهم بأسماء آباهم و بيان قوله يوم ندعوا كل أناس بإمامهم و في تعظيم خلق الإنسان الذي يدخل الناس به النار أو الجنان و ذكر القاضي العدل و من نوقش عذب .
قال الترمذي : و روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : [ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر و إنما يخف الحساب على من حاسب نفسه في الدنيا ] و قال عطاء الخراساني : يحاسب العبد يوم القيامة عند معارفة ليكون أشد عليه . ذكره أبو نعيم .
البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من حوسب يوم القيامة عذب . قالت فقلت يا رسول الله : أليس قد قال الله فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حساباً يسيراً ؟ فقال : ليس ذلك الحساب إنما ذلك عرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب أخرجه مسلم و الترمذي و قال : حديث حسن صحيح .
أبو داود الطيالسي قال : حدثنا عمر بن العلاء اليشكري قال : حدثني صالح بن طبرج عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت عائشة رضي الله عنها تقول و ذكر عندها القضاة ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط .
الترمذي عن الحسن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال : رسول الله صلى الله عليه و سلم ، تعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال و معاذير فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فأخذ بيمينه و أخذ بشماله قال أبو عيسى و لا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه ، و قد رواه بعضهم عن علي الرفاعي عن الحسن عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم .
قلت : قوله وقد رواه بعضهم هو وكيع بن الجراح . ذكره ابن ماجه قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا و كيع عن علي بن علي فذكره .
قال الترمذي :
و تكلم يحيى بن سعيد القطان في علي بن علي ، و خرجه أبو بكر البزار أيضاً عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ، و أما الثالثة فتطاير الكتب يميناً و شمالاً .
و ذكره الترمذي الحكيم في الأصل السادس و الثمانين قال : فروى لنا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : أن الناس يعرضون ثلاث عرضات يوم القيامة ، فأما عرضتان فجدال و معاذي ، و أما العرضة الثالثة فتطاير الصحف فالجدال لأهل الأهواء يجادلون لأنهم لا يعرفون ربهم فيظنون أنهم إذا جادلوه نجوا و قامت حجتهم ، و المعاذير لله تعالى يعتذر الكريم إلى آدم و إلى أنبيائه و يقيم حجته عندهم على الأعداء ، ثم يبعثهم إلى النار ، فإنه يجب أن يكون عذره عند أنبيائه و أوليائه ظاهراً حتى لا تأخذهم الحيرة ، و لذلك قيل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا أحد أحب إليه المدح من الله و لا أحد أحب إليه العذر من الله ، و العرضة الثالثة للمؤمنين و هو العرض الأكبر يخلو بهم فيعاتبهم في تلك الخلوات من يريد أن يعاتبهم حتى يذوق و بال الحياء و يرفض عرقاً بين يديه و يفيض العرق منهم على أقدامهم من شدة الحياء ، ثم يغفر لهم و يرضى عنهم .
و ذكر أبو جعفر العقيلي من حديث نعيم بن سالم ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الكتب كلها تحت العرش فإذا كان يوم الموقف بعث الله ريحاً فتطيرها بالإيمان و الشمائل أول خط فيها : اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً .
أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت : ذكرت النار فبكيت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يبكيك ؟ قلت : ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة ؟ فقال : أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحداً . عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل ، و عند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله من وراء ظهره ، و عند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم حتى يجوز .
و ذكر أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب ، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه و له شعاع كشعاع الشمس فقيل له : أين يكون أبو بكر يا رسول الله ؟ قال : هيهات زفته الملائكة إلى الجنان .
و خرج الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن منده في كتاب التوحيد له عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الله تبارك و تعالى ينادي يوم القيامة بصوت رفيع غير فظيع : يا عبادي أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين و أحكم الحاكمين و أسرع الحاسبين ، يا عبادي لا خوف عليكم اليوم و لا أنتم تحزنون ، أحضروا حجتكم و يسروا جوابكم ، فإنكم مسؤلون محاسبون ، يا ملائكتي أقيموا عبادي طفوفاً على أطراف أنامل أقدامهم للحساب .
