باب فيمن يدخل الجنة بغير حساب
 
مسلم عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : هم الذين لا يسترقون و لا يتطيرون و لا يكتوون و على ربهم يتوكلون .
الترمذي عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً لا حساب عليهم و لا عذاب مع كل ألف سبعون ألفاً و ثلاث حثيات من حثيات ربي . قال الترمذي : هذا حديث غريب و قد أخرجه ابن ماجه أيضاً .
و خرج أبو بكر البزار من حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاً مع كل واحد من السبعين ألفاً سبعون ألفاً . و خرج أيضاً هو و أبو عبد الله الحكيم الترمذي ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الله أعطاني سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب فقال عمر : يا رسول الله فهلا استزدته ؟ قال : استزدته فأعطاني مع كل من السبعين ألفاً سبعين ألفاً فقال عمر : يا رسول الله فهلا استزدته ؟ قال : لقد استزدته فأعطاني هكذا و فتح أبو وهب يديه . قال أبو وهب قال هشام هذا من الله لا يدري ما عدده .
و خرج الترمذي الحكيم أيضاً ، عن نافع أن أم قيس حدثته أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج آخذاً بيدها في سكة من سكك المدينة حتى انتهى بها إلى بقيع الغرقد فقال يبعث من ها هنا سبعون ألفاً يوم القيامة في صورة القمر ليلة البدر يدخلون الجنة بغير حساب فقام رجل فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : أنت منهم فقام آخر . فقال يا رسول الله : ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : سبققك بها عكاشة . قال أبو عبد الله فهذا العدد من مقبرة واحدة ، فكيف بسائر مقابر أمته ، و إنما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنت منهم كأنه رأى فيه أنه منهم ، و الآخر لم يره بموضع ذلك فقال سبقك بها عكاشة ، و أم قيس هي بنت محصن أخت عكاشة بن محصن الأسدي .
قلت : خرجه مسلم في صحيحه بمعناه .
فصل : لا تظن أن من استوفى و اكتوى لا يدخل الجنة بغير حساب ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم رقى نفسه و أمر بالرقي و كذلك كوى أصحابه و نفسه فيما ذكر الطبري و غيره ، فمحمل النبي عن رقى مخصوصة بدليل قول رسول الله صلى الله عليه و سلم لآل عمرو بن حزم اعرضوا على رقابكم لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك و كذلك الكي الذي لا يوجد عنه غني فمن فعله في محله و على شرطه لم يكن ذلك مكروهاً في حقه و لا منقصاً له من فضله ، و يجوز أن يكون من السبعين ألفاً ، و قد كوى النبي صلى الله عليه و سلم نفسه فيما ذكره الطبري في كتاب آداب النفوس له . ذكره الحليمي في كتاب المنهاج في الدين له .
و اختلفت الرواية في الكي ، فروي أن النبي صلى الله عليه و سلم اكتوى من الكلم الذي أصابه في وجهه يوم أحد ، و كوى سعد بن زرارة من الشوكة ، و كوى سعد بن معاذ الذي اهتز لموته عرش الرحمن و أبي بن كعب المخصوص بأنه أقرأ الأمة للقرآن ، و قد اكتوى عمران بن حصين و قطع رجله عروة بن الزبير ، فمن اعتقد أن هؤلاء لا يصلحوا أن يكونوا من السبعين ألفاً ففساد كلامه لا يخفى .


الموضوع التالي


باب منه