باب ما جاء في الشهداء عند الحساب
 
قال العلماء : و تكون المحاسبة بمشهد من النبيين و غيرهم قال الله تعالى و جيء بالنبيين و الشهداء و قضي بينهم بالحق و قال فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد و جئنا بك على هؤلاء شهيدا . و شهيد كل أمة نبيها . و قيل إنهم كتبة الأعمال و هو الأظهر فتحضر الأمة و رسولها ، فيقال للقوم : ماذا أجبتم المرسلين ، و يقال للرسل ماذا أجبتم ؟ فتقول الرسل لا علم لنا على ما تقدم في الباب قبل ، ثم يدعى كل واحد على الانفراد فالشاهد عليه صحيفة عمله و كاتبها فإنه قد أخبر في الدنيا أن عليه ملكين يحفظان أعماله و ينسخانها .
و ذكر أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة أن المنادي ينادي من قبل الله لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ، فيستخرج لهم كتاب عظيم يسد ما بين المشرق و المغرب فيه جميع أعمال الخلائق فما صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضراً و لا يظلم ربك أحداً ، و ذلك أن أعمال الخلائق تعرض على الله في كل يوم فيأمر الكرام البررة أن ينسخوها في ذلك الكتاب العظيم و هو قوله تعالى إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ثم ينادي بهم فرداً فرداً فيحاسب كل واحد منهم ، فإذا الأقدام تشهد و اليدان . و هو قوله تعالى يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون و قد جاء في الخبر أن رجلاً منهم يوقف بين يدي الله تبارك و تعالى فيقول له : يا عبد السوء كنت مجرماً عاصياً ، فيقول : ما فعلت ؟ فيقال له : عليك بينة فيؤتى بحفظته فيقول كذبوا علي فتشهد جوارحه عليه فيؤمر به إلى النار ، فيجعل يلوم جوارحه ، فتقول له : ليس عن اختيارنا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء و قد تقدم هذا المعنى مستوفى ، وتقدم أن الأرض و الأيام و الليالي و المال ممن تشهد ، و إذا قال الكافر لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني ختم علي فيه فتشهد أركانه كما تقدم .