و أسند سمرة بن عطية قال : يؤتى بالرجل يوم القيامة للحساب ، و في صحيفته أمثال الجبال من الحسنات ، فيقول رب العزة تبارك و تعالى : صليت يوم كذا و كذا ، ليقال : فلان صلى ، أنا الله لا إله إلا أنا ، لي الدين الخالص ، صمت يوم كذا و كذا ، ليقال : صام فلان ، أنا الله لا إله إلا أنا ، لي الدين الخالص ، تصدقت يوم كذا و كذا ليقال : تصدق فلان ، أنا الله لا إله إلا أنا ، لي الدين الخالص ، فما زال يمحى شيء بعد شيء حتى تبقى صحيفته ما فيها شيء ، فيقول ملكاه : ألغير الله كنت تعمل ؟
قلت : و مثل هذا لايقال من جهة الرأي فهو مرفوع ، و قد رفع معناه الدار قطني في سننه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يجاء يوم القيامة بصحف مختومة فتنصب بين يدي الله عز و جل فيقول الله تعالى : ألقوا هذا و اقبلوا هذا ، فتقول الملائكة : و عزتك ما رأينا إلا خيراً فيقول الله عز و جل ـ و هو أعلم ـ : إن هذا كان لغيري و لا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي . خرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه بمعناه على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى : يوم ندعوا كل أناس بإمامهم قال : يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ، و يمد له في جسمه ستون ذراعاً ، و يبيض و جهه ، و يجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ فبنطلق إلى أصحابه فيرونه من بعد ، فيقولون : اللهم آتنا بهذا و بارك لنا في هذا حتى يأتيهم ، و يقول : أبشروا لكل مسلم مثل هذا ، قال : و أما الكافر فيسود و جهه و يمد في جسمه ستون ذراعاً على صورة آدم ، و يلبس تاجاً من نار فيراه أصحابه فيقولون : نعوذ بالله من شر هذا ، اللهم لا تأتنا بهذا قال : فيأتيهم فيقولون : اللهم اخزه ، فيقول : أبعدكم الله ، فإن لكل رجل منكم مثل هذا ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .
و روي أن عيسى عليه السلام مر بقبر فوكزه برجله و قال : يا صاحب هذا القبر قم بإذن الله فقام إليه رجل ، و قال : ياروح الله ما الذي أردت فإني لقائم في الحساب منذ سبعين سنة حتى أتتني الصيحة الساعة أن أجب روح الله ، فقال عيسى : يا هذا لقد كنت كثير الذنوب و الخطايا ما كان عملك ؟ فقال : و الله يا روح الله ما كنت إلا حطاباً أحمل الحطب على رأسي آكل حلالاً و أتصدق ، فقال عيسى : يا سبحان الله حطاباً يحمل الحطب على رأسه ، يأكل حلالاً و يتصدق ، و هو قائم في الحساب منذ سبعين سنة ، ثم قال له : يا روح الله كان من توبيخ ربي لي أن قال : اكتراك عبدي لتحمل له حزمة ، فأخذت منها عوداً فتخللت به و ألقيته في غير مكانه امتهاناً منك بي ، و أنت تعلم أني أنا الله المطلع عليك و أراك .
فصل : قال الله تعالى و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه قال الزجاج : ذكر العنق عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة للعنق . و قال إبراهيم بن أدهم كل آدمي في عنقه قلادة يكتب فيها نسخة عمله فإذا مات طويت و إذا بعث نشرت و قيل له اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً و قال ابن عباس رضي الله عنه : طائره عمله و نخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً قال الحسن : يقرأ الإنسان كتابه أمياً كان أو غير أمي .
و قال أبو السوار العدوي : و قرأ هذه الآية و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه قال : هما نشرتان و طية أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت فإذا مت طويت ، حتى إذا بعثت نشرت اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً فإذا وقف الناس على أعمالهم من الصحف التي يؤتونها بعد البعث حوسبوا بها . قال الله تعالى فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حساباً يسيراً . فدل على أن المحاسبة تكون عند إتيان الكتب ، لأن الناس إذا بعثوا لا يكون ذاكرين لأعمالهم . قال الله تعالى يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله و نسوه .
و قد تقدم القول في محاسبة الله تعالى لخلقه في يوم الحساب من أسماء القيامة فإذا بعثوا من قبورهم إلى الموقف و قاموا فيه ما شاء تعالى على ما تقدم حفاة عراة و جاء و قت الحساب يريد الله أن يحاسبهم فيه أمر بالكتب التي كتبها الكرام الكاتبون بذكر أعمال الناس فأوتوها ، فمنهم من يؤتى كتابه بيمينه فأولئك هم السعداء ، و منهم من يؤتى كتابه بشماله أو من وراء ظهره و هم الأشقياء ، فعند ذلك يقرأ كل كتابه و أنشدوا :
مثل و قوفك يوم العرض عرياناً مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا
و النار تلهب من غيظ و من حنق على العصاة و رب العرش غضبانا
اقرأ كتابك ياعبدي على مهل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا
لما قرات و لم تنكر قراءته إقرار من عرف الأشياء عرفاناً
نادى الجليل : خذوه يا ملائكتي و امضوا بعبد عصى للنار عطشانا
المشركون غداً في النار يلتهبوا و المؤمنون بدار الخلد سكانا
فتوهم نفسك يا أخي إذا تطايرت الكتب و نصبت الموازين و قد نوديت باسمك على رؤوس الخلائق أين فلان ابن فلان هلم إلى العرش على الله تعالى و قد وكلت الملائكة بأخذك فقربتك إلى الله لا يمنعها اشتباه الأسماء باسمك و اسم أبيك إذ عرفت أنك المراد بالدعاء إذ قرع النداء قلبك ، فعلمت أنك المطلوب ، فارتعدت فرائصك ، و اضطربت جوارحك ، و تغير لونك ، و طار قلبك . تحظى بك الصفوف إلى ربك للعرض عليه و الوقوف بين يديه ، و قد رفع الخلائق إليك أبصارهم و أنت في أيديهم و قد طار قلبك و اشتد رعبك لعلمك أين يراد بك .
فتوهم نفسك و أنت بين يدي ربك في يدك صحيفة مخبرة بعملك لا تغادر بلية كتمتها و لا مخبأة أسررتها ، و أنت تقرأ ما قيها بلسان كليل و قلب منكسر و الأهوال محدقة بك من بين يديك و من خلفك ، فكم من بلية قد كنت نسيتها ذكرتها ، و كم من شيئة قد كنت أخفيتها قد أظهرها و أبداها ، و كم من عمل ظننت أنه سلم لك و خلص فرده عليك في ذلك الموقف و أحبطه بعد أن كان أملك فيه عظيماً ، فيا حسرة قلبك و يا أسفك على ما فرطت فيه من طاعة ربك فأما من أوتي كتابه بيمينه فعلم أنه من أهل الجنة فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه و ذلك حين يأذن الله فيقرأ كتابه .
فإذا كان الرجل رأساً في الخير يدعوا إليه و يأمر به و يكثر تبعه عليه دعي باسمه و اسم أبيه فيتقدم ، حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض في باطنه السيئات و في ظاهره الحسنات ، فيبدأ بالسيئات فيقرؤها فيشفق و يصفر وجهه و يتغير لونه ، فإذا بلغ آخر الكتاب و جد فيه هذه سيئاتك و قد غفرت لك ، فيفرح عند ذلك فرحاً شديداً ، ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته فلا يزداد إلا فرحاً ، حتى إذا بلغ آخر الكتاب و جد فيه هذه حسناتك قد ضوعفت لك فيبيض و جهه ، و يؤتى بتاج فيوضع على رأسه و يكسى حلتين و يحلى كل مفصل فيه و بطول ستين ذراعاً و هي قامة آدم و يقال له : انطلق إلى أصحابك فبشرهم و أخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا فإذا أدبر قال هاؤم اقرؤوا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه قال الله تعالى فهو في عيشة راضية أي مرضية قد رضيها في جنة عالية في السماء قطوفها ثمارها و عناقيدها دانية أدنيت منهم فيقول لأصحابه هل تعرفونني ؟ فيقولون قد غمرتك كرامة الله من أنت فيقول أنا فلان ابن فلان ليبشر كل رجل منكم بمثل هذا كلوا و اشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية أي قدمتم في أيام الدنيا .
و إذا كان الرجل رأساً في الشر يدعو إليه و يأمره به فيكثر تبعه عليه و نودي باسمه و اسم أبيه ، فيتقدم إلى حسابه فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في باطنه الحسنات و في ظاهره السيئات ، فيبدأ بالحسنات فيقرؤها و يظن أنه سينجو ، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه : هذه حسناتك و قد ردت عليك ، فيسود وجهه و يعلوه الحزن و يقنط من الخير ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزناً و لا يزداد و جهه إلا سوداً ، فإذا بلغ آخر الكتاب و جد فيه : هذه سيئاتك و قد ضوعفت عليك أي يضاعف عليه العذاب ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل . قال : فينظر إلى النار و تزرق عيناه و يسود و جهه و يكسى سرابيل القطران ، و يقال له : انطلق إلى أصحابك فأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا فينطلق و هو يقول : يا ليتني لم أوت كتابيه * و لم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية يعني الموت هلك عني سلطانيه تفسير ابن عباس رضي الله عنهما هلكت عني حجتي . قال تعالى خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه أي اجعلوه يصلى الجحيم ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه و الله أعلم بأي ذراع . قال الحسن و قال ابن عباس رضي الله عنهما : سبعون ذراعاً بذراع الملك . و سيأتي في كتاب النار لهذه السلسلة مزيد بيان . فاسلكوه فيها أي تدخل من فيه حتى تخرج من دبره قاله الكلبي ، و قيل : بالعكس . و قيل : يدخل عنقه فيها ثم يجر بها و لو أن حلقة منها وضعت على جبل لأذابته فينادي أصحابه فيقول هل تعرفونني فيقولون لا ولكن قد نرى ما بك من الخزي فمن أنت فيقول أنا فلان ابن فلان لكل إنسان منكم مثل هذا .
و أما من أوتي كتابه وراء ظهره فتخلع كتفه اليسرى فتجعل يده خلفه فيأخذ بها كتابه ، و قال مجاهد : يحول مجاهد و جهه في موضع قفاه فيقرأ كتابه كذلك . فتوهم نفسك إن كنت من السعداء و قد خرجت على الخلائق مسرور الوجه قد حل لك الكمال و الحسن و الجمال كتابك في يمينك آخذ بضبعيك ملك ينادي على رؤوس الخلائق هذا فلان ابن فلان سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً .
أما إن كنت من أهل الشقاوة فيسود و جهك و تتخطى الخلائق . كتابك في شمالك أو من وراء ظهرك تنادي بالويل و الثبور و ملك آخذ بضبيعك ينادي على رؤوس الخلائق ألا إن فلان ابن فلان شقي شقاوة لا يسعد بعدها أبداً .
قلت : قوله ألا إن فلان ابن فلان دليل على أن الإنسان يدعى في الآخرة باسمه و اسم أبيه ، و قد جاء صريحاً من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم و أسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم . خرجه أبو نعيم الحافظ . قال حدثنا أبو عمر بن حمدان قال حدثنا الحسن بن سفيان قال : حدثنا زكريا بن يحي قال : حدثنا هشيم عن داود بن عمر عن عبد الله بن أبي زكريا عن أبي الدرداء فذكره .